اسعد عبدالله علي يكتب لـ(اليوم الثامن):

أمريكا ورؤيتها حول الحشد الشعبي

منذ اندلاع حرب غزة وما يتعرض له الفلسطينيون من ابادة جماعية على يد قوات الكيان الصهيوني, وما تبعه من تحرك خط المقاومة الاسلامية في الشرق الاوسط لرد كرامة المسلمين, عبر مساعي الدعم الممكن لأهل غزة, والمناقشات السياسية داخل النخبة الامريكية الحاكمة لا تنتهي, حول الطريقة التي ينبغي لها في التعامل مع قوات الحشد الشعبي في العراق, والتي اضحت تشكل تهديد كبير للقوات الامريكية المتواجدة في العراق وسوريا, ولمشروع امريكا في المنطقة, مما جعل كرامة امريكا بالوحل, بسبب قوة الضربات التي تعرضت لها قواتها طيلة الأشهر الماضية, بعد كل هذا أدركت الإدارة الأمريكية ان الموقف يتطلب قدرًا كبيرًا من الاهتمام, والا ذبلت صورة امريكا.

حاليا في امريكا لا يوجد نقاش او جدل حول الجيش العراقي, ولا حول الشرطة العراقية, ولا حتى حول القوة الجوية العراقية, وما تملك هذه التشكيلات من عناصر قوة او عناصر الضعف, فقط النقاش والجدل حول الحشد الشعبي العراقي.

وسنوضح هنا طبيع التفكير الامريكي في الموضوع, اي اننا سنبين الرؤية الامريكية للواقع الحالي.

·      أمريكا من الداخل بين مدرستين

توجد مدرستان فكريتان مؤثرة في القرار الأمريكي, في حول كيفية معالجة "أمريكا" لمخاوفها بشأن قوات الحشد الشعبي:

·      مدرسة التأني في الرد

المدرسة الاولى : تنصح المدرسة الاولى بالصبر, وتقلل من الخطر المتزايد الذي تشكله قوات الحشد الشعبي كمؤسسة, وتشير هذه المدرسة إلى أنه لا ينبغي النظر إلى الميليشيات المدعومة من إيران (كما تسميها امريكا) داخل قوات الحشد الشعبي على أنها تغير قواعد اللعبة؛ ويعرف الامريكان ان هذه الكيانات المقاومة موجودة قبل تشكيل قوات الحشد الشعبي في عام 2014، وستستمر في الوجود سواء داخل قوات الحشد الشعبي أو خارجها, وما دامت قدراتها المالية محدودة, ولا تصل لحد التهديد, فالامور تحت السيطرة.

وتنظر المدرسة الصبورة إلى التعاون الأمني الأمريكي مع وزارة الدفاع العراقية ووزارة الداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب ومجتمع الاستخبارات, باعتباره حجر الأساس للنفوذ الأمريكي في البلاد, بحجة أنه من غير المرجح أن ينمو حجم وميزانية قوات الحشد الشعبي.

·      مدرسة الخبث

المدرسة الثانية: ترى مدرسة أن قوات الحشد الشعبي هي في الواقع أداة تغيير محتملة لقواعد اللعبة في العراق, وهم يخشون أن ينمو حجم قوات الحشد الشعبي وتمويلها لتتفوق على قوات الأمن العراقية النظامية، مثلما تغلب الحرس الثوري الإسلامي في إيران على القوات المسلحة الإيرانية النظامية, وترى هذه المدرسة الناشطة داخل الحكومة الأمريكية أنه لا يوجد سوى القليل من الوقت لتغيير مسار قوات الحشد الشعبي نفسها، وتعتقد أن المساعدة الأمنية الأمريكية للقوات المسلحة النظامية العراقية يجب أن يتم حجبها جزئيًا أو كليًا حتى تتم معالجة المخاوف الأمريكية بشأن قوات الحشد الشعبي.

وهذه المدرسة الامريكية تنظر إلى الحكومة العراقية على أنها تسير نائمة نحو الهاوية، مما يدفع المعسكر الأمريكي الناشط إلى اتخاذ موقف أكثر تطرفاً من أجل تركيز الاهتمام العراقي بشكل عاجل, على المخاطر المتصورة التي تشكلها العناصر الموالية للشهيد المهندس في قوات الحشد الشعبي.

وتشعر هذه المدرسة بالفزع من مجرد ذكر اسم الشهيد المهندس, وتشعر بالخيبة وهي ترى رواتب الحشد الشعبي من الموازنة العامة للعراق, وتدرك ان قوة العراق قد تتعاظم من استمرار وجود الحشد الشعبي, على شكل موازي للحرس الثوري الايراني, لذلك هي تدفع الادارة الامريكية لدفع مخاطر مستقبلية.

·      اخيرا:

يجب على قيادات الحشد الشعبي ان تدرك ان العدو الامريكي يدرس الحشد الشعبي ويضع خطط وبرامج للقضاء عليه, لان امريكا تدرك ان العائق الاكبر لهم في العراق هو استمرار وجود الحشد الشعبي, وهي قد وعت جيدا الدرس السابق, بعد ان فشل مخططها عام 2014 في تقسيم العراق بواسطة (داعش), كان بسبب الفتوى المباركة للمرجعية الصالحة وظهور كيان الحشد الشعبي كقوة ردع  حقيقية لمخطط القوى الظلامية, لذلك يجب ان تكون خطط وبرامج بعيدة المدى للحشد الشعبي, وأن توجد ادارة استراتيجية ليكون الفعل على الأرض نابع من خطط رصينة, فيكون المستقبل بيد الحشد الشعبي وليس بيد الأعداء.