عائشة الحسنات تكتب:
دور المرأة في القيادة السياسية (1-2)
بداية هل المرأة قضية، وهل من مؤمن بوجود المرأة ثم بدورها؟
من نحن كمجتمعات، وهل يتوافق تعاطينا مع المرأة وحقوقها مع القيم الدينية والإنسانية؟
هل تؤمن المرأة بذاتها وأثرها الكبير في الحياة متجهة نحو تفعيل إيمانها هذا وتعظيم أثرها؟
ليست المرأة مخلوقا معاديا قادما من كوكب آخر، ساعيا لخلق أزمات بين بني البشر وإعاقة تنميتهم، ولا هي صاحبة نظرية جديدة مخالفة لحياة البشر تسعى من خلالها للهيمنة عليهم وتسخيرهم لخدمة نزعاتها؛ بل هي شقيقة هذه وتلك الأخت وذاك الأخ أبناء ذاك الأب الرجل وابنة تلك وهذه الأم أي أنهم جميعا نتاج إتحاد رجل وإمرأة إتحدوا في التوافق فيما بينهما والإيمان ببعضهما البعض ورغبتهما في بناء أسرة مثالية ومجتمع، فإن وُفِقا في ذلك كان نجاحاً لكليهما، وإن أخفقا فالفشل يلحق بكليهما ثم يعود بالتالي على المجتمع بالخسران، وتُلقي فئة كبيرة من المجتمع باللائمة والمديح أكثر على المرأة في كلتا الحالتين النجاح أو الفشل في إعداد وتقديم الأبناء بنيناً وبنات للمجتمع، وأنا بدوري كإمرأة أضع كامل المسؤولية في إعداد وتربية وتأهيل النشئ والمجتمع ككل على عاتق المرأة كزوجة معتزة جديرة بوجودها وشراكتها الكاملة المميزة في أسرتها ومجتمعها كأم لصيقة بأبنائها حانية حريصة عليهم تزرع فيهم جانب المودة والرحمة التي أشار إليها رب العزة في كتاب الكريم، وكشقيقة تظلل على أشقائها بالود والتراحم وعلى مجتمعها بالحرص والحس المسؤول مقدمة العون.. هذه هي المرأة.
نعم هذه هي المرأة، وهي ليست بقضية حتى يتم التعامل معها الجميع بهذه النمطية أو يطرحها البعض كـ نِدٍ يدخل في صراعٍ وتحدٍ مع الآخر، وقد لا يكون الآخر رجلاً بل إمرأة لا تؤمن بذاتها فلا تستطيع الوجود ولا الدفاع عن نفسها أو المطالبة بحقوقها، وكذلك تُنجب ضحايا داخل المجتمع لتتكرر مأساتها في أبنائها رجالاً ونساءاً، وهنا تصبح المرأة غير المؤمنة بذاتها ووجودها الكامل قضية؛ ليست قضية نسوية وإنما قضية إجتماعية فالآباء العظام يأكلهم الخوف على بناتهم إن كان بهن ضعف أو خنوع، وعلى العكس تنتصب قاماتهم عزا وفخرا ببناتهم وشقيقاتهم عندما يرونهن عظيمات قويات وأمهات للمجتمعات الناجحة، ومن النساء اللواتي بمثابة قضايا وأزمات في مجتمعاتهن من يدفعن بالمرأة نحو الخنوع والبقاء في المجتمع كأداة ووسيلة وتابعة ليست أكثر، وعلى الجانب الآخر المشابه رجلا يعامل المرأة بفوقية وإخضاع فيكسر بذلك شخصيات ذريته عندما يكسر بأمهم مثلهم وقدوتهم وكيانهم أمامهم، ونفس هذه المرأة المستضعفة لا يمكن لها أن تكون معلمة جيدة أو مهندسة أو فنانة مبدعة، أو قائدة رائدة تقود نهضة أو أمة و مسيرة أو مرحلة بعينها، وهنا يصبح من الواضح والجلي أننا أمام كارثة إجتماعية كبيرة أساسها عدم الإيمان بالمرأة وعدم اضطلاعها بدورها الكامل، وأياً كانت الأسباب والدوافع التي أدت إلى هذه الكارثة فالسبب الأول والرئيسي هو غياب الدور الحقيقي للمرأة.، وغياب من يؤمن إيمانا كاملا بالمرأة نساءاً ورجالاً.
من نحن كمجتمعات، وهل يتوافق تعاطينا مع المرأة وحقوقها مع القيم الدينية والإنسانية؟
نعم .. لابد من هذا التساؤل لقراءة ذاتنا والتصالح معها بعد جلدها إن استوجب الأمر فعل ذلك ولا عيب فيه كي نستقيم جميعا ويكون لوجودنا دوراً هادفاً يليق بإنسانيتنا.. أما من نحن فهذه هي البداية فمعرفتنا بذاتنا وحقوقنا وواجباتنا وقدراتنا وأحجامنا ضرورية من أجل الإنطلاق منها إلى نقطة الإرتقاء ؟ كما يجب أن نتسائل على طريق الإرتقاء هل نعيش ذات الإنسان الذي كرمه الله ونعمه ورفعه على سائر خلقه أم تجردنا من هذا الكرامة الإلهية العظيمة وجنحنا للنفس الأمارة بالسوء وما يتبعه من مصائب سلوكية؟ وهل يتوافق وضع وحال المرأة مع قيمنا الدينية والإنسانية التي نشاهر ونصدح بها في كل حال وحين؛ فإن كان التوافق المطلوب حاصلا فلا قضية لدينا والمرأة في مكانتها المطلوبة قائدة سياسية ورائدة ومربية موفقة ومعلمة ناجحة ومهندسة مبدعة وجودها هادف وأثرها بالغ الرشد والنمو وفوق هذا كله كنا في مجتمع عادل قريب من مرضاة الله، وإن لم نكن كذلك فقد خرجنا عن حدود الله إذ يقول رب العزة (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).، وسأقول بلغة متلطفة أن الحقيقة هي أننا لسنا في حالة توافق في تعاطينا مع المرأة وحقوقها مع قيمنا الدينية والإنسانية، وأننا في حالة نضال لتحقيق ذلك في بلداننا العربية والإسلامية من أجل الوصول بالمرأة إلى مستوى القيادة في كافة المجالات، وفي مقدمة ذلك القيادة السياسية التي ستحقق للمرأة والمجتمع الوجود الحقيقي المزدهر المستقر، وتعد المرأة الإيرانية من أكثر النساء المسلمات اللواتي تعرضن إلى بغي وظلم وغبن واضطاد، وفي الوقت ذاته أصبحن اليوم في طليعة النساء المسلمات المناضلات سواء على صعيد النضال على أرضية الشارع وتقديم التضحيات أو على صعيد القيادة السياسية بالمقاومة الإيرانية، وأثبتت التجربة وجود دور شجاعٍ عميقٍ وناضجٍ لهن في مسيرتهن النضالية نحو حرية المرأة والمجتمع وتعزيز مكانتها وخلق إمرأة تعظم من شأن ذاتها وأبنائها ومجتمعها بالحق.
نعم من أجل إمرأة حرة وقائدة... يُتبع