د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

ما هو سر الإنقلابات والحروب العبثية في الوطن العربي ؟؟!!

العرب يقتلون شعوبهم وفاقهم في السلاح  ويدمرون مدنهم وتسيل دماؤهم بأيديهم هذه اللوحة القاتمة في الحياة العربية الان.. لها اسبابها المدفونة تحت التراب ومحركاتها المخفية عن الانظار. وكان لابد لنا من البحث  قليلا في اعماق التاريخ  لمعرفة ما يدور امامنا فان الحاضر مولود من رحم الماضي والتاريخ مدرسة لمن يريد ان يعرف الحقيقة!!
يخطئ من يعتقد أن ما يجري اليوم في بعض البلاد العربية من حروب عبثية أو انقلابات عسكرية وحروب مذهبية وطائفية وقبلية  ليس بمحض الصدفة بل ان واقع الحال يؤكد لنا ان بعض تلك الأنظمة  ليست سوى احجار شطرنج على رقعة العالم العربي والإسلامي  ومؤامرة تم نسجها بخبث ودهاء تقوم بها الدول الاستعمارية الغربية التي خرجت من بلادنا تحت اسم الاستقلال ولكنها عادت الينا منذ زمن وهي نسجت خيوط المشروع الغربي لتدمير العالم العربي.
نرجع الى عام 1905 حيث  دعا رئيس وزراء بريطانيا السير(كامبل بانرمان) الدول الاستعمارية الكبري في القرن التاسع عشر وهي (فرنسا وهولندا وبلجيكا واسبانيا والبرتغال وايطاليا) الى مؤتمر سري عقد في (لندن) لبحث المحافظة على نفوذ تلك الدول و تدمير الدول التي تختلف معها.. والتي لا تسير في ركابها. وبدأ السير (كامبل ) بان سأل المؤتمرين  : 
هل تريدون البقاء على القمة او السقوط..؟
فأجابه الجميع نريد البقاء على القمة!!
ونعتقد ان هذا من اهم المؤتمرات التي نشأت عنها معظم الكوارث التي اصابت العالم العربي من تقسم بلاد الشام بحسب اتفاق : (سايكس بيكو) او (وعد بلفور) الذي تبناه  وزير خارجية بريطانيا سنة 1917م بأنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين او اعلان قيام دولة اسرائيل سنة 1948او (معاهدة لوزان )بإعطاء لواء الاسكندرون السوري الى تركيا..الخ.
اجتمعت الدول السبعة في لندن وكانت تنظر الى العالم بعقليتها الاستعمارية الخبيثة. واتضح لها ان البحر الابيض المتوسط هو شريان الحياة بالنسبة للدول المجتمعة في (لندن) فهو الطريق الموصل الى مستعمراتها في ذلك الزمان او في المستعمرات التي تنوي استعمارها في المستقبل القريب.. فيجب المحافظة عليه من اي اعتداء خارجي.
ولكن اتضح للدول المجتمعة ان الشواطئ الجنوبية للبحر الابيض المتوسط يعيش عليها (شعب واحد) من العرب وهو في نظرهم همجي غير متحضر وهو يهدد هذه المنطقة بأسرها. الا انه شعب واحد يتكلم لغة واحدة ويدين بدين واحد ومتوفر له وحدة التاريخ واللغة. ويستطيع المواطن العربي السير من (الكويت) على الخليج العربي الى (نواكشوط ) بدون هوية او جواز سفر. مما يجعله خطرا على الدول الغربية وحضارتها وان هذه  الاراضي العربية تقع في اعماقها ثروات هائلة وكميات ضخمة من النفط والذهب والمعادن الاخرى بكافة انواعها وهم جهلة وهمجيون ولا يعرفون استخراجها.
فقام المؤتمرون بعقليتهم الاستعمارية  بتصنيف هذه الشعوب وهذه الاوطان بمقياس استعماري  وقسموا العالم الى ثلاث مناطق هي:-
-1- دول الحضارة الغربية المسيحية. وهي في المرتبة الاولى في العالم وهي تشمل الدول الاوروبية ودول امريكا الشمالية وكذلك استراليا.
2-- دول تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية  ولكن لا يوجد تصادم حضاري مع العالم الغربي بسبب بعدها عن العالم الحضاري وهي : الهند والصين ودول جنوب شرق اسيا اضافة الى دول امريكا الجنوبية.
3-- دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية. ولكن التصادم الحضاري واقع لا محالة فهي دول الديانات السماوية الثلاث وهي تحديدا (الدول العربية) خاصة (والدول الاسلامية )عامة. فكل منها له بعد في اعماق التاريخ وبالتالي فهي تتمتع بحضارة تختلف عن الحضارة الغربية المسيحية مما يجعل التصادم الحضاري واقعا لا محالة فهي تشكل تهديدا خطيرا على الدول الغربية المتفوقة في كل شيء.
وبدأ الفكر الاستعماري الخبيث الذي يسير بمنهج الغطرسة والتعالي عن باقي الشعوب .
وتوصل المجتمعون الى ضرورة وضع (جسم غريب) في هذه المنطقة العربية وحددوا لها ادوارا ثلاثة هي :-
-1- ان تشطر العالم العربي الي شطرين فتفصل العرب الذين يسكنون في اسيا عن باقي اخوانهم العرب الذين يسكنون افريقيا.
- 2 -ان يجعل المنطقة العربية في حالة دائمة من التوتر والفتن والحروب الطائفية والمذهبية والدينية والسياسية .
-3-ان يكون  هذا الجسم مواليا الى الغرب 100% دائما وأبدا
وهكذا بدأ المشروع الغربي الذي يكون من مهماته اثارة الفتن والمذهبية والطائفية والدينية والعرفية والسياسية.
هذا بداية المشروع الغربي ضد وحدة العالم العربي والعالم الاسلامي  وكانت الحركة الصهيونية تبحث عن وطن لليهود بعد المؤتمر الصهيوني الاول الذي عقد في ( بازل) بسويسرا بزعامة الصحفي النمساوي (هرتزل) وكان شعارهم (نبحث عن ارض بلا شعب.. لتكون وطنا لشعب بدون ارض). حيث اختاروا (فلسطين) وطنا لهم. فذهبوا الى بريطانيا وعرضوا خدماتهم وفعلا صدر (وعد بلفور) المشؤوم من وزير خارجية بريطانيا العظمى سنة 1917م الى اليهود ليكونوا هذا (الشريط العازل) بين العالم العربي والعالم الغربي. واتفق (هرتزل) مع بريطانيا على تنفيذ جميع الطلبات الغربية.. مشترطا اعطاء اليهود دولة في فلسطين تسمى دولة (اسرائيل) وتقوم بتعكير جو المنطقة دائما اذا مدها الغرب بكل ما تحتاجه.
وافقت بريطانيا والدول المجتمعة على اقامة دولة لليهود في فلسطين .
ورأت اسرائيل  نجما جديدا يظهر في السماء العالمية وهو القوة الامريكية التي كانت سبب الانتصار في الحرب العالمية الثانية.. فهرول الاسرائيليون رجالا ونساء نحو امريكا وحلت محل الدول الغربية في تنفيذ المشروع  وها نحن الآن نرى شلالات الدماء والدمار في بعض العواصم العربية والاصابع الاسرائيلية.. خلفه والدول الغربية تزودهم بالسلاح وكثيرا ما نرى الحروب بالوكالة امام اعيننا وهذا ما حدث ويحدث  بالفعل اليوم في الوطن العربي!!
د . علوي عمر بن فريد