د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الفساد وإعادة تدوير السياسيين في اليمن !!
في اليمن يستمر الفاسدون والانتهازيون والمنافقون في الحديث عن الأمل والتغيير. وحتى لا نكون مثاليين، فإن السياسة عمومًا بطبيعتها تتحمل المناورة والكذب أحيانًا، والازدواجية، لكن الموضوع عندنا زائد وكثير، وتخطى كل المسموح به عالميًا ومحليًا، وكأنك يا أبوزيد ما غزيت ، ولا نقصد عودة فلول من هنا أو هناك، فطبيعي أننا لا نمسك للناس مقصلة أو نحاكم النوايا، لكن الحقيقة أن هناك فاسدين بإجماع الآراء، وانتهازيين باتفاق الأدلة، يتسللون ويقدمون أنفسهم في ثياب الناصحين، بل إن بعضهم أصبح يقدم نظريات في السياسة، ويطالب بالتطهير والمكاشفة، بينما أول مكاشفة تعنى أن يحاكم، وفي حال فوز هؤلاء ووصولهم إلى مناصب تنفيذية، أو تشريعية يعنى أن فيروس الفساد يسكن القلب، وأنه «لا فايدة»، ومعنى أن المنافقين الذين عبروا من حزب المؤتمر للإخوان ومازالوا مستمرين، يعنى ضياع أي إمكانية للتغيير!!
في عالم السياسة من الصعب أن تعثر على سياسي يقول الحقيقة، إلا لو كان سابقًا.. ستجد الوزير أو المسؤول أو الفاسد السابق يتحدث مثل ملاك بأجنحة، وينتقد الفساد، ويقدم رؤى عميقة للمشكلات، وحلولًا عبقرية، بينما وهو في موقع المسؤولية يكون بليدًا وعاجزًا، وربما متورطًا في كل ما ينتقده بعد مغادرة مناصبه وطبيعة السياسة أن ما هو مطروح في العلن من كلمات ضخمة، وحديث عن المبادئ والقيم العليا شيء، وما هو واقع وحادث من هذا الزعيم أو فذاك أمر آخر.. لن تجد فاسدًا يبرر الفساد، ولا لصًا يجادل في كون السرقة أمرًا مستهجنًا، ولا انتهازيًا يمدح الانتهازية، بل إن الفاسدين والمنافقين هم الأكثر قدرة أحيانًا على انتقاد الفساد والدعوة للتطهير!!!
وسنورد لكم مثالا حيا على آخر صيحات الفساد في وسط ما تبقى من الشرعية اليمنية ولكم الحكم والحرية في إظهار الحقيقة!!
قبل أيام أقام رئيس البرلمان سلطان البركاني عرسا لولديه في فندق الريتز في القاهرة ، وصف هذا العرس بأنه واحد من أكبر حفلات الزفاف الخاصة في التاريخ ، فقد بلغ المدعون ما يقارب ال١٥٠٠ مدعوا ، منهم ٣٠٠ مدعوا من الداخل بتذاكر الطيران والإقامة في الفنادق ومصاريف الجيب ، إضافة إلى مائدة الطعام التي قيل بأنها تكفي المرابطين في جبهات مأرب لمدة شهر على الأقل ، فيما تقدر كلفة العرس ، بما يربوا على المليون دولار ،
والأكثر حظا في هذا الحفل ال٤٠ الذين أخذهم رئيس البرلمان إلى عين السخنة ليقضي معهم فترة استجمام ثلاثة ليال وأربعة أيام حسوما !!
كاذب من يدعي أنه خاض الحرب من أجل الوطن وكاذب من ادعى أنه خاض الحرب من أجل الدين وكاذب من خاض الحرب من أجل الشعب وكاذب من حمل السلاح دفاعا عن الجمهورية ، لم تعد في اليمن جمهورية ولا دولة ولم تعد اليمن لليمنيين .
لقد أثرى هؤلاء على حساب الفقراء مستغلين عدم وجود محاسبة أو مساءلة ، يعيشون حالة الرفاهية دون أن يكون لديهم أي دافع للتضامن مع هذا الشعب الذي يبنون مجدهم باسمه ويديرون المعركة من الخارج ويمارسون نهب وسلب وغسيل أموال ، يفتقدون للحس الفطري بأنهم خدام للشعب وحامين للنظام العام ، إن العبث بالمال العام جريمة واستفزاز الناس بالبذخ جريمة والاحتفاء بأولادهم والتآمر على أولاد الشرفاء جريمة وجريمة الجرائم أن يكون مثل هؤلاء مسؤولين على الشعب اليمني !!
وهناك منافقون «عابرون لكل الأنظمة»، يمتلكون قدرات على البقاء والفوز، والعيب ليس عيبهم، لكنه عيب النظام السياسي والاجتماعي لا يكفى أن نتحدث عن مواجهة الفساد، بل الأهم هو اختراع كل القوانين التي تمنع الفساد من الحصول اصلا.
والخلاصة نقول ماذا ينتظر الأحرار والشرفاء من أبناء شعبنا من هذه المسوخ السياسية التي انعدمت فيها حتى الحدود الدنيا من الوطنية والولاء للوطن وللشعب ؟!!
ماذا يرجى من تلك الشخصيات الهلامية والكائنات المحنطة التي تقف حجر عثرة في طريق حرية الشعب وكرامته !!
د . علوي عمر بن فريد