د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

ماذا فعل وزير خارجية الملالي في سوريا

 خلال زيارته دمشق مؤخراً إلتقى عبداللهيان وزير خارجية النظام الإيراني بعدد من فصائل المقاومة الفلسطينية أعطى الملالي ووزيرهم هذا اهتماما بالغاً وتغطية كبيرة، والسؤال هنا ماذا يهدف عبداللهيان من خلال هذا اللقاء؟ هل يهدف إلى تعزيز تحالفات نظامه مع تلك الفصائل وهي معززة قائمة منذ زمن بعيد.. هل يهدف اللقاء إلى توحيدها وتقويتها بالطبع لا فهو من فتت وحدة الصف الفلسطيني ولا تخدمه قوته وانما يخدمه قوة بعض الأطراف أو الجبهات في مواجهة منظمة التحرير.. 

هل يهدف إلى التأكيد على وقوف نظامه إلى جانب الفصائل بالطبع لا فهو يقود تلك الفصائل ويوجهها ولا تستطيع الخروج عن عصمته خاصة في سوريا ولبنان فتلك الفصائل أسيرة الموقف السياسي والأمني في سوريا في ظل نظام الأسد وفي لبنان تحت تأثير حزب الله حيث يتم ترويض تلك الفصائل بعدة طرق، وكذلك يتم استخدامها كما تقتضي الضرورة، وتقتضي الضرورة اليوم أن تُصغي تلك الفصائل لما يمليه عليها نظام الملالي خاصة في هذا التوقيت وهذه الظروف السياسية القاسية التي يمر بها نظامي الأسد والملالي بسبب الرفض الشعبي المتأجج في كلا البلدين.  هل كان يتفقد رعاياه في سوريا مبعوثاً من السلطان وإلتقى بفصائل فلسطينية في دمشق وما الرسائل التي يريد أن يوصلها نظام الملالي؟ 

 أرسل نظام الملالي من خلال لقاء عبداللهيان بفصائل فلسطينية في دمشق رسائل عديدة من بينها التأكيد على أنه اللاعب الأكبر في مسار القضية الفلسطينية وهو الأمر الذي يتناقض مع تصريحاته وكبار رؤوس نظامه.. هذا بالإضافة إلى تسويق شعارات الملالي على شريحة من الإنفعاليين في مجتمعاتنا تلك الشريحة التي لم تدرك الحقائق وستستغرق ردحا من الزمن كي تدرك، فضلاً عن أن الزيارة واللقاء مع تلك الفصائل يؤكدان على دعم حكومة بشار الأسد ومبدأ الشراطة معها فلقاء وزير وزير خارجية الملالي مع تلك الفصائل على أرض سوريا دليل أن كلا النظامين يمثلان رؤية واحدة ويمتثلان لتوجه واحد؛ عدا على انتهاج الطرفين نهجا واحداً معادياً للسلطة الفلسطينية.  ما الجدوى من مفاوضات نظام ولاية الفقيه بعد دمار غزة وتشريد أهلها وتجويعهم هل سيكرر ما حدث من نكبة في ترسيم حدود لبنان البحرية في مفاوضات غزة؟  

لا جدوى من مفاوضات يباركها نظام ولاية الفقيه مع أي طرف بعد دمار غزة وتشريد أهلها وتجويعهم سوى أن هذه المفاوضات تتوقف على الأهداف المرحلية لنظام ولاية الفقيه وتعزيز نفوذه في المنطقة والخروج من مأزقه الحالي في إيران.. 

ومن ضحى بأهالي غزة في هذا الجحيم لن يكترث بتحسين أوضاع الفلسطينيين في غزة أو الضفة وهو يسعى بالتأكيد إلى تحقيق مكاسب سياسية على حساب الفلسطينيين؟ ومن بين المخاطر والمخاوف المرتبطة بهذه المفاوضات أن يستغل نظام ولاية الفقيه المفاوضات لتعزيز نفوذه في المنطقة دون تقديم أي تنازلات حقيقية للفلسطينيين، وقد تُستخدم المفاوضات كذريعة لتأجيل حلول عادلة للقضية الفلسطينية.. ومن مصلحة الملالي وأعداء الشعب الفلسطيني إدامة الإنقسامات بين الفلسطينيين وإضعاف موقفهم التفاوضي.   

لا يؤمن بنظام الملالي ويستسلم لإرادته سوى أولئك المرهونين بسياسته ونهجه سواء عقائديا أو بدافع التبعية والتمويل ويعلمون أنه لا وجود لهم إلا بوجود هذا النظام وبالتالي هم أحرص الناس على بقائه واستمراره وفي المقابل يستخدمهم  نظام الملالي كأدوات ويسعى إلى استغلالهم في أي مفاوضات تتعلق بالكيان المحتل في فلسطين كوسائل للمساومة، والملالي غير معنيين ولا مهتمين تماما بقيام دولة فلسطينية مستقلة لأسباب طائفية، وقد يعنيهم كيان سياسي مستقل في غزة يكون تابعاً لهم، ولذلك يسعى إلى تأخير أي حلول عادلة للقضية الفلسطينية، وقد يتكرر سيناريو المفاوضات الفاشلة التي جرت في ترسيم الحدود البحرية والتي لم تكن بنفع لبنان وباركها حزب الله. 

 د. سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي