د. صبري عفيف يكتب لـ(اليوم الثامن):
أهمية الحوار للفرد والأسرة والمجتمع
إن القرآن هو الكتاب الأوحد القائم على الحوار المتنوع في مجالاته وأهدافه، إذ لا وصول إلى الهداية الحقة النافعة إلا عند التفاعل المتبادل المبني على التحاور الذي يحرك العقل والقلب معاً.
ولأهمية الحوار كانت بداية خلق آدم هي المحور الذي ارتكز عليها أول عملية حوارية مع بداية خلق الإنسان الأول آدم عليه السلام، كما جاء في مواضع كثيرة من القرآن الكريم. فقد بدأ الخلق بالحوار بين الله تعالى والملائكة ثم الشيطان ثم مع الإنسان، في صورة بليغة، تنوعت فيها موضوعات وأهداف المحاورة.
وتكمن العبرة إلى ضرورة الحوار بين الخلق على اختلاف ألوانهم ومشاربهم واعتقاداتهم. فالحوار خُلق مع الإنسان لأنه من تكوينات الإنسان.
إن من أوجب الواجبات، وأعظم المسؤوليات، وأكبر الأمانات؛ أمانة تربية المسلم لأهل بيته من خلال ثقافة الحوار الأسري مبتدئا بنفسه، ومثنيا بمن يعول.. أدناه فأدناه. إن مفهوم الثقافة الحوارية الأسرية جزء مؤصل من منهاج عقيدتنا النابعة من قرآننا ومن سنة نبينا وتاريخنا العريق، فثقافة الحوار الأسري ليس عنواناً مبهماً أو حديثاً جديداً ابتدعه الناس، بل هي نصوص كتابية واضحة في شريعتنا التي لم تغفل عن هذا الجانب النفسي الهام للأسرة.
يعتبر أسلوب الحوار داخل المحيط الأسري أمر في غاية الأهمية باعتبار الأسرة نقطة الانطلاق الأولى التي تعزز ثقة الفرد في التواصل مع الآخرين.. بل النواة الأساسية التي يتشكل فيها تعامل الفرد مع الغير، وإذا افتقد هذا الحوار مع أقرب الناس إليه فإنه من الصعب أن يجده لدى الآخرين، وأحيانا تتشكل المفاهيم الايجابية ووجهات النظر والآراء السديدة من خلال تبادل الآراء واحترام وجهات النظر داخل الأسرة الواحدة وسيادة مبدأ الإقناع بالحجة والمنطق وغياب وسائل القهر والإذلال وفرض الآراء بالقوة.
- دعني أتسأل من منا عمل دورة محاضرة لنشر ثقافة الحوار داخل أسرته؟
- من منا حضر مسجدا مدرسة ناديا مقرا حكوميا وشاهد هناك عملية حوارية تربوية تنمي تلك القيمة الإنسانية لدى المجتمع؟
- من منا كرس جهده لنشر ثقافة الحوار بين صفوف المجتمع؟
مما سبق من أسئلة لست بحاجة للإجابة عنها بل اسأل سؤالا أخرا فهل آن الآوان أن نبدأ الحوار؟ أولا مع أنفسنا ثم مع أسرنا (أولادنا- زوجاتنا- إخواننا- ابناءنا- أصدقائنا) إنها لضرورة يتوجب القيام بها وتحويلها إلى ثقافة وسلوك بل عبادة نتقرب بها لله.