د. عبدالسلام حرمة يكتب لـ(اليوم الثامن):
منطقتنا رهينة لنظام يقيمه الغرب في إيران
إلى أين نسير في ظل وضع إقليمي ودولي ترهن فيه منطقتنا العربية وجوارها الاسلامي بالانظمة الدكتاتورية القائمة في إيران .. وهل سنقبل بأن يواصل الغرب فرض مخططاته المدمرة علينا؟
وهل يمكن أن تُرى بادرة أمل لمشاركتنا في حل للأزمات بمنطقتنا ومن أين تبدأ؟
تتعاظم أزماتنا في الوطن العربي والشرق الأوسط تباعا وفق ما ينتهجه الغرب من سياسات ويرسمه من مخططات تتعلق بإدارة الصراعات في المنطقة بما يلبي طموحه ومصالحه فوضع الكيان الصهيوني في فلسطين بكفة وأنظمة دكتاتورية مستهترة في إيران بالكفة الأخرى وكلا الكفتين ومن وضعهما حريص على أن يستمر الآخر بغض النظر عما نسمعه في وسائل الإعلام فهي مجرد يافطات براقة للتلاعب بمشاعر عامة الناس وفي واقع الأمر ما تكون عن الحقيقة، ونراها أنها جزءا من عملية توازن تلبي مصالح الغرب على المديين القريب والبعيد سياسيا وأمنيا واقتصاديا، ونتيجة لتلك السياسات تتعرض المنطقة إلى حالة من التجريف السياسي والإقتصادي المخطط له مسبقا كما هو الحال في العراق بعد احتلاله وتدميره حال يعني فيه العيان البيان ويتحدث عن نفسه على مدار الساعة واليوم وفي وضع سوريا الماساوي ولبنان المبكي وفي اليمن الذي يستمر فيه استعراض مروع للمهازل والخراب والدمار...
وهنا تطرح مجموعة من الأسئلة نفسها لا تنحصر في أروقة معينة بدول المنطقة العربية وافريقيا والعالم وإنما عدت تراود الصغير والكبير والجاهل والمتعلم بفعل ما يشهده العالم من تطور تكنولوجي خاصة ما يتعلق بوسائل التواصل الإجتماعي التي فضحت وكشفت كل مستور وبات الفرد حريصا على خروج المعلومة عن محابسها لتصل الآخر سواء كان ذلك بدافع نشر المعرفة أو بدوافع سياسية أو بدوافع مادية، وتتطلب هذه الأسئلة أجوبة صريحة مباشرة ومقنعة في ظل الوعي المتزايد لدى البشر بأن مفهوم الأمن والإستقرار بات واضحا مرئيا بالعين المجردة وملموسا لكل فرد في هذا العالم بأنه لا يقتصر على بقعة معينة بالعالم ولا يعني دولة دون غيرها فأمن واستقرار الشرق الأوسط الملتهب يتعلق بالطاقة المرتبطة اليوم بالوجود والحياة، والأمن في منطقة القوقاز مرتبط بالغذاء، والأمن والاستقرار كما هو الحال بشرق آسيا ودولها اللاهثة خلف متطلبات الحياة اليومية الضرورية، والأمن والإستقرار في أوروبا هو أمن السوق ودوام النمو التقني والعلمي...، أما في قارتنا الافريقية المنهوبة والمستباحة فالاستقرار منوط بالتنمية ووقف الفساد والنهب، وبمعنى أدق فالأمن والاستقرار باتا مطلبين كونين وكتلة لا يمكن تجزئتها، والغرب الكولونيالي مصر على الكيل في هذا الجانب بمكاييل عدة، وأحد التساؤلات تقول: هل باتت أوضاع الدول العربية مرهونة بالأنظمة القائمة في إيران ..ولماذا؟ والجواب نعم مرهونة بالأنظمة القائمة في إيران سلباً وإيجاباً .. نعم فلقد كانت مرهونة وستبقى كذلك فالأوضاع كانت قلقة في زمان الشاه حيث لم تكن إيران جارة تحترم الجوار فكانت إيران الشاه لا تهتم إلا بمحاباة الغرب، ويريد الغرب أن يكون الشاه وسيلة وأُلعوبة بيده يبتز بها دول وشعوب المنطقة، واغتر البعض من العرب بمجيئ الخميني 1979 أملا في قيام سلطة جديدة تحترم الجوار وتضع الاعتبار لاهمية المصالح والقيم والقواسم المشتركة لكن ما حدث أن الغرب كان مستعدا لتغيير الشاه بسلطان يكون أكثر إلتزاما بالدور المكلف فكان الخلف السيئ والسلف السيئ ونهض في إيران سرطان زاحف يأكل بالمنطقة وبقي الموقف الغربي هو نفس الموقف والسبب هو أن الغرب لا يرى إستمرارا وحفاظا على مخططاته الإستعمارية إلا من خلال بقاء نظام الشرطي في إيران، ولا زال حريصا على بقاء هذا النظام مناورا بين الحين والآخر بشعارات للإستهلاك الإعلامي، وأما التساؤل الآخر هل سيبقى الغرب مستمرا على هذا النهج وهذه المخططات.. والجواب نعم سيبقى أو هو باقٍ للآن على مساره وآخر أدلة ذلك رفضه وضع الحرس الثوري على قائمة الإرهاب بحجج واهية ومسيئة ومُدينة للإتحاد الأوروبي الذي لم يقبل بذلك تضحية منه لأجل بقاء النظام الحاكم في إيران ولوح بابن الشاه بديلا لنظام الملالي أو شريكا معهم، أما الشعب الإيراني ومأساته ومعاناة شعوب المنطقة وما يسببه النظام الإيراني من قلاقل واضطرابات في المنطقة والعالم فهو أخر هموم الغرب وشريكه في جريمة الاحتلال والتدمير وعندما وصلت الأمور إلى أوجها في إيران وبات سقوط نظام الملالي حقيقة واقعة سارع الغرب إلى حماية هذا النظام وطرح ابن الشاه المخلوع بثورة شعبية كبديل وشريك، هذا بالإضافة إلى العودة لإستئناف المفاوضات النووية، وهذه هي مخططات الغرب يفرضها على الشعب الإيراني ودول وشعوب المنطقة والعالم.
ويبقى مفتاح الحل من إيران وينتهي بالمنطقة والعالم، فزوال الدكتاتورية التوسعية من إيران هو الحل سواء كانت دكتاتورية الملالي الشوفينية أو دكتاتورية الشاه الشوفينية وبقاياهما ليحل محلهما بديلا وطنيا ديمقراطيا شعبيا حرا تعدديا وهو ما تطرحه المقاومة الإيرانية التي هي البديل الديمقراطي الشعبي الشرعي لضمان مستقبل ابران الدولة والشعب وأمن واستقرار دول وشعوب المنطقة.
ويبقى العرب بين شرطيين شديدي العداء والخطورة؛ شرطي الصهاينة وشرطي الملالي!! فهل سيتمكنون من أخذ الطريق إلى ما يفرضون به؟ .. على الغرب إعادة حساباته ليصلح ما أفسده على مدار أكثر من قرن.. وفي إعتقادي أن لديهم القدرة الكافية لذلك متى حصلت الإرداة ويقظة الوعي بمخاطر اللحظة الكونية.
د. عبدالسلام حرمه / نائب برلماني موريتاني