د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

التغاضي الغربي والدولي عن جرائم الملالي في إيران والشرق الأوسط ضوء أخضر لجرائم أكثر

  الحديث عن الغرب هنا هو من منطلق تبنيه لفكر أسسوا لأجله مؤسسات دولية فرضوها الاخرين فاحترمها الاخرين ولم يحترموها كما لم يحترموا فكرهم وشعاراتهم وهيبة المؤسسات الدولية التي أسسوهم لأجل مصالحهم لكنهم كالوا بألف مكيال حيال قضايا الشرق الأوسط والمسلمين تحديداً ومنها على سبيل المثال القضية الفلسطينية التي قاربت على مئة عام من المعاناة والتداول على منصة الغرب المهيمن على المؤسسات الدولية، وكذلك قضايا حقوق الإنسان التي طبلوا لها طويلا وبجهد عالٍ فلما تعلق الأمر بدولة كإيران وشعبها الذي يعاني من انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية صموا آذانهم وتغاضوا عن تلك الجرائم ولم يبدر عنهم أي إجراء فعلي يضع حدا لتلك الجرائم التي لم يرتكبها نظام الملالي في إيران فقط بل ارتكبها في دول عديدة كالعراق وسوريا ولبنان واليمن بشكل مباشر وغير مباشر.

المتتبع المطلع على شعارات وسياسات الغرب ويقارن مواقفهم مع إعلامهم وخطواتهم التنفيذية يعيد النظر في حقيقة الغرب والمجتمع الدولي ومؤسساته ولا يجد تفسيرا للسكوت على قتل الأطفال والنساء والمتظاهرين العزل في إيران وغير ذلك من جرائم العنصرية والإفراط في أحكام الإعدام وملاحقة المعارضين ونشر التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط والعالم يجد أن الغرب لا يتغاضى فحسب عن جرائم نظام الملالي الحاكم في إيران بل يقدم دعما غير مباشرٍ له فيما تقدم الإدارة الأمريكية دعما مالياً أيضاً لهذا النظام، ومن هذا المنطلق فإن التغاضي الغربي والدولي عن جرائم الملالي في إيران والشرق الأوسط ضوء أخضر لارتكاب جرائم أكثر بحق الشعب الإيراني وشعوب دول المنطقة والعالم.

دواعي تغاضي الغرب والمجتمع الدولي عن جرائم الملالي في إيران والشرق الأوسط 

هناك عدة مسببات لتغاضي الغرب والمجتمع الدولي عن جرائم الملالي في إيران والشرق الأوسط، منها:

  • المصالح الاقتصادية: تتمتع إيران بثروات طبيعية هائلة من بينها النفط والغاز والتي تعد مصدرا مهما للدخل لدى دول الغرب، كما أن إيران هي سوق مهم لمنتجات الغرب، وعليه فإن الغرب يتردد في اتخاذ إجراءات صارمة ضد إيران خشية أن تؤثر على هذه المصالح الاقتصادية.
  • الدوافع السياسية: يعتقد الكثير من النخب بالمنطقة أن سياسات الغرب تقتضي في حقيقة الأمر التعامل مع النظام الإيراني رغم جرائمه كعامل من عوامل ترويض منطقة الشرق الأوسط حفاظا على مصالحه ومخططاته في المنطقة.

وفيما يلي بعض الأمثلة على جرائم الملالي التي تغاضي عنها الغرب والمجتمع الدولي:

  • انتهاكات حقوق الإنسان: يمارس النظام الإيراني انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان بما في ذلك القمع السياسي، والتعذيب، والتمييز الديني.
  • دعم الإرهاب: يدعم النظام الإيراني الإرهاب في المنطقة بما في ذلك دعم حزب الله اللبناني، وميليشيات عراقية، وميليشيات الحوثي في اليمن.
  • التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة: يتدخل النظام الإيراني في الشؤون الداخلية للدول المجاورة بما في ذلك الهيمنة على السلطة في العراق، ودعم ميليشيات في سوريا، والبحرين ولبنان واليمن وفلسطين.

وعلى الرغم من هذه الجرائم إلا أن الغرب والمجتمع الدولي لم يتخذوا إجراءات رادعة ضد النظام الإيراني بل على العكس؛ فقد أبرمت بعض الدول الغربية مع إيران اتفاقات اقتصادية، وسياسية مثل الاتفاق النووي الذي أبرم في عام 2015، ويعتقد بعض المراقبين أن تجاهل الغرب والمجتمع الدولي لجرائم الملالي سيؤدي إلى المزيد من الجرائم والإرهاب في المنطقة.

عواقب تغاضي الغرب والمجتمع الدولي عن جرائم الملالي في إيران والشرق الأوسط

تتمثل عواقب تغاضي الغرب والمجتمع الدولي عن جرائم الملالي في إيران والشرق الأوسط في تشجيع النظام الإيراني على ارتكاب المزيد من الجرائم. عندما لا يواجه النظام عواقب أفعاله، فإنه يشعر بأنه قادر على الإفلات من العقاب، وهذا ما يؤدي إلى المزيد من القمع للشعب الإيراني وانتشار الإرهاب في المنطقة.

بعض الأمثلة على عواقب تغاضي الغرب والعالم عن جرائم الملالي:

  • القمع المستمر للشعب الإيراني: يواصل النظام الإيراني قمع الشعب الإيراني بما في ذلك السجن والتعذيب والإعدام، وعندما لا يواجه النظام عواقب أفعاله فإنه يشعر بأنه قادر على مواصلة القمع دون خوف من التدخل الخارجي.
  • انتشار الإرهاب: يدعم النظام الإيراني العديد من الجماعات الإرهابية، بما في ذلك ميليشيات في لبنان والعراق واليمن وفلسطين، وعندما لا يواجه النظام عواقب دعمه للإرهاب فإنه يتمادى في دعم الجماعات الإرهابية دون خوف من التدخل الخارجي.
  • السلام والأمن في المنطقة: وفقاً لهذه السياسة الغربية فإن النظام الإيراني يُشكل تهديداً للسلام والأمن في المنطقة.
  • تقويض سيادة القانون والنظام الدولي: سيؤدي تغاضي الغرب والعالم عن جرائم الملالي إلى تقويض سيادة القانون والنظام الدولي، وعندما لا يُحاسب الأشخاص على أفعالهم فإن ذلك يبعث برسالة مفادها أن القانون لا ينطبق عليهم، ويمكن أن يؤدي هذا إلى الفوضى وعدم الاستقرار.
  • تشجيع الآخرين على ارتكاب الجرائم: سيؤدي تغاضي الغرب والعالم عن جرائم الملالي إلى تشجيع الآخرين على ارتكاب جرائم مماثلة عندما يرى الناس أن الملالي يرتكبون جرائم دون عقاب.
  • زيادة القمع الداخلي في إيران: يمكن أن يؤدي التغاضي الغربي عن الانتهاكات المرتكبة من قبل النظام الإيراني إلى زيادة قمع النظام للمعارضة الداخلية وإلى المزيد من الاعتقالات التعسفية والتعذيب وعمليات الإعدام.
  • تصاعد التوترات الإقليمية: يمكن أن يؤدي التغاضي عن أنشطة النظام الإيراني المزعزعة للاستقرار في المنطقة إلى تصاعد التوترات الإقليمية، ويمكن أن يؤدي هذا بدوره إلى نزاعات مسلحة جديدة أو حتى حرب.

من أجل وقف جرائم الملالي يجب على الغرب والعالم اتخاذ إجراءات لردع النظام الإيراني، ويمكن أن تشمل هذه الإجراءات فرض عقوبات أشد على النظام، ودعم المقاومة الإيرانية، وتعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التهديدات الإيرانية.

جرائم قتل حكومي في إيران تحت مسمى الإعدام في ظل تغاضي الموقف الدولي عن جرائم وانتهاكات الملالي 

يعد نظام الحكم في إيران من أكثر الأنظمة قمعية ووحشية في العالم؛ فمنذ قيام الثورة الوطنية الإيرانية في عام 1979 ارتكب النظام جرائم فظيعة بحق الشعب الإيراني بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية والتعذيب والاختفاء القسري والإعدامات السياسية،

ولعل أبرز جرائم النظام الإيراني هي جرائم القتل الحكومي تحت مسمى الإعدام؛ ففي عام 2022 بلغ عدد الإعدامات في إيران أكثر من 300 شخص وهو أعلى رقم منذ عام 2017، وتشمل هذه الإعدامات أشخاصاً أدينوا بارتكاب جرائم عادية مثل أو الاتجار بالمخدرات، بالإضافة إلى أشخاص أدينوا بجرائم سياسية مثل النشاط المعارض أو التعبير عن الرأي.

ويستند النظام الإيراني في أحكام الإعدام إلى تشريعات تحت مسمى الشريعة الإسلامية، وتسمح هذه التشريعات بالإعدام في عدد من الجرائم بما في ذلك القتل والردة والزنا واللواط والمخدرات، ومع ذلك فإن النظام الإيراني يستغل هذه القوانين لتصفية معارضيه السياسيين حيث يتم الحكم بالإعدام على العديد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان بتهم ملفقة.

تغاضي الموقف الدولي عن جرائم وانتهاكات الملالي

على الرغم من الأدلة والوثائق والتقارير المستمرة عن جرائم وانتهاكات النظام الإيراني إلا أن الموقف الدولي تجاه هذا النظام لا يزال ضعيفاً؛ فقد فشلت الجهود الدولية في وضع حد لجرائم النظام الإيراني حيث لا يزال يواصل النظام ممارسة القمع والقتل والتعذيب واختطاف وسجن وتعذيب وإعدام وإخفاء المعارضين دون عقاب.

إن جرائم القتل الحكومي في إيران جريمة ضد الإنسانية لا يمكن التغاضي عنها فالنظام الإيراني يستخدم الإعدام كأداة قمع لتصفية معارضيه السياسيين، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحرك لوضع حد لهذه الجرائم.

تشمل ضحايا الإعدام السياسي والتعسفي في إيران مجموعة متنوعة من الأشخاص بما في ذلك:

  • النشطاء السياسيون: يُعدم العديد من النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في إيران بتهم ملفقة مثل التخابر أو تهديد أمن النظام.
  • الأقليات الدينية: تُستهدف الأقليات العرقية والدينية والمذهبية مثل الأكراد والعرب والبلوش والمسلمين السُنة والمسيحيين والبهائيين من قبل نظام الملالي ويتعرضون لإجراءات قمعية عنصرية ممنهجة، وعلى سبيل المثال لا الحصر أعدم النظام الإيراني 12 شخصاً من أعضاء الأقلية الدينية البهائية عام 2021 بتهمة الخيانة العظمى.
  • المدافعون عن حقوق الإنسان: يُعدم العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان.
  • المدانون بارتكاب جرائم عادية: يُعدم العديد من الأشخاص المدانين بجرائم عادية، مثل أو الاتجار بالمخدرات وغير ذلك من الجرائم التي لا تستوجب الإعدام دون أن يحصلوا على محاكمة عادلة.
  • النساء: يمارس النظام الإيراني التمييز الجنسي ضد النساء، ويحرمهن من الحريات وحقوقهن الأساسية مثل حق العمل والسفر والقيادة، وتتعرض النساء في إيران إلى أقسى أنواع الممارسات القمعية التعسفية من بينها الاغتصاب والتعذيب والسجن والقتل تحت مسمى الإعدام.

بالنظر إلى المواقف الدولية التي يمكن تفسيرها على أنها تغاضٍ للمجتمع الدولي عن جرائم الملالي الحاكمين في إيران فإنها ضوءاً أخضر وتشجيعا للملالي على ارتكاب المزيز والمزيد من الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان داخل إيران وخارجها ونشر الإرهاب في العالم..، وفي الوقت ذاته قتل هيبة ومكانة المؤسسات الدولية.

 واليوم وفي ظل ما يجري داخل إيران من تصعيد لعمليات الإعدام وانتهاكات لحقوق الإنسان وإثارة للفتن والحروب في الشرق الأوسط لا يوجد خياراً آخر أمام المجتمع الدولي سوى الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية ودعم حق الشعب المشروع في جمهورية ديمقراطية حرة ومستقلة وغير نووية تحترم حقوق الإنسان وتلبي حقوق جميع مكونات الشعب، وتحترم مبادئ حسن الجوار.

د. سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي