سلام محمد العبودي يكتب لـ(اليوم الثامن):
العراق.. إستهداف مشروع طال انتظاره
هناك مشاريع كثيرة لم تدم طويلاَ, وهناك أخرى تبقى خالدة, قابلة للتحقيق إذا توفرت الظروف الملائمة, لتوفر عامل الإرادة الحقيقية, لذلك نرى أنَ تلك المشاريع, هي الأكثر استهدافاً عبر الزمن.
لم يكن من السهولة القضاء, على أنظمة الطواغيت ومشاريعهم الخبيثة, وإيغالهم في الإجرام للبقاء على سدة الحكم؛ ومن أعتى الطواغيت, الذين مروا على العراق, نظام حزب البعث, الذي عُرفَ بإجرامه, وقتل كل مشروع تحرري, وأكثر ما كان يتوجس منه, ذلك المشروع الذي قاده, السيد الشهيد محمد باقر الحكيم, عبر سنوات حياته.
الجهاد ضد الظلم ليس شعاراً, يتم رفعه على يافطة, أو يدون بكتاب ليُقرأ, ويُركن على الرَف دون إصرار, منتظراً تحقيق الهدف دون تضحية, ولم يكن في حسبان المجاهدين, سهولة الطريق لتحقيق التحرر, أو سهولة القضاء على الظالم, دون إصرار على الوصول لتحقيق الهدف, فما يأتي بعجالة دون تخطيط, ينتهي بسهولة ويطوى في صحف النسيان, لذلك دأب أصحاب الرؤى, على استشراف المستقبل, ووضع الخطوط العريضة لتحقيق مشاريعهم, وكان أسمى تلك المشاريع, في زمن الطاغية صدام, هو مشروع السيد الحكيم قدس سره الشريف.
كان شهيد المحراب مُهَيئاً نفسه للشهادة, ولم يأتي ذلك من فراغ, فقد قدمت عائلة آل الحكيم, القربان تلو الآخر, من أجل تحقيق مشروع, تأسيس دولة العراق الحديثة, وأساسها وحدة الشعب, ورفض الهيمنة الخارجية, ليبقى هدفهُ في قلوب المؤمنين بالحرية, راسخاً رسوخ الإيمان, بان الخالق جَل شانه, لن يدع الظالم مهما طال حكمه, لذلك كان الطاغية وأزلامه, يحسبون له ألف حساب, محاولين القضاء عليه, فهاجر مع ثلة من عائلته, ليعيش أعواماً من الهجرة, تراوحت ما بين سوريا, والجمهورية الإسلامية في إيران.
سقط صدام بسبب طغيانه, وإجرامه الذي تجاوز كل حدود الاستهانة بالإنسانية؛ فعاد السيد حكيم مع المجاهدين, ليستقبله الشعب من البصرة, الى النجف الأشرف أرض مولده الشريف, بكل حفاوة جسداً واحداً, باحتفالية منقطعة النظير, وبالرغم من فرحته بالعودة, وذلك الاستقبال الفريد, لم يغب عن باله التنبيه بقوله" نحن نؤيد ازالة النظام العَفلقي, لكننا نرفض الاحتلال" لترصين مبدأ التحرر, حتى وإن كان المحتل, هو أداة إسقاط نظام الطاغية, مؤكداً على" ترسيخ روح التضحية والإثار.
الأول من شهر رجب الأصب, 23/ آب/2003, وفي خطبة الجمعة تَطَرق السيد الشهيد؛ للحالة الأمنية فقال" ان قوات الاحتلال الاميركي والبريطاني, تتحمل مسؤولية انعدام الامن, والاعتداءات التي تحصل على مراجع, وعلماء الدين والاماكن المقدسة" بعد انتهاء الخطبة, حَدثت الفاجعة للشعب العراقي, بل للعالم الإسلامي أجمع, فقد نفذت بكل بشاعة الإجرام, عملية اغتيال السيد محمد باقر الحكيم, قرب ضريح جده, أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام, ويتم استهداف مشروع, دولة العراق الحديث, التي انتظره العراقيون طويلاً.
بكل أسىً وحزن, أبَّنَ المطران عمانويل دلي, برطليك بابل للكلدان سابقاً: "نم أيها المجاهد العظيم قرير العين, فإنّ إخوانك العراقيين, سيعملون على تحقيق المبادئ السياسية, التي نَذَرتَ حياتك من اجلها" وقد جاء في تأبين, السيد علي الخامنئي (دام ظلهُ)" إن اليد الجبانة والمجرمة, خطفت من الشعب العراقي شخصية قيّمة, وإن هذا الشهيد كان عالماً مجاهداً, مهيئاً نفسه للشهادة, وللإلتحاق بالشهداء من آل الحكيم العظام, وسائر شهداء العلم والفضيلة.
بالرغم من الفاجعة التي هزت العالم الحر؛ إلا أن الأمل الذي زرعه, سماحة السيد شهيد المحراب قدس سره, في نفوس أتباعه, من خلال أطروحاته وخطاباته, مستمر في النماء, لتحقيق ما كان يصبو له, فياله من مشروعٍ, دائم التجديد قابلا للتحقيق.