عائشة الحسنات تكتب لـ(اليوم الثامن):
ذكرى الثامن من آذار من كل عام ذكرى نهضة تحيينا ونحييها
نهضة المرأة العربية مروراً بذكرى الثامن من آذار/ مارس وإنطلاقاً منها نهضة تستحق المراجعات وحقيقة لابد أن نعترف بها، ومسار كُتِب له الوجود وينبغي له البقاء والنمو والإستمرار...
معنى أن يكون الثامن من آذار/ مارس يوماً عالمياً للمرأة ونضالها ونهضتها هو أن المرأة كانت مضطهدة في كل مكان على مر العصور ولا زالت كذلك بدليل أن الحديث عن هذا الأمر لا يزال يأخذ مساحة واهتماماً كبيرين، وكذلك نجد أن هناك استعراضاً وادعاءاتً منمقةً ومفرطةً بعض الأحيان؛ ففي بعض الأماكن من هذا العالم نجد أن الشعارات والأفكار والإعلام بخصوص المرأة وحقوقها لا تتطابق مع واقع الحال، إلا أن بعض الشعوب وبعض الحكومات قد قطعت أشواطاً كبيرةً في هذا المجال وبتنا مع الأسف نخطو خلفهم بعد أن كنا أول المتقدمين في هذا المجال وكانت قيمنا وسلوكياتنا في مجال حقوق المرأة وحقوق الإنسان على أرفع وأرقى من يكون من الفكر والعقيدة والممارسة والسلوك؛ وتراجعنا عن الفكر والعقيدة فتردينا ممارسةً وسلوكاً وبتنا في خلف الركب، واليوم نلهث للحاق بغيرنا في هذا المجال علنا نلحق به، ولو استعدنا إخلاصنا لعقيدتنا وفكرنا لاستعدنا مكانتنا بوقار وكانت حقوق المرأة وحقوق الإنسان في المرتبة الأولى عالمياً.
كرم الإسلام الإنسان في قول الله تبارك وتعالى (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر)، ثم قال تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) ثم قال (وتعاونوا على البر والتقوى) وأحسنوا .. واتقوا، و(من عمِل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) وكثير من الآيات في القرآن الكريم التي تعز الإنسان وتعز شأن المرأة، أما المساواة في الإسلام فكانت أكثر وضوحاً وعدلا في قول رب العزة ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات ...إلى أخر الأيات لهي دليل دقيق على العدل والمساواة في الإسلام ثواباً وعقاباً، أما تكريم الوالدين في الإسلام فكان دليلاً آخر على تكريم المرأة والإنسان في قوله تعالى (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن) بوالديه حملته أمه، ثم القول الفصل الذي يجب أن يقف عنده كل تقي عادل منصف حيث قرن العزيز الكريم حكمه التام بعبادته مع الإحسان للوالدين فقال (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)، أما المرأة فهي أمانة ومن وصايا الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله إذ قال (استوصوا بالنساء خيرا).
يحتفل العالم في الثامن من آذار/ مارس من كل عام باليوم العالمي للمرأة التي هي الركيزة الأساسية في المجتمع، فهي التي تهب الحياة وتعطي لوجودها معنىً وتجعلها مليئة بالحب والطمأنينة، المرأة أم الانسانية التي لا يكتمل المجتمع إلا بها هي الأم، والأخت، والحبيبة، والصديقة، والإبنة، والزوجة، والشريكة التي حققت الانجازات وتخطت العقبات لتحمل رسالة مجد وفخر للعالم بما حققته الى أن أصبح مشهود لها في جميع المجالات أن رسمت صورة خالدة مشرقة الألوان تجمع بين خيوطها الإرادة والعزيمة لتتبوأ مكانتها في المجتمع، وهي من تعبت وناضلت حتى أصبحت جنباً إلى إلى جانب مع أخيها الرجل لا خلفه بل وأمامه في بعض الأحيان جدارة وتضحية وإيثاراً، وهنا للمرأة كامل المجد والتقدير إذ حقق في الأردن إنجازات وتقدما عظيما ومكانة وحضورا ريادياً وبات لها شأنها التعليمي، والسياسي تتشارك القيادة والمسؤولية الوطنية مع إخوانها الرجال في مسيرة البناء والإصلاح والتنمية، وكذلك على الصعيد الدبلوماسي رافعة شأن بلادها، وإجتماعيا مصلحة وموجهة، وفي سوق الأعمال رائدة معززة لمسيرة النمو الاقتصادي تكاد الحروف والكلمات تفيها حقها تعبيراً في وصف مواقفها البطولية وما حققته وهي تقف شامخة في ميادين العمل والأسرة والمجتمع مقدمة عصارة جهدها و فكرها وكيف لا وهي بقدرة الله عز وجل سكنا للخلق مشيعة المودة والرحمة فيهم.
وعلى الصعيد النضالي لا تزال المرأة في الأردن لم تكتفي بما حققته من مكانة ريادية متقدمة على كافة الصعد مميزة بين قريناتها العربيات، وكذلك حققت المرأة العربية شوطا كبيرا في مسيرة التحرر والنهضة والمساواة، وفي اليمن والعراق وسوريا ولبنان تكافح المرأة من أجل الوجود الحقيقي وتخطي الصعاب وصنع المعجزات للنهوض بمجتمعها وحماية أبنائها وذويها والصمود في وجه الكوارث.
وفي الشرق الأوسط حققت المرأة الإيرانية مكانة عظيمة حيث تقود اليوم السيدة مريم رجوي أكبر مسيرة نسوية في العالم اليوم كما تقود كبرى المؤسسات والأصرح السياسية النضالية الإيرانية ألا وهي المقاومة الإيرانية، وفي أشرف النضال تقود المرأة الإيرانية المناضلة أعظم مسيرة نضالية في وجه الطغيان وظلم المرأة من أجل إقامة جمهورية ديمقراطية حرة تسودها العدالة والمساواة والسلم الإجتماعي وتحترم الجوار والأمن والسلم الدوليين.
وفي داخل إيران تقود المرأة الإيرانية انتفاضة عارمة منذ سبعة أشهر للإنتقال من الدكتاتورية والإستبداد إلى الديمقراطية وحرية المرأة وسلطة الشعب، وبنجاح ثورتها لا تنقذ شعبها وتراثها وتاريخها وعقيدتها وتستعيد حريتها كرامتها فحسب بل ستساهم في تحقيق نهضة نسوية كبيرة في الشرق الأوسط والعالم من خلال العملية السياسية والعلمية والإقتصادية والقضائية التي ستقودها المرأة.
إن اي نجاح على طريق نهضة المرأة في الشرق الأوسط والعالم هو نجاح وفخر لنا جميعا، وللتذكير فإننا لا نستعير فكراً نهضوياً للمرأة والمجتمع في عالمنا بل نستمده من خلال العودة إلى عقيدتنا الإسلامية المحمدية وتعاليمها الصحيحة القويمة بعيداً عن التطرف والعنف، ومن هنا فإننا بإحيائنا للثامن من آذار / مارس من كل عام نحيي فينا نهضة مفقودة في عقيدتنا يحييها فينا هذا اليوم ويذكرنا بها.
عاشت نهضة ومسيرة المرأة من أجل حريتها وكرامتها وكرامة ورفعة مجتمعها.