د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

هل يرد الحليم على السفاهة ؟!!

1- السفاهة والحلم : ينصح الامام الشافعي بأن لا ترد على السفيه الجاهل بنفس أسلوبه حتى لو كنت سترد صاع السفاهة بصاعين من الجهالة 
فهذا غاية ما يريدون. بعضهم يعرف أنه سفيه، ويرتكب سفاهته مع سبق الإصرار والترصد، وهؤلاء خطيرون. فهم يمزجون سفاهتهم بالغيرة السفيهة. إذ يعرفون أنك تتميز عنهم لكونك لست سفيهًا كحالهم، ولذا سيبذلون قصارى جهدهم أن ترد عليهم بطريقتهم.. فإن هزمتهم بأسلوبهم خسرت مرة، وإن هزموك بعد أن دنسوك بها، كانت الخسارة اثنتيْن. اصمتْ عنهم واترك السفاهة تحرق ذاتهم وتأكل أمعاءهم .. 
يخاطبني السفيهُ بكلِّ عيبٍ ـــــ فأكرهُ أن أكونَ لهُ مُجيبا
يزيدُ سفاهةً فأزيدُ حِلْمًا ـــــ كعودٍ زادَهُ الإحراقُ طيبا !
وردك الموجع على السفهاء المتطفلين على الحقيقة على التجاهل التام ولسان حالك يقول :
إذا نطقَ السفيهُ فلا تُجِبْهُ ـــــ فخيرٌ من إجابتِهِ السكوتُ
فإن كلَّمْتَهُ فرَّجْتَ عنــْهُ ـــــ وإن خلَّيْتَهُ كمدًا يموتُ !
وسيعاتبك الآخرون كذلك على صمتك الطويل، خاصة عندما يتمادى بعض السفهاء العنيدين في غيِّ السفاهة. ومن معاتبيك بعضُ المخلصين ممن يغارون على كرامتك، ويريدون لك أن تثأر لنفسك ولهم من هؤلاء السفهاء. أخبِر هؤلاء بمنتهى الثبات أن أبلغ الردود، وأكثر ردود الأفعال فعالية هو صمت القادر. فتبادل إطلاق نيران السفاهة، يؤذي النبيل حتى إن كان هو المنتصر، إذ يساوى بين الرؤوس على خط النار. الصمت وحده سيرد سهامهم عليه، ويعكس اتجاه قذائفهم لتستقر في منتصف جباههم! ثم اختم جدالك معهم بالتي هي أحسن بهذه الثلاثية قوية الحجة، شديدة اللهجة، التي يُغلق بها الشافعي باب الاجتهاد أمام يريدون التنظير لرد السفاهة بمثلها، ويُجهِز بها تمامًا على جباه السفهاء …
2- أولاد اللصوص :  اذا رأيت السيارات الفارهة تكثر في الشوارع فلا تظن أن أن الشعب  في رفاهية إنما أولاد اللصوص قد كبروا !!
الجهل هو عدم قدرتنا على الإدراك ببساطة، إدراك العالم من حولنا كيف يتحرك ، فلقد عانت المنطقة العربية مثلها مثل باقي المناطق في إفريقيا وآسيا الشرقية من الاستعمار، لكن ما بعد فترة الاستعمار أو التحرر ظلت مصاحبة لحالة الإفقار والتجهيل، فقد ولّد "التحرر المنقوص" استبداداً من شكل آخر، التبعية للمحتل الذي عاد أدراجه، وترك مسؤولين ورؤساء أولياء، ووضعوا منطقة عازلة بين المجتمعات التي يقودونها وبين آلية تحرك العالم في الخارج، فظهر جهلاء جدد أشد خطراً من سابقيهم الذين يستقون من وحل الخرافات، الجهلاء الجدد ظهروا نتيجة إعطاء الناس معلومات خاطئة يسيرون عليها، أو تضليلهم بعدم كشف البيانات الحكومية الحقيقة أمامهم لمعرفة الفجوة.


3 - الفاسدون : الفاسدون لا يبغون وطنا إنما يبنون أنفسهم ويخربون أوطانهم 
" نيلسون مانديلا " 
سؤال قديم يحب أن يطرحه البعض لكي يبدأ حديثاً أو يختبر نمط تفكير الآخرين أو لمجرد التسلية وربما حباً بالمعرفة بدافع الفضول..
يقول السؤال: "لديك مسدس به رصاصة واحدة فقط، ولديك ثلاثة أهداف، الفقر والفساد والجهل، فمن تختار لتطلق عليه تلك الرصاصة الوحيدة؟"
يبدأ الشخص الذي تم طرح السؤال عليه بالتفكير، حيث أن خياره سيدل على طريقته في التفكير ويعكس قناعاته الشخصية تجاه هذه المفاهيم الثلاثة.
ولأن الأمور تتضح بمعرفة أضدادها، فإن الكلمة التي سيتم اختيارها تدل على أن الشخص يؤمن بعكسها. من كان خياره أن يقتل "الجهل"، فإن ذلك يعني بأن الشخص يؤمن بالعلم ويدرك قيمته وبالتالي فإنه يرى الجهل عدواً.
ومن يختار أن يقتل الفساد، فإن ذلك يعني أن هذا الشخص يؤمن ويؤكد على الأمانة وبالتالي فإنه مستعد لخوض معركة مع الفساد والفاسدين.
أما من يريد أن يقتل الفقر، فهذا يعني بأن الشخص واقعي يؤمن بأن الوفرة في المال تؤدي إلى سعة في الحياة تقل معها المشكلات الحياتية اليومية.
الإنسان ابن بيئته التي يتأثر ويؤثر بها، فالذي يرى شيوع الجهل في مجتمعه سيبحث عن سبل التعلم لكي يساعد ذلك المجتمع للتخلص من الجهل؛ وهذا ينطبق على الفقر والفساد وينطبق أيضاً على كل ما يعيق تنمية المجتمعات وازدهارها. وهذا مؤشر أيضاً على ترتيب الأولويات التي عادة ما تختلف بين مجتمع وآخر، ولكن الحقيقة الثابتة أن من يبدأ بواحدة من هذه الثلاث سيستمر حتى ينتهي منها جميعاً.
الأمر الأكثر أهمية وإلحاحاً هو أن يبدأ الإنسان بنفسه..

د . علوي عمر بن فريد