د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):
لم يعد الأول من أيار مايو عيداً للعمال بل يوماً من أيام العبودية المعاصرة للعامل والمرأة
اعتدنا في نهضة عمرنا على أن نصبح في الأول من أيار على رمزية يومٍ هامٍ في حياتنا له قيمته وقدره يحييه أهل اليمين واليسار السياسيين على حد سواء مع الفارق، ولم يكن الأول من أيار يوماً للطبقة العاملة فحسب بل يوماً هاماً من أيام الدول التي تقر بأن نهضتها وديمومتها قائمة بفضل وجود الطبقة العاملة التي باتت لأهميتها في عالم التنمية مادة للتصدير، وبعد تحررها من العبودية تتعرض اليوم إلى الإستغلال (الإستغلال حد العبودية) من قبل القوى الرأسمالية الرجعية التي استعبدت وتستعبد العمال في كافة ميادين العمل لساعات عمل كانت تصل إلى 20 ساعة عمل في بعض الأحيان لقاء أجورٍ زهيدة بالكاد تكفي قوتهم اليومي أو لا تكفي، وكان البعض منهم يعمل مقابل هذا القوت ذاته، ولم تكن في حينها موجات التحرر وتحرير العبيد سوى صرعة صرعونا بطنينها منظروا الطبقة المخملية الذين وضعوا الفكر وقولبوه في قالب الرأسمالية التي كانت قائمة على استعباد الغير لتُطلِق سراحهم من باب محجر العبودية وتستقبلهم على باب محجر الجوع والفقر والعوز المطلق وتُدخلهم صاغرين بل وممتنين إلى بيئة الإستغلال التي هي وجهاً آخر لا يقل بشاعة ولؤماً وعاراً عن العبودية وبات رأي الإنسان اليوم وكرامته رهينة خبزه ووسائل معيشته، وصوته الإنتخابي يُباع ويُشترى ويُساوم عليه وفي نهاية الإنتخابات يُطلِق الإعلام العقيم أبواقه بنجاح مهزلة ومسرحية لصوص ومجرمين أسموها بالعملية الديمقراطية في بلدان بأمس الحاجة إلى الديمقراطية الحقيقية؛ بأمس الحاجة إلى من ينتمي إليها بصدق ويخدمها ويمثلها بشرف وإخلاص، وتتمخض الديمقراطية وتلِد لصوصاً ومجرمين كما يتمخض الجبل ويلِد فأراً لتستمر دائرة العبودية من النمط التقليدي لها إلى النمط المنمق إلى النمط المعاصر ليستمر إضطهاد الكادحين والطبقة العاملة الذين يمثلون غالبية الدول والشعوب خاصة الدول التي عانت ويلات الحروب وتبعات الأنظمة الإستبدادية الفاسدة الفاشلة سياسياً وإدارياً واقتصادياً والتي أفرزت بطبيعة الحال فئة جديدة منهكة ومُعدمة داخل الطبقة العاملة ألا وهي المرأة العاملة المُعيلة التي تُعيل في بعض الأحيان أحفاداً وأرامل وأبناءاً معوقين تحت مظلتها الدافئة الرحيمة، وأبرز هذه الدول بالمنطقة (العراق .. وإيران) كنموذجان يتربعان متوجين على قمة معدلات العار فيما يتعلق بأوضاع العمال والكادحين والطبقة العاملة والمرأة العاملة المُعيلة، والحريات وما يسمونها بالديمقراطية (الديمقراطية البعر...رية) التي أنتجت ما نراه من أوبئة، وأما ما سنراه بعد زوالهم فلا تحدثن إبليس عنه خشية الشماتة.
العمال والمرأة العاملة في العراق
حوى العراق في ثمانينيات القرن الماضي عمالة غير عراقية بلغت قرابة ثمانية ملايين عامل ومتسكع من جنسيات مختلفة يعملون في سوق العمل إلى جانب العمال العراقيين ولم تكن المداخيل النفطية كما هي الحال الفلكي اليوم، ولم تعاني الطبقة العراقية العاملة من سوء ولم تعاني المرأة العراقية العاملة والمعيلة من سوء وكانت الحياة بين رخاءٍ وإكتفاء، وكان المكون الإجتماعي الطبقي سليما متناغماً (الطبقة العليا – الطبقة الوسطى – والطبقة الأدنى طبقة الكادحين والفقراء).
اليوم وبعد سنين من تراكم الثروة النفطية، وفي عصر الديمقراطية (الديمقراطية البعر...رية "مصطلح لن يفهمه إلا البعض") لا توجد عمالة أجنبية بذلك القدر في العراق ولا عشره في العراق، ومع المداخيل النفطية الفلكية إلا أن البؤس يتربع على صدور الغالبية العظمى من المجتمع العراقي وقد بلغت البطالة العلا في كافة المجالات إذ عطلت مجهلة سلطة العراق كافة إنتاجه ليصبح العراق متنفساً لإنتاج الغير، وتعمل العمالة الأجنبية بأجور أعلى من العمالة العراقية بكثير في قطاعات كثيرة ومنها مواقع حكومية، ومع المداخيل النفطية الفلكية وتصريح رئيس الوزراء (الضرورة) في حينه مصطفى الكاظمي الذي انتعش من عمل معه ومن حوله بأنه ترك أو سلم لسلفه 85 مليار دولاراً و130 طناً من الذهب وفي رواية أخرى أنه ترك أكثر من 120 مليار دولار، ومع هذا كله تدفع المرأة العراقية المعيلة بيديها المتعبتين عربة غاز تبيع عليها إسطوانات الغاز في الشوارع والأزقة محتملة الحر والبرد والتعب والأسى ونظرات الشفقة ونظرات أخرى غير بريئة، وتعمل نساء عراقيات أخريات مع قطعان المعدمين على مكبات النفايات، أما عراقيات أخريات فقد تمنين من مخيمات النزوح التي لا زالت قائمة أن يعملن في مكبات النفايات هذه ليوفرن لقمة العيش الكريمة لعوائلهن ويعدن مساءا إلى بيوت آمنة مطمئنة.
أما المكون الإجتماعي الطبقي فلم يعد سليماً ولا متناغماً أبداً بل بات ذلك من الأحلام التي بها أهل الثقافة والفكر الإجتماعي بالعراق فقد باتت الطبقات الإجتماعية في العراق كواقع حال على النحو الآتي : ( طبقة ثرية ... – طبقة غنية – طبقة فقيرة – طبقة معدومة) وفئة تحسد من في القبور على حالهم.. وهذا هو واقع الحال في ظل هذه المداخيل المالية الفلكية.، ويتحمل مسؤولية ذلك كله المجتمع الدولي الذي هدم الدولة العراقية ومؤسساته ولم يقمها فحسب بل سلمها للنظام الإيراني وجنوده من المتردية والنطيحة "وما لا يأكلها السبع".
أما المؤسسات الدينية مؤسسات التجهيل والتخدير ونشر الفساد والتستر على الجرائم ورموزها علماء ومراجع الدين لا تعلم لمن ولماذا يجمعون الخمس والزكاة والصدقات والحقوق الشرعية الأخرى فلا يذهب منها شيء لفقير مسلم كان أو غير مسلم .. ولا يذهب منها شيئا من أجل عفة إمرأة أو كرامة بشر أو مساعدة عابر سبيل أو مؤسسات خيرية تخدم الناس، لهم مؤسسات صحية خيرية بنوها على أساس أنها خيرية من أموال الحقوق الشرعية ولم تنل من الوصف إلا إسمها ولا يتعالج فيها إلا ذويهم وأصحاب القدرات المالية العالية، وحال الأدعياء بالدين في العراق هو حال طلاب مستنسخين من أساتذتهم.
العمال والنساء العاملات في إيران
في إيران الخلافة الإلهية والسلطة المقدسة المنزهة التي لا نعرف لها هوية يتم استقبال يوم عيد العمال العالمي بطرد عشرات آلاف العمال من أعمالهم كل سنة وينتظر 400 عامل من عمال كبرى المؤسسات الاقتصادية لدى خامنئي أمر طردهم ليحل محلهم 4000 آخرين (موقع انتخاب الحكومي 28 أبريل 2023)، وتتم مساومة مئات الآلاف منهم على أرزاقهم وكرامتهم، وتنتظرهم السجون ومقاصل الإعدام التي لم تكتفي من دماء الأبرياء واخرهم مواطنون بلوش تم إعدامهم على نحو عنصري.، ويبدو أن العمال والكادحين والوطنيين الأحرار في إيران قد خُلِقوا إما للعبودية والفقر والجوع والموت البائس والإستغلال أو التعذيب والتنكيل في السجون أو المشانق ومقاصل الإعدام أو المنافي ولا تستغربوا إن وجدتم ما يقرب من ربع الإيرانيين في السجون والمنافي وتحت التراب.، إلا أن نظام الخلافة الإلهية والسلطة المقدسة المنزهة هذا يخشى كثيراً من ثورة العمال والطلاب ولذلك يمارس عليهم أشد الممارسات القمعية الغبية التي وصلت إلى حد تسميم عشرات الآلاف من طالبات المدارس معظمهن في سن الطفولة والمراهقة.
في ظل الخلافة الإلهية والسلطة المقدسة المنزهة التي لا نعرفها على أي دين لا كرامة ولا قيمة للإنسان ولا للمرأة، فالمرأة التي هي عماد المجتمع خاصة في دولة كإيران التي تحتل أعلى مراتب النساء المعيلات في العالم الإسلامي تعرض إلى أسوأ حملات القمع والإعتقال والتعذيب والتنكيل والقتل والمساومة والإستعباد ولم لم يقف الأمر عن هذا الحد حتى باتت النساء العاملات في إيران يعملن أشق وأصعب المهن منها الحمالة أو (العِتالة) أو المناجم أو في مكبات القمامة أو بائعات متجولات، حتى أن زوجة عقيد متقاعد في الجيش الإيراني تعمل كبائعة متجولة ولا يعيبها ذلك فالعمل والحياة بشرف لا يوجد أطهر منها بعيداً عن سلطة هؤلاء اللصوص والمجرمين في جمهورية الخلافة الإلهية المقدسة المنزهة.
أما المكون الإجتماعي في إيران فهو كما الحال في العراق بل أسوأ ولم يعد سليماً ولا متناغماً أبداً ويبكي حاله الوطنيون وأهل العلم والأصالة وأحرار المجتمع، وأصبحت الطبقات والفئات الإجتماعية في إيران في شكل جديد متنافر ومتباعد بين ( طبقة ثرية طبقة متنفذي السلطة وواجهاتهم – الطبقة الغنية – الطبقة الفقيرة – طبقة تحت خط الفقر وتتمنى الخط - طبقة معدومة) وفئة تحسد من في القبور على حالهم.. وبالفعل كاد الفقر أن يكون كفرا .. أو دافعا إلى الجريمة والفساد في ظل الخلافة الإلهية والسلطة المقدسة المنزهة والموارد المالية العالية المتعددة في إيران.
ومع إحتلال ملالي الشؤم وجنودهم لأربع دول عربية تزداد محنة المرأة والعمال وتتسع رقعة الفقر والبؤس والجهل والضياع .. ولا حل النهضة .. النهضة والثورة وشنق الملالي بعمائمهم، وشنق من تبعهم من جندهم بأمعائهم.
يا عمال العالم اتحدوا .. ويا عمال العراق وإيران انتفضوا واحرقوا الأرض تحت أقدام البغاة واللصوص والمجرمين والمفسدين والمدعين حتى لو بقى منكم النصف يعيشون بكرامة فذلك أفضل من العيش بذل ومهانة في دول تاريخية غنية ومقتدرة.
د.محمد الموسوي / كاتب عراقي