د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):
نظام الفصل العنصري والممارسات الإجرامية للملالي في عموم إيران
يعتقد الكثيرين من العرب والمسلمين مخطئين بأن نظام الملالي الحاكم في إيران نظام حكمٍ دينيٍ شيعي يمارس نهجاً عنصريا شيعياً لصالح شيعة إيران والعالم على حساب أهل المذاهب والعقائد الأخرى في إيران ومنطقة الشرق الأوسط والعالم، والحقيقة التي يجب أن يؤمن بها الجميع حق إيمانهم هي من يحكم إيران والمنطقة باسم التشيع ليسوا بمسلمين لأن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وليسوا بشيعة حقيقيين لأن الشيعة الحقيقيين فرضوا على أنفسهم الولاء الخالص لله ورسوله ودين الإسلام وآل بيت رسول الله، وليسوا برجال دين ولا فقهاء لأن أهل الفقه والعلم أهل عدل وقيم وترفع عن الموبقات وكل ما يغضب الله تعالى ويتقون الله فيما خلق.. وما هم إلا جمعٌ من المدعين الساعين إلى السلطة برداء الدين الذي جعلوا منه وسيلة لبلوغ غاياتهم، ولبلوغ غاياتهم لم يكن أمامهم سوى استخدام الخطاب الطائفي الشيعي العنصري الذي لا يملكون غيره للبطش بكل من يخالفهم الرأي الشيعة قبل السُنة وقد كانت ضحايا الملالي دعاة السلطة من الشيعة أكثر من غيرهم في إيران والعراق ولبنان واليمن وسوريا ولم يسلم من أيديهم أحداً ممن اختلف معهم في الرأي والتوجه، وشهدت شوارع وميادين وسجون ومقابر إيران على ظلمهم، وأربعة عقودٍ ونصف من الظلم والظلام والقتل والدماء وهتك الأعراض لا تعبر أبداً عن دين أو قيمٍ أو رشد؛ قتلٌ وقمع بحق عامة الشعب، وكراهية وعنصرية وظلمٌ محض ضد أبناء الأقليات، وشهدت طهران وإصفهان وشيراز ويزد ورفسنجان وخرم آباد وآراك وقم ومازندران وغيرها من المدن الإيرانية ما شهدته زاهدان والأهواز وسنندج وتبريز وغيرها..
القمع في طهران في ظل نظام الملالي العنصري
تعرض ويتعرض المواطنون في العاصمة الإيرانية طهران لمختلف أشكال القمع بما في ذلك:
- الاعتقالات التعسفية: تعتقل وتختطف قوات نظام الملالي الأمنية بشكل ممنهج ويومي الآلاف من المواطنين في طهران بدون وجه حق ومنهم من يختفي عن الوجود، وغالبا ما يتم احتجاز هؤلاء الأشخاص في ظروف قاسية دون السماح لهم بالتواصل مع ذويهم أو محاميهم.
- التعذيب: لقد بات التعذيب داخل المعتقلات والسجون الإيرانية نهجا ثابتا لدى نظام الملالي لتعزيز سطوته السياسية وترهيب المواطنين، وبات من الطبيعي جدا رؤية مظاهر القمع والتعسف والعنصرية في شوارع طهران على يد مختلف الأجهزة القمعية الإيرانية، وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية فقد بات الاغتصاب أحد وسائل التعذيب لتركيع السجناء وإخضاع المجتمع خوفا من تأجج الانتفاضة الوطنية الإيرانية وسقوط الملالي ونظامهم.
- الملاحقة: تخضع حياة المواطنين في طهران لرقابة صارمة من قبل قوات الأمن الإيرانية، ويتم استخدام الكاميرات والتقنيات الأخرى لتتبع تحركات المواطنين ومراقبة اتصالاتهم.
- القمع السياسي: تمارس الحكومة الإيرانية قمعا سياسيا مكثفا ضد كافة مكونات وفئات الشعب الإيراني، ويشتمل القمع على القتل والضرب والتنكيل في الشوارع والخطف والاعتقال من البيوت ومصادرة الممتلكات.
القتل تحت مسمى الإعدام: قامت قوات الأمن الإيرانية بقتل العشرات من المواطنين السنة في إصفهان، بمن فيهم أطفال ونساء. وغالبًا ما يتم تنفيذ هذه القتل على يد قوات الأمن دون أي محاكمة أو تحقيق.، وما جرى ويجري على جميع أهالي محافظة طهران يجري على غيرهم في أصفهان ومحافظات أخرى، والأمثلة كثيرة على القمع في طهران واصفهان ومنها على سبيل المثل كحدث عنصري تعسفي ما حدث
عام 2021 حيث تم إعدام 3 أشخاص في إصفهان بتهمة الارتداد عن الإسلام على الرغم من أن محاميهم أكدوا بأنهم مسيحيون.
إجرام الملالي في كردستان وخوزستان وآذربايجان
منذ استيلاء الملالي على السلطة في إيران عام 1979، تعرضت مجموعات الأقليات العرقية والدينية في البلاد، بما في ذلك الأكراد والعرب والبهائيين، للاضطهاد والظلم. وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت حدة الاضطهاد ضد هذه المجموعات، حيث قامت الحكومة الإيرانية بملاحقة النشطاء السياسيين والثقافيين وفرض القيود على الحريات الدينية والثقافية.
ويتعرض الأكراد في كردستان وآذربايجان للاضطهاد منذ عقود، وقد قمعت سلطات نظام الملالي الفاشي باستمرار الحركات السياسية الكردية وقامت بقتل واعتقال آلاف الأكراد، كما فرضت الحكومة قيوداً صارمة على اللغة والثقافة الكردية.
وفي خوزستان يتعرض العرب للاضطهاد أيضاً، وقد قامت سلطات نظام الملالي الدكتاتوري بتهميش العرب وقامت بقتل واعتقال العديد من النشطاء العرب، كما فرضت قيوداً على اللغة والثقافة والتراث العربيين.
وفي أذربيجان يتعرض الآذريون للاضطهاد أيضاً، وقد قامت سلطات نظام الملالي العنصري بتقسيم المنطقة إلى محافظتين، وقامت بتهميش الأذريين كما فرضت قيوداً على اللغة والثقافة الأذرية.
ومن أبرز الأمثلة على جرائم الملالي ضد الأقليات العرقية والدينية في إيران ما يلي:
- في عام 1991 قام النظام الإيراني بقمع حركة الاحتجاجات الكردية في مدينة سنندج مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص.
- في عام 2011 قامت النظام الإيراني بقمع حركة الاحتجاجات العربية في مدينة الأهواز مما أسفر عن مقتل أكثر من 20 شخص.
- في عام 2019 قام النظام الإيراني بقمع الانتفاضة وقتل أكثر 1500 شاب بالإضافة إلى آلاف المعتقلين والمختطفين.
- في عام 2021 قام النظام الإيراني بقمع انتفاضة الأهواز واصفهان ولرستان بعد أن جفف نهرين كبيرين ونشر الجفاف والموت في ربوع إيران.
- في عام 2022 لم يتمكن النظام الإيراني من قمع الانتفاضة الوطنية الإيرانية (نهضة المرأة الإيرانية) ولا زالت هذه الانتفاضة قائمة حتى الآن.. نعم هي بوتيرة أقل لكنها لا زالت مستمرة.
وقد أدانت العديد من المنظمات الدولية جرائم الملالي ضد الأقليات العرقية والدينية في إيران، وطالبت هذه المنظمات النظام الإيراني باحترام حقوق الإنسان لجميع المواطنين الإيرانيين بغض النظر عن عرقهم أو دينهم أو مذهبهم أو مناطقهم.
موقف منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية والمجتمع الدولي من نهج الملالي العنصري
موقف منظمة التعاون الإسلامي
موقف منظمة التعاون الإسلامي من نهج الملالي العنصري هو موقف سلبي بشكل عام. وقد أدانت المنظمة مراراً وتكراراً التمييز الديني والممارسات العنصرية التي تنتهجها حكومة إيران.
في عام 2019 أصدرت منظمة التعاون الإسلامي بياناً أدانت فيه التمييز الديني الذي يمارسه النظام الإيراني ضد الأقليات الدينية، بما في البهائيين، وطالب البيان النظام الإيراني بوقف هذه الممارسات وضمان حقوق جميع المواطنين الإيرانيين بغض النظر عن دينهم أو عرقهم،
وفي عام 2022 أصدرت منظمة التعاون الإسلامي بياناً آخر أدانت فيه القمع الديني الذي يمارسه النظام الإيراني ضد المسلمين السنة وطالب البيان النظام الإيراني باحترام حقوق المسلمين السنة وضمان مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وعلى الرغم من إدانة منظمة التعاون الإسلامي المتكررة لنهج الملالي العنصري إلا أن هذه الإدانات لم تجد طريقها إلى تطبيق حقيقي، فنظام الملالي لا يزال يمارس سياسة التمييز الديني والممارسات العنصرية ضد الأقليات الدينية في إيران.
القمع الديني ضد المسلمين السنة في مناطق كردستان ولورستان وبلوشستان.
موقف الجامعة العربية
اتخذت الجامعة العربية في الآونة الأخيرة مواقف متشددة تجاه إيران حيث اتهمت إيران بدعم الإرهاب وتهديد أمن المنطقة، كما دعمت الجامعة العربية التدخل العسكري في اليمن ضد الحوثيين المدعومين من إيران، وأدانت جامعة الدول العربية نهج الملالي العنصري في إيران في عام 2023 أيضاً حيث أصدرت بياناً أعربت فيه عن قلقها من استمرار الحكومة الإيرانية في التمييز ضد الأقليات الدينية والعرقية، كما حث البيان الحكومة الإيرانية على احترام حقوق الإنسان لجميع مواطنيها بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو جنسهم.
موقف المجتمع الدولي
موقف المجتمع الدولي من نهج الملالي العنصري هو موقف سلبي بشكل عام، وقد أدانت العديد من الدول بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا التمييز العنصري وسياسة ونهج الذي يمارسه النظام الإيراني ضد المجموعات العرقية والدينية المختلفة والنساء في البلاد، وقد أعربت هذه الدول عن قلقها العميق إزاء استمرار النظام الإيراني في قمع حقوق الإنسان بما في ذلك الحقوق الدينية والثقافية للأقليات، وقد دعت هذه الدول النظام الإيراني إلى احترام حقوق جميع المواطنين الإيرانيين بغض النظر عن عرقهم أو دينهم.
وقد اتخذ المجتمع الدولي أيضا بعض الإجراءات العملية لردع النظام الإيراني عن ممارساته العنصرية حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولين إيرانيين متورطين في قمع الأقليات في عام 2019.
وعلى الرغم من هذه المواقف الدولية إلا أن النظام الإيراني لم يغير سياساته العنصرية لا بل تمادى في ممارساته القمعية ضد الأقليات في السنوات الأخيرة.
لقد لعب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية دوراً هاما ومتقدما في فضح ممارسات نظام الملالي القمعية وجرائمه ومخططاته وكان له الأثر الكبير في تنوير المجتمع الدولي وتحفيزه على القيام بواجباته تجاه الشعب الإيراني ومواقفه المشددة ضد ملالي إيران.
مع الأسف لم تعد قرارات المجتمع الدولي اليوم كافية ولا رادعة للملالي، وقد حان الأوان أن يتعرف المجتمع الدولي بحق الشعب الإيراني في الدفاع عن نفسه ومواجهة آلة الرعب والقتل والقتع في إيران، وإن وقوف العالم لا سيما دول الشرق الأوسط إلى جانب الشعب الإيراني هو موقف شرعي إلى جانب الحق والصواب من أجل خلاص الشعب الإيراني واستقرار دول الشرق الأوسط خاصة الدول المنكوبة العراق واليمن وسوريا ولبنان.
د. سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي