حسين داعي الإسلام يكتب لـ(اليوم الثامن):

أسئلة ينبغي أن يجيب عليها المُطبّلون لعودة شاه إيران!

باريس

كنت من ضمن آخر سلسلة من السجناء السياسين الذين أطلق سراحهم من السجن على يد الشعب الايراني بعد أربعة أيام من هروب الشاه وقبل ثلاثة اسابيع من سقوط نظام الشاهز

تمكن الشعب الإيراني من الإطاحة بالشاه بعد سنين طويلة من الكفاح ضد حكمه وحكم أبيه الدكتاتوري، لكن العالم وقف مذهولاً وهو يتابع أخبار مجيء الخميني على جناح السرعة ليسرق كل تضحيات الشعب الإيراني ويُصادر ثورته ويؤسس نظام ولاية الفقيه.

فبينما كانت دكتاتورية الشاه تغادر إيران، كان الشعب يتطلّع الى تشكيل حكومة ديمقراطية تُحقق العدالة، لكن ما قام به هذا الوحش الرجعي كان طعنةً في ظهر الشعب الثائر، فانتقلت إيران من ظلامٍ الى ظلام آخر أشدّ قتامةً، وإذا كان الشاه يعدم المئات من الأحرار فنظام الملالي جاء ليعدم عشرات الآلاف!

إن ثنائي الاستبداد (الشاه والمُلّا) يعرفان جيداً كيف يدعمان بعضهما البعض، يقول الملا إن ثورة عام 1979 جاءت لنصرة الدين، وتقول أسرة الشاه ان الثورة قامت مِن أجل ایصال الملالي إلى سدة الحكم! فهل هذا التناغم هو محض صدفة؟!

لقد أزالت ثورة عام 1979 الشاه من تاریخ ایران إلى الأبد، وحالياً تعمل هذه الثورة بصورة مُكمّلة ومتجددة من أجل الإطاحة بالفاشية الدينية.

إن الجيل الذي نزل الى الشوارع ووقف في وجه الشاه في 11 فبراير 1979 جاءَ مِن مجتمع يهيمن عليه شيئان أساسيان هما:

- سيطرة جهاز السافاك المطلقة على الأوضاع السياسية في البلاد.

- تصاعد الفوارق الطبقیة وتحويلها إلى قيم اجتماعية.

الآن، وبعد مرور 44 عاماً على قيام الشعب الإيراني بإلقاء الشاه ونظامه في مزبلة التاريخ، نشاهد أن أزلام ذلك النظام قد عادوا إلى الساحة مرة أخرى محاولين إعادة تدوير أنفسهم ويروج لهم ويدعمهم مخابرات الملالي لصرف أنظار الشباب وتشويه سمعة الانتفاضة.

يتحدثون كأنهم معارضين لنظام خامنئي أو أنهم قادة للثورة الحالية، لهذا السبب على هؤلاء الأشخاص الإجابة على بعض الأسئلة:

۱ـ هل يستطيع (المطبّلون) للشاه الاعتراف بمسؤولية ذلك النظام عن 54 سنة من حكم رضا بهلوي ومحمد رضا بهلوي وجرائمهما ضد الشعب الإيراني وقومياته وإثنیاته سواءً العرب والكرد ومسؤوليتهما عن الاعتداءات علی دول الجوار؟ خصوصاً وأنهم لم يتبرأوا أبداً من الجرائم التي ارتكبت خلال تلك الحقبة المظلمة ويعتبرون أنفسهم استمراراً للشاه المخلوع، بينما لم يكن رضا ولا محمد رضا يتمتعان بالشرعية السياسية وکانا يحكمان بالقوة والظلم.

 

۲ـ  ما هو سجل نضالهم ضد نظام الملالي منذ 11 فبراير 1979 ولغاية الأن؟ أين قائمة أسماء شهدائهم ومعتقليهم إذا كان عندهم أصلاً شهداء ومعتقلين؟ وأي نشاط قاموا به داخل إیران وخارجها ضد هذا النظام من أجل إسقاطه؟

۳ـ  ما هو برنامجهم السياسي وخطتهم فيما يتعلق بالقوميات وقضايا المرأة والحريات والعلاقات مع جيران ايران؟

يكفي القول إن معظم السجون الحالية في إيران، بما في ذلك سجن إيفين وسجن قزلحصار وسجن جوهردشت، بناها الشاه وأبوه وملئها نظام الملالي بالسجناء واستفاد منها، علما بان کثیر من السجناء فی عهد الملالي کانوا قد تعرضوا للتعذيب في ذات السجون في عهد الشاه.

بعد الإعلان عن تأسيس حزب رستاخيز بأمر من الشاه، صدرت أوامر لجميع الأحزاب والنقابات النشطة بالانضمام إلى حزب رستاخيز واعتقد كثيرون أن تأسيس حزب رستاخيز كان رصاصة الرحمة للثورة الدستورية.

وفي الخطوة التالية، أجبر نظام الشاه جميع موظفي الدولة على الانضمام إلى الحزب، وهذا الحال لم يختلف كثيراً عن سياسة الملالي الذين طبقوا نفس النهج وبذرائع مختلفة وتحت شعار (الحزب فقط حزب الله) وأزالوا من الساحة كل القوى المطالبة بالحرية .

أما جرائم التي ارتكبها الشاه ضد القوميات الإيرانية، سواء الأكراد والعرب، فقد استمرت من قبل نظام الملالي وبشكل أکثر سوءءاً وعنفاً ووحشيةً بألف مرة، لكن هذه الجرائم لا تضفي إطلاقا أیة شرعية لجرائم الشاه.

أن نظام الشاه كان يتبع سياسة الهيمنة على الجيران العرب، فقد تدخل الملالي أيضًا ودمروا المنطقة.

ويمكن القول بأن خميني وخامنئي كانا الوريث الحقيقي لنظام الشاه الاستبدادي، وبالتالي لم يعد الشعب الإيراني يقبل بأي نوع من الدكتاتورية، وهذا الشيء نراه ونسمعه بوضوح من خلال الشعار الذي يردده المنتفضون اليوم في إيران (الموت للطاغية سواءاً كان الشاه أو المرشد/الخامنئي).

ختاماً، نذكر مثالًا تاريخياً نأخذ منه العبرة والدرس: بعد الحرب العالمية الثانية وهزيمة ألمانيا النازية، لم يُسمح لأي من أعضاء حزب هتلر ومؤيديه بالدخول إلى العملية السياسية الألمانية، بل تم القبض على أعضاء وقادة قوات الأمن الخاصة (أس أس) وتقديمهم للعدالة واحداً تلو الآخر، وتستمر محاكمتهم حتی الآن.

 

*عضو في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية