د. عبدالسلام حرمة يكتب لـ(اليوم الثامن):
ملالي طهران من مفسدون في الأرض؛ إلى محاسبة الأبرياء بتهمة الإفساد في الأرض
(وتلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)
جعل الله رسالة الإسلام خاتم الرسالات وحصنها بالشمول والعلم والبينات ولغة القدرة والبيان بما لا يجعل فيها لبسا ولا ضعفا وألقى علينا الحجج والبينات بالقرآن الكريم وسنة وسيرة النبي المصطفى الكريم وآل بيته الطيبين الطاهرين والتابعين، وترك فينا ما يعلمنا سنن وسير الأولين للفهم والإعتبار، وحمل أهل العلم منا أمانة الإرشاد والهدي بالحسنى قربة إلى الله تبارك وتعالى وليس من أجل سلطان أو منافع، وقد كرم الإسلام العلماء المؤمنين العاملين وأعلى منزلتهم.
يدعي الملالي في إيران الإسلام ويعتبر البعض منهم أنهم علماء عاملين بل وعلماء أوصياء على البلاد والعباد أيضا إلا أنهم أبعد كل البعد عن صفة العلم والعمل ولا ينبؤ سلوكهم بأنهم على ملة الإسلام ذلك لأنهم قتلوا وقتل النفس كقتل الناس جميعا ولا أظن لقاتل الأبرياء صلة بالإسلام أو بالإنسانية ودليلنا على ذلك ما يجري في إيران من قتل للأبرياء العزل أو إعدام متظاهر خالفهم بالرأي وقال لحكام طهران إنكم مخطأون أو طغاة وهي كلمة حق يحق للمظلوم أن يصدح بها إن ظُلِم أو أُرِيقَ دمه أو إن شعر بالغبن أو الجوع أو الحاجة أو إن مُست كرامته وانتُهِك عرضه أو نالت المخدرات السائبة من أبنائه ومجتمعه وكل ذلك حاصلٌ ليس في إيران فحسب بل ونقله ملالي إيران إلى لبنان والعراق واليمن وفلسطين ويريدون تعميمه إلى كل الدول المجاورة والدول العربية تحت مسمى تصدير الثورة.
في إيران الملالي لا تجد معمما منهم من خطباء الجمعة الإستعراضية يدعو إلى الله على بصيرة لإصلاح العباد وتنويرهم بدءا بإصلاح نفسه وأهله ومحيطه الأقرب بل تجدهم يطالبون الناس بما يرهقهم ويتناقض مع سلوك الدعاة أنفسهم، وتسمى هذه الجمعة بالجمعة السياسية في حين لا يوجد ما يمنع من أن تكون خطبة الجمعة إصلاحية شاملة تشمل عقيدة المجتمع ومعاشه وشؤونه اليومية بما في ذلك السياسية منها على أن يكون الخطاب مقيدا بالجمعة فهي من صلب الدين الذي يقول إن الله يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي .. وبالطبع لا مكان لذلك في جمعة الملالي ولا شيئ فيها سوى ما يتعلق بسلطة ولي الفقيه الذي يرى في نفسه ونظامه وجنده أنهم منزهين فوق الشبهات على الرغم من فضح سوءاتهم على الملأ وباتوا جميعا من أرباب الأموال والقصور على حساب المال العام.. قصورٌ للأحياء وأخرى للأموات، ولقبورهم ما شاء الله ما يتطلب الحديث عنه صفحات عديدة ومنها قبر خميني الذي يحوي من الأبهة والفخفخة والزينة والتفاخر ما فاق الوصف وخرج عن الدين خروجا سافرا.. وفي هذا علوا كبيرا كعلو فرعون.
في إيران الملالي تجد أن إيران دولتين : الدولة (أ) للخاصة لا تعرف أزمة ولا جوعا ولا ضنكا وترى فيها من الرفاه ما يربك العقول وهذه هي دولة الملالي التي يجب أن يخضع لها الجميع في الدولة الأخرى وهي الدولة (ب) ويسبحون بحمدها حتى وإن تفاقمت الشدائد لا يحق لهم سوى الصبر الأبدي وهو فريضة مقدسة لكنها ليست على دولة الملالي وإنما على الدولة (ب) التي هي من عامة الناس من مهندسين ومحامين وعمال وطلبة وفقراء ومعدمين تحت خطر الفقر بدرجات وآخرين يرون في الموت نعيما على الحياة في ظل سلطات الملالي المتعددة كسلطة الرئاسة وزبانيتها ومن لف لفها، وسلطة المخابرات ولها زبانيتها، والسلطة القضائية وزبانيتها، وسلطة الحرس وهي دولة أخرى قائمة بذاتها أما ولي فقيه فهو المؤيد بالحق الإلهي وسلطته فوق كل السلطات ويعلو عليها متفوقا على بابا الدولة البيزنطية بالقسطنطينية في زمانها، وعلى الشعب أقصد شعب الدولة (ب) يتحمل جحيم هذه السلطات الطفيلية المترفعة عليه صاغرا وإن تكلم ساقوه إلى حتفه ومعلبات التهم جاهزة وأهمها تهمة الحِرابة والإفساد في الأرض حيث يرى الملالي المفسدون في الأرض بأنهم شرعية إلهية لا يجوز الخروج عليها إلا أن الشعب قد طفح به الكيل وخرج عليهم ليشنقهم بعمائهم ويجعلهم عبرة تاريخية ويواجه نظام ولي الفقيه ثورة الشعب بفتوى وأحكام حد الحِرابة والإفساد في الأرض لإبادتهم ضمن مسعاه من أجل إنقاذ نفسه كما فعل في مجازر الإبادة الجماعية سنة 1988 عندما أعدم 30 ألف سجين سياسي من صفوة النخبة بالمجتمع الإيراني الذين لا تنطبق عليهم فتوى الحٍرابة الباطلة.
تصدير الثورة ليس تصديرا للأوبئة والبلاء
لا يخفى على القاصي والداني ما فعلته ثورة الملالي بالشعب الإيراني وشعوب ودول المنطقة، وعن أي ثورة يتحدثون وقد جاءوا بثورة غيرهم متسلقين إلى السلطة ولم تثبت الـ 43 سنة الماضية وجود ثورة لهم بمعنى كلمة الثورة تجسدهم وتجسد رؤيتهم هذا إن كان لهم فكرا ورؤية حقيقيين تستطيع الصمود والتواجد من خلالهما فأهل الفكر والرؤى الحقيقية أهل سداد ورشد، وأما حقيقة الملالي فهم أهل نزعة سلطوية نفعية وصلت إلى السلطة مصادفة ودون وجه حق ولن تتخلى عنها إلا أن تُنتزع منها السلطة إنتزاعا بثورة شعبية كثورة اليوم.
مفردة ثورة مفردة كبيرة واسعة وعميقة تقوم على رؤية وقيم إنسانية راقية وفي حال دولة كإيران لا تُختصر في لغة أو قوم أو دين أو طائفة أو منطقة أو فئة وإنما تهيمن عليها كرامة الوطن ويكون الإنسان فيها هو الجوهر والغاية، ومن يريد أن يصدر ثورة فعليه أن يكون صاحب ثورة أو نهضة فكرية ثم يشرع بتصديرها، وكل ما صدره ملالي إيران لم يكون سوى سموم الجهل والعنصرية والطائفية والقتل والإحتراب ودمار الشعوب والبلدان ولم يكتفوا بتصدير تلك السموم لدول المنطقة فراحوا يصدرون ويسهلون تصدير المخدرات لدول المنطقة عن طريق البحر وحدود العراق وسوريا لهدم المجتمعات ونشر الدمار والتفكك الإجتماعي كإحدى أشكال الحرب التي لا تدل أبدا على وجود نظام ديني حقيقي، أو نظام ثوري ذو قيم تردعه عن فعل هذه الجرائم سواء نشر المخدرات أو نشر الإرهاب أو تفتيت البلدان والشعوب وشق الصفوف.
لقد تجبر ملالي طهران وأجرموا بحق شعبهم وشعوبنا ودولنا وأقل ما يمكننا قوله عنهم أنهم طغاة جبابرة خرجوا عن دين الله وكافة الشرائع الإنسانية، وقد حانت ساعة زوالهم، وإن موعدهم الصبح .. أليس الصبح بقريب.
د.عبدالسلام حرمه / نائب برلماني موريتاني