د. صبري عفيف يكتب لـ(اليوم الثامن):

المجلس الانتقالي الجنوبي ومشروع التحالف العربي.. إلى أين تمضي الأوضاع؟

عدن

في مطلع الازمة اليمنية كان الشعب صادقا منذ اللحظة الأولى من مشروع التحالف العربي في مواجهة المليشيات الحوثية في اليمن.، فبعد يوم من ضربات عاصفة الحزم طل علينا الرئيس علي سالم البيض في مقابلة تلفزيونية أكد وقوف شعب الجنوب مع التحالف العربي، لتحقيق اهداف عاصفة الحزم المنشود، ومن ثم توالت التأيدات الرسمية والشعبية، وهب شعب الجنوب للمقاومة والمواجهة والتصدي ولم تمر سوى أشهر والانتصارات تتولى في الجنوب حتى أصبحت معظم أراضي الجنوب محررة من المليشيات الحوثية وتلتها المعركة الكبرى مع الارهاب،  التي كان الجنوب مسرح العمليات الارهابية دون سواه من مدن اليمن، لكن إرادة الشعب والبسالة والتضحيات تم تحجيم القوى الارهابية وتلقوا هزائم متلاحقة حتى انهم بين حين واخر يتنفسون الصعداء بدعم من بعض الاحزاب والقوى إلا أنهم في مرحلة التقهقر والانهزام. 

أذن لماذا الفيتو السعودية مسلط على المجلس الانتقالي الجنوبي؟  ما هو السر من وراء اضعاف الانتقالي الجنوبي سياسيا وعسكريا واجتماعيا؟ لماذا يفرض على المجلس الانتقالي احضار حليب السباع ، بينما الاخوان والحوثي يسقون حليب الربيع السعودي الطارج يوميا ؟ 

لماذا تحاول السعودية ان تضرب ابرز نقاط قوة الانتقالي الجنوبي؟ 

هل يستطع الانتقالي الجنوبي ان يحافظ على اكبر نقاط قوته (الشعب الجنوبي)؟ 

لماذا يسمح الانتقالي الجنوبي للأخر ان يتسلل ألى صفوف قوته من خلال طريقتين : 

الأولى شراء الولاءات وتفريخ المكونات 

والثانية. تجويع احرار الجنوب شعب وجند ورجال، ونساء واطفال.

إن المتتبع للتحركات الحوثية والاخوانية المصحوبة يرى أن، الصمت العربي المهادن لتلك الحركتين الارهابيتين لما يغترفانه من جرائم ضد شعب الجنوب يستدعي كل ذي لب ان يقرأ هذه الموافق المخيبة للامال. 

سؤال يطرح في اكثر من حلقة نقاش ماذا تريد دول الخليج العربي من الجنوب،وماذا يريد الجنوب منها ، وهل استطاعت الدبلوماسية الجنوبية ان تفككك تلك المعادلة بين شعبنا في الجنوب وشعوب المنطقة في شبه الجزيرة العربية. 

أظن أن الانتقالي رمى اوراقه كاملة في ميدان المواجهة حتى أصبح ولائه للمملكة والعروبة أكثر تشدد من الملكية نفسها ، ومازال حتى اللحظة رغم الهدن والتفاهمات والتحالفات السرية والعلنية بين زعيمة التحالف العربي والقوى الإيرانية والاخوانية في المنطقة والاقليم،  فالاتفاقيات الايرانية السعودية ليست ببعيد وكذلك الدبلوماسية السعودية الحوثية التي بدات تقودها دولة العراق الشقيق ولحقها الوساطة العمانية،  وفي الجانب الآخر كانت الزيارات والاتفاقيات المتبادلة بين المملكة وجمهورية تركيا الاسلامية التي، كانت قبل اليوم الداعي لاسقاط الانظمة الملكية في شبه الجزيرة العربية حين قادت الربيع العربي ودعمت الحركات الغوغايية والارهابية. 

إنه لمن دواعي الاستغراب في سياسة القرن الحادي والعشرين أن تفرض الحرب والحصار على الحلفاء والشركاء للتحالف العربي وفي مقدمتهم المجلس الانتقالي الجنوبي، بينما تلك الحركات والدول التي كانت قبل اليوم الخطر المحدق على الامن القومي العربي فكيف تحولت في ليلة وضحاها من عدو مشترك الى صديق حميم بل حليف في الامن والدفاع المشترك.

أمام هذه التحولات ألا منطقية ماذا تبقى في يدي الانتقالي من اوراق ضاغطة لمواجهة هذا الصلف بل العدوان على شعب بأكمله،  ان الحرب الخدمية والاقتصادية التي فرضت على شعب الجنوب لم تفرض على الشعب العربي الفلسطيني منذ احتلاله حتى اللحظة، ان الموطن في عدن اصبح لا يفرق بين الموت من الجوع او الموت من انقطاع للخدمات. 

الانتقالي ومواجهة الحصار. 

لا تستغرب اخي القارئ ان همست في، أذنيك ان شعب ابي طالب حاضرا اليوم في شعب العيدروس والقطيع وكريتر والمعلا وصيرة والتواهي والشيخ والبساتين والقاهرة وعمر مختار والمنصورة ودار سعد والحسوة انهم يموتون جوعا وتحرق اجسادهم حرارة لاذنب لهم إلا انهم قالوا أنا معكم، وبعد سياستكم سائرون ان وجه الشبه واضح تماما ما تعرض المسلمون له في بداية الدعوة الاسلامية في شعب ابي طالب، يتكرر المشهد اليوم في عدن السلام، ومدينة الامان وبداية والحياة ونهايتها.. 

الانتقالي والمخاطر الداخلية 

إن استشارافنا للمستقبل القريب في الجنوب المحاصر من الشقيقة الكبرى ومباركة عربية واقليمية يجعلنا نقف على أبرز المخاطر التي تحدق بقضية شعبنا وحاملها السياسي المتمثل في المجلس الانتقالي الجنوبي

1- استمرارية الحصار الاقتصادي والخدمي ضد الشعب في الجنوب لتركيعه في سبيل التنازل والانحراف بمسار قضية العادلة والتي تسنها القوانين والاتفاقيات الدولية وليست تلك القضية بدعة بين الامم. 

2- إن سياسة تغذية الصراعات الاجتماعية وزرع المكونات الكرتونية بدلا عن تغذية البطون الجائعة في الجنوب من خيرات ارضها تتجلئ بوادر ازمة مجاعة وهرب اهلية في الجنوب. 

3- ان الصلف والعدوان الحوثي ضد مدن الجنوب الحدودية رغم وجود الهدنة المزعومة يزداد يوما عن يوم فقد اشارت عدد من التقارير انه خلال شهر يوليو المنصرم شنت المليشيات الحوثية اكثر من 35 هجوم صاروخي ومدفعي وطيارات مسيرة سقط على إثرها عدد من النساء والاطفال.. 

4- الاجماع العربي الحوثي الايراني على ايقاف المشتقات النفطية وعدم تصديرها من الجنوب تاركة ازمة اقتصادية وانهيار في، العملة وغلا في الاسعار بينما المليشيات الحوثية تزود بكل المتطلبات الخدمية والوجستية والعسكرية والاقتصادية عبر الموانئ والمطارات. 

المخاطر والتحديات الخارجية.. 

ان القوى المناهضة لقضية شعب الجنوب استطاعت خلال الفترة الماضية ترتيب اوراقها عبر حلفائها في المنطقة والاقليم فالحراك الدبلوملسي العراقي العماني وكذلك التفاهمات الايرانية السعودية،  والتقاربات التركية السعودية كل ذلك الحراك الدبلوماسي لتلك الدول اتاحت فرص للقوى المناهضة لقضيتنا ان ترسم جزء كبير من متطلبات، المرحلة المقبلة. 

حيث إن اغلاق الأبواب امام المجلس الانتقالي الجنوبي،  فتشل حركة الدبلوماسية الجنوبية لدى سفراء الاتحاد الأوروبي التي تعد من ابرز الدبلوماسيات، النشطة والمتفاهمة لقضية شعبنا العادلة، بينما الدول العربية الصديقة والشقيقة التي كان الجنوب ذات يوم جزء من امنها القومي اصبحت مرهونة القرار السياسي واصبحت القضايا العربية في سياسات تلك الدولة مرتبطة ارتباط مباشر بسياسة المملكة العربية السعودية. وهذا الامر الذي خلق قطيعة جنوبية عربية اضعف الدعم والمناصرة لقضية شعبنا لاسيما من الدول ذات الثقل العربي كمصر والجزائر والكويت... 

الانتقالي الجنوبي ومتطلبات المرحلة.. 

ان الزاوية الضيقة التي حشر اليها الانتقالي الجنوبي عنوة من قبل الشقيقة الكبرى جعلته في وضع لا يسر لكن هناك الفرص المتاحة امام، هذا المكون الشرعي والمسنود بالارادة الشعبية التي يحاول ان، يجعل منها الخصم نقطة ضعف بدل ان كانت نقطة قوة رغم انها، كذلك فلدى الانتقالي فرصة في الدفاع عن اهم نقاط قوته..

استراتيجية المواجهة والتمرد 

لم يبق امام مجلسنا الانتقالي الا اتخاذ القرار الاستراتيجي المدروس بدقة الذي تجلت ملامحه من خلال تتبع استراتيجية العدو حين انهم رسموا، سياستهم في مواجهة نقاط قوة الانتقالي لا مواجهة نقاط ضعفه.. 

وامام هذه الخطة الاستراتيجة ان نجحت فسوف تكون ضربتها قاسية بل قاسمة للظهر فان اضعاف نقاط القوة مخاطرها وشيك وسريعة ومدمرة بينما استراتيجية مواجهة نقاط الضعف ليست كذلك.. لذلك يعد استهداف التحالف للشعب في الجنوب لاسيما في الرواتب والخدمات هي الاخطر، لكونها سريعة الانتشار ، وتلحق الدمار الذي يصعب مواجهته. 

اذن ماهي نقاط قوة التي التي تسعئ السعودية اسقاطها.. 

نطرح سؤالا اهم الاسهل للسعودية اسقاط عيدروس ام اسقاط الشعب؟  قد يجيب  احدكم ان اسقاط عيدورس هو الاسهل،  اذن فلماذا السعودية لم تفعل ذلك ولديها القدرة على ذلك فقد اسقط معظم رؤوساء اليمن والجنوب بل والمحيط والاقليم ولديها سجل كبير بهذا الامر.. 

لذلك فعيدرس لم يكن قويا الا بشعبه لذلك الجارة العزيزة تريد اسقاط القوة التي، يمتلكها، عيدروس لا، اسقاط عيدروس نفسه.. حينها سيقط كما سقط ناصر الزعيم العربي من قبله. 

القوة الثانية في يدي الانتقالي هي الشراكة والاتفاقيات الموقعة بين الانتقالي والشرعية المزعومة،. اذن كيف ستعمل مملكة ال جابر على اسقاط هذه القوة من يدي الانتقالي،  لديها المخطط.. اخراج الانتقالي من المشهد السياسي ليس بالامر السهل لكن المحاولات المتكررة التي يقدم عليها العليمي من انفراد بالقرار واستفزاز هنا وهناك وتفكيك مبان المجلس الرئاسي وكذلك جرائم حكومة المناصفة كل تلك المحاولات هدفها جر الانتقالي الئ الانتحار السياسي بقرار الانسحاب بنفسه ليحقق هدفا رسم بليل، وهو استراتجيات قوة الانتقالي.. 

القوة الثالثة.. القوات، العسكرية الجنوبية ومطالب الجنوب بتحرير الوادي والصحراء الجنوبية الحضرمية،  فتلك القوة رسم لها الهدف نفسه.. لكن المتابع لكل تلك الاستراتيجيات يرى ان الانتقالي مازال لديه اوراق متاحة يستطع اللعب باريحية بعيدا عن الاتكالية او اتخاذ القرار غير الاستراتيجي.. 

من خلال، عدة خيارات استراتيجية وهي. 

1- تحريك قوة الشعب في مواجهة نقاط ضعف العدو وهي، المجاعة وسياسة التجويع. 

2- الضغط علئ حكومة الانتقالي في المناصفة بالوقوف مع الشعب واصلاح ما افسده الدهر ويكونوا، غطاء سياسيا في مواجهة الفساد والمفسدين واعلان حالة الطوارئ والتقشف ومواجهة كل الازمات.. 

4- الجيش الجنوبي مؤسسة وطنية سيادية تحمي مصالح الشعب في الجنوب وتحرر ارضه ومؤسساته..