فاضل المناصفة يكتب:

هل يصطدم محور المقاومة الإيراني بحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي؟

شهد عام 2022 عودة العلاقات بين حركة حماس والنظام السوري إثر سلسلة من الاتصالات السرية التي عقدت على مستويات عالية برعاية إيران، بعد عقد من القطيعة، وهي خطوة قد تكون لها تداعيات إقليمية كبيرة، ورسالة لإسرائيل بأن إيران لم تستسلم وأن اتفاقيات إبراهيم لا تعني انتهاء محور المقاومة الممتد من طهران عبر دمشق إلى جنوب لبنان وانتهاء بغزة.

كان لإيران دور كبير في تلك المصالحة، حتى وإن كانت على شكل إملاءات على نظام الأسد الذي لا يمكنه رفض مطالب طهران الداعمة بالمال، حيث قدمت دعما تجاوز 20 مليار دولار أميركي منذ بداية الأحداث سنة 2011، كما ساندت قوات الأسد بالميليشيات، وساهمت في إنقاذ النظام من السقوط. ليس هذا فحسب، بل إن في عودة العلاقات بين حماس وسوريا فائدة لبشار الأسد أيضا الذي يحتاج إلى استرجاع حليف يعمل ضد مصالح إسرائيل والولايات المتحدة وإحداث خلل في توازن علاقات الحركة مع قطر التي تعارض بقاء الأسد في السلطة.

الأسد وإن أظهر تجاوبا مع مطالب إيران، إلا أنه وضع جملة من الشروط من بينها استبعاد قياديين في الحركة من دخول سوريا، وأبرزهم خالد مشعل، وبرر النظام ذلك على لسان صحيفة “الوطن” السورية بأن سوريا تميز بين “الجناح المقاوم والجناح الإخواني” للحركة، وهو ما يؤكد أن تجاوب الأسد ما هو إلا قرار لوجيستي لتعزيز التحالفات في المنطقة، ولا يعني بالضرورة عودة المياه إلى مجاريها.

الأسد وإن أظهر تجاوبا مع مطالب إيران، إلا أنه وضع جملة من الشروط من بينها استبعاد قياديين في الحركة من دخول سوريا، وأبرزهم خالد مشعل

تحرك حماس كان مدفوعًا بالتحولات الإقليمية في المنطقة بدءا بموجة التطبيع التي عرفتها المنطقة إلى تغيير الموقف التركي في قضايا إقليمية أساسية، لاسيما فيما يتعلق بتغير موقف أنقرة من النظام السوري ودول المنطقة التي لا تلتقي مع مصالح حماس. علاوة على ذلك، استشعرت الحركة مخاطر التطورات الإقليمية المتعلقة بالتقارب التركي – الإسرائيلي والذي يستدعي إيجاد بديل تحسبا لتراجع الدعم التركي الذي تتمتع به الحركة حاليا.

لم تستسغ قطر تلك التحولات التي حصلت في موقف حماس من نظام الأسد، وهي التي كانت تصر دائما على رفض عودته إلى الجامعة العربية وضرورة محاسبته على الجرائم المرتكبة في حق الشعب السوري. جاء موقف قطر واضحا من خلال إعلامها الذي أبرز جملة من التقارير ركزت على أن هناك رفضا واسعا لتلك الخطوة من قبل المتعاطفين مع الحركة داخل قطر وخارجها. ويبرز هذا بصورة أكثر وضوحا بعد قرار إنهاء خدمات 42 من العاملين في مكتب قطر الخيرية في قطاع غزة، كخطوة أولية نحو إغلاقه، وهو ما يعني أن الدولة الخليجية التي فتحت أبوابها لحركة حماس بعد خروجها من دمشق وأنفقت الملايين من الدولارات في مشاريع إعادة الإعمار واستعملت آلتها الإعلامية في دعم وتبييض صورة الحركة قد تكون غاضبة من تصرف حماس الذي لم يراع خلافها مع نظام الأسد.

استشعرت إسرائيل الخطر من التحركات الإيرانية في المنطقة وخطتها لاستعادة توازن محورها في الشرق الأوسط، وراحت تستبق تلك التحركات التي تهدف إلى تقوية التواجد العسكري لحماس داخل سوريا، وربطها مع تحركات حزب الله في لبنان، بضربات جوية تستهدف المخطط الإيراني الذي سعى إلى نصب المئات من الصواريخ في سوريا.

وعلى الرغم من أن هذا المحور المتجدد لا يملك القوة الكافية لتهديد إسرائيل فإيران التي تتزعمه تعيش مرحلة مفصلية مع استمرار الاحتجاجات التي تنذر بإسقاط النظام، إلا أنه كفيل بإشعال الفتيل، خاصة وأن جميع المكونات موجودة مع وصول حكومة يمينية متطرفة تسعى إلى ضم الضفة وإغلاق ملف القدس نهائيا، وهو ما ينذر بتصعيد خطير سنة 2023.