ماريا معلوف تكتب لـ(اليوم الثامن):

هل تهدد الغرامات المالية ترشيح ترامب وفوزه؟

عشية البدء بإنطلاق الحملات الانتخابية الرئاسية في الولابات المتحدة، يبدو ان كلا المرشحين المفترضين لخوض غمار الترشح وبالتالي تصدر السباق الرئاسي للوصول الى البيت الأبيض ، ففيما يحاول الرئيس جو بايدن ان يجاهد من أجل التجديد لنفسه وحزبه لولاية ثانية في سدة الرئاسة، وهو الذي اتصفت ولايته الأولى بالعديد من الإخفاقات على المستويين الداخلي والخارجي، ولا مجال لذكرها وعرضها الآن، يواجه الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يعتبر المرشح الجمهوري الأوفر حظاً لخوض السباق الرئاسي، وحتى الفوز به، حيث تظهر استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة ان ترامب سيعود رئيساً في ولاية جديدة ستحمل الكثير من المفاجأت التي تعيد حضور واشنطن على الساحة الدولية كما كانت ويتمنى الشارع الأميركي. 

غير أن التحديات التي تواجه الرئيس دونالد ترامب تتعدى الفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض السباق الرئاسي ولا الفوز به، وإنما لديه تحديات من نوع  آخر، وتتمثل في الدعاوى القضائية المرفوعة ضده من أجل عرقلة مسيرة عودته الى البيت الابيض، خصوصاً وأنها تترافق مع فرض غرامات مالية عليه بلغت 464 مليون دولار، ما جعل المراقبين الى طرح التساؤلات حول كيفية تعامله مع قضية دفع الغرامات المفروضة عليه؟ وماهي الخيارات المتاحة أمامه؟ وهذا ما سنحاول الإجابة عنه، خصوصاً ان القاضي الذي يرأس محاكمة الرئيس ترامب الجنائية في نيويورك هدده مجددا بسجنه لانتهاكه قرار منعه من انتقاد الشهود وأعضاء هيئة المحلفين علنا، كما فرض القاضي خوان ميرتشان غرامة جديدة قدرها 1000 دولار على ترامب "لانتهاكه أمرا أصدره لنشره تعليقات علنية حول هيئة المحلفين والطريقة التي تم اختيار أعضائها وحذره من أن أي انتهاكات جديدة قد تعرضه للسجن"، غير ال9 آلاف دولار بمعدل ألف دولار عن كل مخالفة ارتكبها على هامش محاكمته وهدد بسجنه في حال تكرار ذلك.

وبالعودة الى قضية الغرامات التي وصلت الى 464 مليون دولار يرة مراقبون ان الرئيس ترامب يُواجه مأزقاً مالياً كبيراً خصوصاً في ظل استمرار تضخم الفواتير المالية القانونية المفروضة عليه، وهو الذي يواجه 4 قضايا جنائية مختلفة، وهذا الأمر دفع بفريق المحامين الى بحث الخيارات المتاحة من أجل تسديد تلك الغرامات، وسط  تساؤلات كيفية تسديده لها.

في التفاصيل حول تراكم تلك الغرامات على الرئيس السابق دونالد ترامب كشفت الوقائع انه بعد إدانته في قضية الاحتيال التجاري في مدينة نيويورك، قام القاضي في نيويورك بإصدار حكماً بإلزام ترامب بتسديد غرامة مالية بنحو 355 مليون دولار، كما منعه من إدارة شركاته المتواجدة في ولاية نيويورك لمدة 3 سنوات، إلا أن الرئيس ترامب وجد ان الحكم جائر بحقه واعلن انه سيتقدم بطعن بالحكم، كما وصفه بأنه "صوريٌّ تماماً ومُلْتَوٍ"، وان المدعية العامة "فاسدة".

على الصعيد المالي أظهرت المعطيات أن الرئيس ترامب، أنفق أكثر من 50 مليون دولار من أموال المانحين السياسيين على النفقات القانونية طوال عام 2023، وأنه أصبح مطالباً بدفع غرامات بقيمة 464 مليون دولار متعلقة بأحكام مدنية صادرة بحقه، وهذا ما انعكس تعقيداً على إمكانية ان يكون مرشح الحزب الجمهوري لخوض السباق الى البيت الأبيض، إلا أن استطلاعات الرأي أظهرت تنامي شعبية ترامب، وأنه الأجدر والأوفر حظاً لكي يكون مرشح الحزب الجمهوري، وهذا ما أصاب خصومه السياسيين بالحيرة والشعور بالخيبة من أجل ابعاده عن السباق الرئاسي، وذلك بسبب مراهنتهم ان القضايا الجنائية المتهم بها قد تؤدي به الى السجن وإن كان ليس هناك نص دستوري يمنعه للترشح وإن كان بالسجن وحتى الفوز بالانتخابات وهذا ما يؤرق الخصوم من ديموقراطيين وحتى جمهوريين رغم انه الرجل القوي داخل الحزب الجمهوري. 

ونعود الى قضية الغرامات التي كما يقول البعض انها ستؤثر على مالية الرئيس ترامب العامة، وفي هذا الخصوص يقول المراقبون ان الخيارات الترامبية لن تخرج عن هذه الخيارات التالية:  

أولاً: اللجوء للجنة الوطنية الجمهورية: خصوصاً وأنها لا تفرض قيوداً على مصادر الأموال التي قد يستعين بها ترامب لدفع قيمة الغرامات المالية، إلا ان استخدام الرئيس ترامب لتلك الأموال قد يعرض اللجنة الى الإفلاس، ومن هنا رأى البعض ان سعيه لإستبدال وتغيير قيادة اللجنة الوطنية بأخرى مقربة منه جداً وهي لارا ترامب زوجة ابنه كي تكون بديل رونا ماكدانيال، مؤشر انه قد يلجأ الى هذا الخيار. 

ثانياً: رفض ترامب دفع الغرامة: وفي هذه الحالة قد يصبح الحكم الصادر بحقه سارياً تلقائياً وبالتالي تبدأ المحكمة بمصادرة اصوله في نيويورك، ولا يمكنه التذرع بالطعن الذي سيقدمه حيث تفرض الاجراءات أن يضع أموال الغرامات في الحساب البنكي العائد للمحكمة، ومن ثم التقدم بطلبات الاستئناف والطعن.

ثالثاً: إعلان ترامب إفلاسه: وهذا الخيار سبق واعتمده ترامب .

رابعاً: دفع الغرامة المطلوبة من السيولة والأصول الشخصية: خصوصا وأن مجلة "فوربس" قدرت مؤخراً ثروته بــــ 6.5 مليار دولار بعد عملية الدمج التي أجرتها احدى شركاته في مجال التكنولوجيا.

خامساً: استغلال شعبيته في فلوريدا: حيث يحظى ترامب في ولاية فلوريدا بشعبية كبرى غير متوفرة له في نيويورك كما أنه يملك في فلوريدا نادي مارالاغو للغولف، إضافة إلى منتجع ترامب ناشيونال دورال في ميامي، و ثلاثة منازل.

نخلص لنقول أن التحديات المالية المتمثلة بالغرامات والناتجة عن القضايا القضائية تربك الرئيس ترامب، إلا انه قادر على تجاوزها بفضل الخيارات المتاحة، ولا ندري ان كان هناك من أرنب قد يخرجه من القبع في الربع الساعة الأخيرة ، ونقول على الديمقراطيين ان يتحضروا الى ما يشبه التسونامي قد يسببه ترامب في الانتخابات الرئاسية. 

لننتظر ونتابع ونرى.