مهدي عقبائي يكتب لـ(اليوم الثامن):

هندسة خامنئي لتصفية المرشحين وخوف النظام من المعارضة الرئيسية

كلما اقتربنا من شهر مارس، زادت التناقضات المتباينة في تدابير خامنئي المخططة للانتخابات المزعومة في إيران. يُلاحظ أنه في حين يسعى خامنئي لإثارة النزاعات في الخارج، يتدهور الوضع الاقتصادي والسياسي في الداخل الإيراني. وصل الأمر إلى مرحلة يخشى فيها المنظمون للاستفتاء من تحويله إلى "استفتاء ضد النظام". ولذلك، يعملون جاهدين على جذب انتباه القوى المعارضة من خلال تخويفها وتحذيرها من خطر الانتفاضة ودور المقاومة الإيرانية فيها.

كلما اقتربنا من شهر مارس، كلما تنكشف تناقضات خامنئي في تدابيره المخططة لمهزلة الانتخابات في إيران، وسط سعيه لإثارة الحروب في الخارج وجوهر الانكماش في الداخل الإيراني. وصل العمل إلى نقطة يخشى فيها القائمون على مسرحية الانتخابات تحويله إلى “استفتاء ضد النظام” ولذلك يسعون لجذب انتباه العصابات المهزومة، من خلال تخويفهم وتحذيرهم من خطر الانتفاضة ومجاهدي خلق.

بعد أن حذر خامنئي (في 9 يناير) من مجاهدي خلق لكن دون ذكر اسم المنظمة صراحة قال ان الحديث عن عدم جدوى الانتخابات هو “السياسة الاستراتيجية لأعداء الثورة”. ونرى أن الدعاية المستمرة ضد منظمة مجاهدي خلق زادت بنبرة أكثر كثافة.

حيث يحذر جلاوزة خامنئي في نعراتهم البغيضة “الموت للمنافقين” من على المنابر الولائية لصلوات الجمعة، قوات النظام من الوقوع في فخ منظمة مجاهدي خلق.

وعلى سبيل المثال خصص الملا سعيدي خطيب الجمعة في مدينة قم يوم 12 يناير كل خطبته “للمنافقين” وأساليبهم في التسلل بين الشعب وإقبال الشباب عليهم، مكررا كلمة “المنافق” عشرات المرات وحذر قائلا: “اليوم يعمل الأعداء على بث الفرقة بين الشعب وصناديق الاقتراع”.

بدوره وبتكليف من خامنئي فقد أحضر رئيسي الجلاد رؤساء العصابات المهيمنة والمهزومة للجلوس حول طاولة واحدة ووجه لهم دعوة للوحدة، قائلا: “ما نشترك فيه جميعا، نحن الحاضرون حول هذه الطاولة من الأحزاب والمجموعات والجماعات السياسية، هو الحفاظ على النظام”. ثم حذرهم رئيس النظام من خطر وجود عدو مشترك، وأضاف:  “أظهرت أعمال الشغب في العام الماضي أنكم الذين شخصتم حزبكم وتياركم السياسي ووجهكم داخل النظام لم يعد المشاغبون يرحمون بأي منكم”.

وفي برنامج آخر، أكد أحد أعضاء العصابة المهزومة، إلياس حضرتي، على ضرورة توحيد جميع الفصائل الحاكمة للتعبئة ضد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، قائلا: “عندما اعتقدت منظمة مجاهدي خلق مع ميليشيا منظمة أن بإمكانها تدمير البلاد في غضون يومين، ناشد الإمام الشعب مرة أخرى وشكل هيكلا تنظيميا يضم 36 مليون شخص. هكذا كان أساس صنع القرار في البلاد مبنيا على إجراء الانتخابات ومشاركة الشعب في النهوض بشؤون البلاد على أعلى المستويات”.

وأشار حضرتي إلى انتفاضات 2019 و 2022 مضيفا: “من 2019 حتى 2021، وقعت أحداثا خاصة في البلاد، وانخفضت مشاركة الشعب في إيران بشكل ملحوظ وذي مغزى. وفي الوقت نفسه، وقعت أحداث اجتماعية خاصة أيضا في عام 2022، أثارت العديد من المخاوف وزادت من أهمية الانتخابات في عام 2024 في إيران. “مصدر: صحيفة اعتماد 8 يناير”.

وعلى شاشة تلفزيون خامنئي، يتم تنشيط المناظرات المبرمجة لوزارة المخابرات، حيث يتم تجنيد وكلاء النظام من جميع عصابات النظام، بما في ذلك العصابة المهزومة والعناصر المهمشة. تتناول هذه المناظرات إخفاقات النظام وتثير شكوكا في  ولاية الدكتاتور، وتجمع هذه العصابات حول فكرة الحفاظ على  النظام بمثابة أوجب  الواجبات، وتصنف مجاهدي خلق والمقاومة المنظمة كأكبر تهديد لهم.

وعلى الرغم من إصدار النظام لأكثر من 500 كتاب ومئات الأفلام السينمائية والمسلسلات والوثائقيات بتكاليف فلكية ضد مجاهدي خلق، إلا أن حداد عادل، والد زوجة مجتبى خامنئي والرئيس السابق لبرلمان النظام، يكشف الستار عن هذه الإخفاقات المتتالية قائلا: “نقص الوعي بجرائم (مجاهدي خلق) خلال هذه السنوات، بسبب ضعف الجهاز الإعلامي والفني، أدى إلى تفضيل الناس نحو مجاهدي خلق”.

وفي إشارة إلى مسرحية “قضاء الملالي” تحت عنوان “محاكمة مجاهدي خلق”، أضاف حداد عادل: “إن إجراء المحاكمات إلى جانب عرض الوثائق والأدلة سيوعي للجمهور”.

وخلال هذه الحملة الإعلامية التي يشنها خامنئي وجميع عصابات النظام، ينمو الخوف من مجاهدي خلق كعدو مشترك. كان هدف خامنئي من هندسة مهزلة الانتخابات،  إحكام أبواب الانكماش للنظام لاحتواء الأزمات، وقبل كل شيء، احتواء الانتفاضة.  ولكن الآن بعد رؤية احتمالية اندلاع انتفاضات جديدة، يسعى لحماية النظام من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية والانتفاضة.