علي محمد جارالله يكتب لـ(اليوم الثامن):
الى سعادة السفير ياسين سعيد نعمان، القرارات التي اوجعت شعب الجنوب
كتب سعادة الأستاذ ياسين سعيد نعمان سفير اليمن في بريطانيا موضوعاً يدين فيه قناة تلفزيونية، و يتهمها بإتباعها فصيل سياسي "جنوبي"!!، و اسمحوا لي ارد عليه في اربعة أجزاء.
و لو كان السفير يشاهدها لعرف ان شعار القناة هو "هوانا يمني"، و لو كان يتابع هذه القناة فأنها لا تفرق بين عدد مقدمي البرامج إن كانوا من اليمن أو من الجنوبيين.
أما إتهامه ان القناة اعدت شريط فيديو ثم قامت بتوزيعه، و في هذا الفيديو تسخر و تهاجم نظام الحكم في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ما قبل ١٩٩٠، و هنا سعادة السفير يثبت لنا جهله في الفرق بين البرنامج التلفزيوني و إعداد و نشر اشرطة فيديو.
ثم يتهم القناة بأنها تفتقد للمهنية و الموضوعية، و هذا كله لأن مقدم البرنامج الإعلامي العدني وديع منصور قدّم برنامج في خمس دقائق في مهاجمة نظام الحكم في الجنوب، كيف لو امتد البرنامج لنصف ساعة، و تم ذكر كل القوانين؟
سعادة السفير،
كانت مدة البرنامج خمس دقائق، فيها كان مقدم البرنامج العدني وديع منصور يقدح من رأسه، و لا يُلقّنه احد، و كان تحدّث بمهنية عالية عن بعض القوانين في تلك المرحلة (تقريبا ربع قرن) التي انهكت الشعب بل و دفعت بالكثير من ابناء الجنوب لترك وطنهم، فهو لم يذكر إسم اي قائد، و لا ذكر إسم اي حزب، و لكنك يا سعادة السفير ادعيت بأنكم انتقدتم تجربتكم في أكثر من مناسبة، ثم حاولت ان تلتف حول كلامك بالقول ان الإنتقاد تم بضمير الغائب!! حسناً حتى لو كنتم إنتقدتم أنفسكم بصيغة الغائب او الحاضر، فلماذا تنتقد البرنامج إذاً، ما دام قال ما قلتوه حسب كلامك.
ثم قلت يا سعادة السفير بأن هذا البرنامج لا علاقة له بنقد التجربة، و انما اراد تحريك الوضع السياسي بهدف خلط الأوراق!! ألا ترى تناقض في كلامك يا سعادة السفير؟ في البدء تقول انكم انتقدتم مرحلتكم التي فيها القرارات الموجعة، و عندما تحدث البرنامج عن نفس القراراتاتهمت البرنامج انه يعمل على تحريك الوضع السياسي و خلط الأوراق، و انتم الم تخلطوا الأوراق عند إنتقادكم لأنفسكم (حسب كلامك)؟
و كأنك يا سعاد السفير تعيد نفس خطابكم الذي لم يتغير منذ 1967م، انتم لا تريدوا لأحد ان ينتقدكم، شعاركم ايام الجبهة القومية "كل الشعب قومية"، و عندما اشهرتم الحزب الغير دستوري بقرار سري (الحزب الإشتراكي) "لا صوت يعلو فوق صوت الحزب"، و اليوم تتهم قناة تتمتع بمهنية عالية و لها مصداقية، و ادارة محترمة، بأنها تريد ان تخلط الأوراق، عن أي اوراق تتحدث يا سعادة السفير، فالأوراق كلها انتم خلطوها عندما أخذتم معكم الشعب المسكين لباب اليمن، و خلطوها أكثر عندما ذهبتم للتحالف مع جماعة كفّروا شعب الجنوب و طالبوا بقتله، بل قتلوا ابناء الشعب في حرب 1994م التي انهت الوحدة.
سعادة السفير، اتهمت القناة بأنها تحدثت عن حقائق تاريخية كتبها خصوم التجربة، للأمانة ألوم القناة لأنها لم تذكر الحادثة الإجرامية في تفجير طائرة الدبلوماسيين الجنوبيين، اسأل سعادتك هنا و قد كنت قيادياً يومها، هل خصوم التجربة كما تدّعي هم من خطّطوا في نهاية شهر ابريل 1973م لتفجير طائرة الدبلوماسيين الجنوبيين.
و كان في الطائرة التي راح ضحيتها عدد من خيرة ابناء الجنوب منهم وزير الخارجيَّة مُحَمَّد صالح عولقي، و سيف أحمد الضّالعي، و السّفير أحمد صالح الشّاعر، و السّفير مُحَمَّد أحمد البيشي، و السّفير عبدالباري قاسم مؤسس و رئيس تحرير صحيفة 14 اكتوبر، و السّفيرنور الدّين قاسم، و أيمن مُحَمَّد ناصر مؤسس وكالة أنباء عدن و صحيفة الطّريق، و عبدالله مُحَمَّد بن سلمان، و القاصّ مُحَمَّد عبدالولي، و أحمد بن دحمان، و مهدي صالح جعفر، و مُحَمَّد هيثم، و فضل أحمد السّلامي، و عبدالقادر السّلامي و غيرهم.
هل تعرف من قتلهم يا سعادة السفير؟ و لماذا قتلوهم؟
لا اظن انك لا تعرف.
يا سعادة السفير القناة ذكرت القرارات و تواريخها التي اتخذها النظام في الجنوب حينها، و فرضتوها على شعب الجنوب بلا دراسة للنتائج، او انت تقصد ان تلك القوانين المُجحفة كذب، و لم تحصل؟
ثم يعود سعادة السفير لإتهام القناة بعدم مهنيتها بقوله:
"كان من الأفضل ان تترك القناة هذا الموضوع للمؤرخين، و تتفرغ للحاضر و للمستقبل"، و ماذا تعتقد يا سعادة السفير مهمة الإعلام الصريح غير سرد الحقائق إن كانت حدثت في الماضي او تحدث اليوم؟
أحد الشباب الجنوبيين قال في تغريدة له عن موضوعك:
"ايحق لقيادات الاشتراكي اليوم ان يمنعوا الشباب من الحديث عن فترة حكمهم للجنوب و تقييمها فهم اكثر من تضرر و هم من يدفع الثمن اليوم بين شهيد و جريح و مشرد و مناضل يبحث عن بصيص حياة و ملامح مستقبل ضائع في دروب ما سمي إنجازات".
هل ستطلب من هذا الشاب ان يصمت لأنه ليس مؤرخاً، و لا يهمك ان كان موجوع؟
يا سعادة السفير، انتهى التعليق على ردك الطيب الغريب، فنرجوا ان لاتخوّف أبناء الجنوب الذي استشهد اجدادهم و ابائهم، و اخوالهم و اعمامهم بسبب قراراتكم، و كذلك ابناء الجنوب الذي تركوا وطنهم مغصوبين الى الغربة و المهجر بسبب قراراتكم.
انت تعلم يا سعادة السفير ان الخطأ هو من طبْع النفس الإنسانية الضعيفة، و لهذا اخبرنا سيد البشر ان "كل ابن آدم خطّاء"، و هذا لا خلاف عليه، ثم اضاف رسول الله "و خير الخطّائيين التوابون"، هنا مربط الفرس، فأنتم كحزب إشتراكي لا تريدوا ان تتوبوا.!!
يا سعادة السفير، لا يوجد اي عيب إذا اعترف تنظيم او حزب او نظام بأخطائه، الم تسمع بإعترافات الفلسطيني خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس منذ عام 1996 و حتى شهر مايو 2017، عندما انتقد حركة حماس قائلاً:
(“حماس” أخطأت عندما استسهلت حكم قطاع غزة بمفردها بعد حدوث الانقسام الفلسطيني مع حركة “فتح”، و عقب فوزها في الانتخابات البرلمانية عام 2006، و اخطأنا عندما ظننا ان زمن “فتح” انتهى، و زمن “حماس” بدأ، و فتح أخطأت عندما ارادت اقصاءنا، و انهى انتقاده بالقول فنحن مع الشعوب، و مع استقرار الامة أيضا).
هل خرج احد من رجال حماس بعد هذا النقد ليقول ان هناك من انتقد الحركة بضمير الغائب، او ان غيره يحركه؟
حتى الحزب الشيوعي السوداني خرج لشعبه ليقول لهم نحن اخطأنا.
و أخيراً يا سعادة السفير عندما يخطيء نظام ما، و لكنه لا يريد أن يعترف بأنه كان مخطيء، و بهذا يذهب ليغطي الخطأ بالأعذار و التبريرات، أو يحاول أن يقلل من شأن ذلك الخطأ، و يقف أمام الناس و كأنه بريئ و بلا عيوب، بهذا لا يملك الشعب إلا بإتهامه بأنه نظام كاذب.
هذا يحدث عندما الضمير الواسع يجد عذراً لأية خطيئة يقع فيها..! و ما أسهل عليه أن يبرر أي موقف بأي كلام، كما تفعل انت و بعض القيادات..!
سعادة السفير لم يترك لي اي عذر حتى أصدق تحليلاته، و كأن تلك القرارات تتحدث اليه اليوم و تقول له ما قاله أحمد رامي:
(هوّ إفتكرني عشان ينساني؟)،
قال ابن تيمية رحمه الله: "آدم عليه السلام لمّا أذنب تابَ، فأجتباه ربه و هداه، و ابليس أصرّ و استكبر و أحتج بالقَدر فلعنه الله و أقصاه! فمن تاب كان آدمياً، و من اصرّ و احتج بالقَدَر كان ابليساً، فالسعداء يتبعون أباهم آدم، و الأشقياء يتبعون عدوهم إبليس"، فحاشاكم ان تكونوا من الأشقياء، فقط إعتذروا لشعبكم.
الى أهلنا في الجنوب فقط لنذكركم:
أدناه بعض القوانين التي لكمت الشعب الجنوبي و بسببها اصبح خائفاً من الذين حكموهم منذ 1967 الى منتصف 1990م.
فهل يخبرنا سعادة السفير بما نعرفه عنه من كياسة و شفافية اي من هذه القوانين كانت ايجابية و مفيدة لابناء الجنوب حينها:
- قرار تعيين اول وزير خارجية جنوبي، رغم اعترافه بعدم أهليته (المرجع كتاب الرئيس علي ناصر محمد في كتابه "ذاكرة وطن" صفحة 712.
- قرار تعيين تشكيل محكمة امن الدولة برئاسة موظف بسيط كان يعمل في شركة خطوط عدن الجوية.
- قرار في ثاني ايام عيد الأضحى المبارك عام 1968م بإنهاء خدمات 165 كادًرا قياديًا من ابناء عدن.
- قانون رقم (1) سنة 1968م لخفظ الرواتب، و منذ ذلك التاريخ لم ترتفع رواتب الجنوبيي حتى اليوم.
- قانون رقم (2) سنة 1968م تم تخفيض و تحديد إيجارات المساكن.
- قرارات اسبوع الواجب.
- قانون رقم (37) تأميم المرتفعات الاقتصاديّة، و كان سببا لإنهيار الإقتصاد.
- قانون تأميم كافة البنوك العاملة في عدن.
- قانون تأميم الشركات التّجاريّة الكبرى و شركات التّأمين و إعادة التّأمين و شركات الملاحة و المواني
- قانون (47) سنة 1970م الإستيلاء على شركة الطيران الخاصة الوحيدة في الشرق الأوسط (باسكو).
- قرار (23) لسنة 1970م مصادرة شركة الباصات العدنيّة المحدودة، و شركة سالم علي عبده للباصات، و أنشأت بدلاً عنهما شركة الباصات اليمنية، بسهولة تم شطب اسم عدن.
- قرار بتأميم و مصادرة دور السينما.
- اصدارقانون رقم (7) سنة 1972 لتأميم جميع الفنادق ثم ألحقوه بتأميم بقية المنتزهات و الملاهي و المسابح و المطاعم السياحية و غيرها من المنشآت السياحية و التّرفيهية.
- قرار رقم (8) لعام 1972م لتأميم شركة العيسائي لتعبئة مشروبات كندادراي، و الشركة الصّناعية العدنيّة المساهمة ) بيبسي كولا و الشركة الأهلية المتحدة )كوكا كولا ( و شركة تموين المياه و الصّناعات المحدودة ) مصنع (بالنجي-صيرة) و المنشآت التّابعة َ لكل منها.
- قانون (17) سنة 1973م منع الأطباء من ممارسة مهنة الطب في عياداتهم.
- قانون رقم (32) للعام 1972م، تأميم كل الممتلكات العقارية و السكنية و التّجارية.
لك جزيل الشكر سعادة السفير إن كنت تقرأ ردّي هذا، و نرجوا منك السموحة.