ماريا معلوف تكتب لـ(اليوم الثامن):

ترامب يحسم الانتخابات المصيرية وليس فقط المناظرة

دخل السباق الرئاسي الى البيت الأبيض منعطف خطير جداً، لم تشهد الحياة السياسية الاميركية مثيل له، تمثل في محاولة اغتيال المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب، اثناء القائه لخطاب جماهيري في ولاية بنسلفانيا حيث امطرت المنصة التي اعتلاها الرئيس ترامب وحالت العناية الالهية دون اصابته اصابات قاتلة، وان كان الرئيس ترامب الذي اظهر رباطة جأش ملحوظة قد اصيب في اذنه اليمنى الا انه بقي على المنصة وتدخل فريق الحماية وانزله ارضاً ليقف بعد ثوانٍ  رافعاً قبضته داعياً الجمهور للمقاتلة من اجل استعادة الولايات المتحدة لقوتها، كما توجه لهم قائلا مستمرون بالعمل ولن نتراجع، وفي تلك الاثناء وفي لحظة اصابة ترامب استرجع الشعب الاميركي مشهدية اغتيال الرئيس جو كينيدي مع فارق ان محاولة الاغتيال وقعت على الهواء مباشرة، وان كنت لن اتطرق الى التحقيقات التي بدأتها الFBI ، ولن استبق النتائج الا انني يمكنني القول ان الرئيس دونالد ترامب اثبت مجدداً انه الرجل القوي ليس فقط في الولايات المتحدة وحسب وانما في العالم، ونبقى في الداخل الاميركي لنقول ان تلك المحاولة الفاشلة عززت ان الرئيس ترامب الاقدر على حسم السباق الرئاسي ان لم نقل انه حسمه ، وزاد في مأزق الحزب الديمقراطي والرئيس جو بايدن الذي يجاهد نفسه كي لا تبقى صورته في اذهان مناصريه قبل بقية الشعب الاميركي انه الرئيس الخرف والمسلم مفاتيح البيت الابيض لنجله هانتر وزوجته جيل، فما كاد فريق الرئيس بايدن يستعيد وعيه من نتائج المناظرة التلفزيونية الاولى التي وصفت بالمنازلة الاولى التي حسمها الرئيس ترامب بالنقاط والتي سنتناولها في هذا المقال ونناقش تداعياتها الكارثية على الرئيس بايدن والحزب الديمقراطي الذي تعالت فيه الاصوات الداعية الى تنحي بايدن كي لا تتعمق خسارة الحزب الديمقراطي، وهنا تحضرني دعوة الممثل الهوليودي جورج كلوني الذي نجح في جمع تبرعات للحملة الرئاسية الديمقراطية، الرئيس بايدن الى التنحي رغم محبته له، ليأتي خطاب الرئيس ترامب في نادي الغولف دورال في ميامي ويزيد مأزق الرئيس بايدن ويعمق انقسام الحزب الديمقراطي حول تبني ترشيح الرئيس جو بايدن الذي اخفق حتى في استغلال قمة الناتو في واشنطن ليقول انه قادر على خوض غمار السباق الرئاسي الى البيت الابيض، الا انه تعثره وزلة لسانه حين اخطأ بذكر اسم الرئيس الاوكراني فلوديمير زيلنسكي ليقول ارحب بالرئيس الشجاع والقوي فلاديمير بوتين علماً ان زيلنسكي كان واقفا الى يساره،  ورغم تداركه لخطئه الا ان تلك الهفوة اكدت المؤكد ان الرئيس بايدن لديه مشاكل ادراكية وليس قادراً على مواصلة ولايته فما بالكم بولاية جديدة من اربع سنوات التي ستكون كارثية على الولايات المتحدة، وبالعودة الى المناظرة الاولى بين الرئيسين بايدن وترامب والتي  استضافتها قناة سي إن إن، في 27 يونيو (حزيران) الماضي، والتي وصفت بأنها "الأكثر مصيرية" في تاريخ الولايات المتحدة؛ كونها جمعت لأول مرة رئيس حالي مترنح ومتعثر ورئيس سابق واثق ومتمكن، حيث تمكن الرئيس ترامب ووفق ما اكده اكثر من مصدر من حسمها بالنقاط لصالحه وحزبه الجمهوري وقبل ان تنتهي المناظرة والتي يحلو للبعض وصفها بالمنازلة، وفشل الرئيس بايدن في تقديم نفسه كمنافس قوي لترامب ، وهذا ما عزز الشكوك حول قدرة الرئيس بايدن على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي وعد به في عام 2020، واخفق في استهداف منافسه  الرئيس ترامب وتصويره على أنه تهديد لدولة القانون والديمقراطية. في حين قدم الرئيس ترامب خلال المناظرة المنازلة رؤية بديلة لكيفية خروج الولايات المتحدة من أزماتها الداخلية والخارجية خلال سنوات حكم بايدن.
ورأى مراقبون ان المناظرة عكست  التباين الكبير والهائل في رؤى وسياسات المرشحَيْن الديمقراطي والجمهوري تجاه القضايا الرئيسية التي تهم الناخبين الأميركيين.
كما أظهرت المناظرة التباين في رؤية الرئيسين بايدن و ترامب بشأن الحروب في أوكرانيا وغزة، حيث انتقد ترامب إنفاق الولايات المتحدة على الحرب في أوكرانيا، بينما دافع بايدن عن موقف إدارته من الصراع في غزة.
ورغم اتفاقهم على ضرورة سحب القوات الأميركية من أفغانستان، فقد وصف ترامب سحب بايدن للقوات الأميركية بأنه "الأكثر إحراجاً في التاريخ الأمريكي"، وقال ترامب: "كنت سأخرج من أفغانستان، ولكن بكرامة وعزم وقوة".
هذا و أثار أداء الرئيس بايدن في المناظرة  ردود فعل واسعة من الديمقراطيين الذين أبدى بعضهم استياءً من أداء بايدن الضعيف خلالها، ويشعر الديمقراطيون بالقلق إزاء قدرة بايدن على هزيمة الرئيس السابق ترامب، وقدرته على التنافس بفاعلية ضده في الانتخابات المقبلة.
وفي المقابل، ظهر المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب واثقاً وقوياً، واستغل المناظرة لإطلاق سيل من الهجمات والانتقادات دون مقاومة كبيرة من بايدن، ولتعزيز موقفه بين أنصاره وإظهار نفسه كخيار أفضل لرئاسة ثانية،وقد لقي أداؤه رضا الجمهوريين.
هذا وقد بدأ بعض الديمقراطيين يتطلعون إلى ما هو أبعد من نائبة الرئيس، إلى منافسين محتملين آخرين، ولا سيما أن ما يقرب من 50% من الناخبين لديهم وجهة نظر غير مواتية لهاريس، وفقاً لمتوسط 538 استطلاعاً، مقارنة بحوالي 40% ينظرون إليها بشكل إيجابي، ومن أبرزهم ما يلي:
1- ميشيل أوباما: السيدة الأولى السابقة، والتي تتمتع بشعبية واسعة، ولكنها أعلنت عدم رغبتها في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة من قبل.
2- غريتشن ويتمر: حاكمة ميشيغان، وتمتلك ويتمر مؤهلات قوية تجعلها بديلاً محتملاً، فهي تأتي من ولاية حاسمة في الشمال الأوسط، وتحظى بدعم واسع في الولاية.
3- بيت بوتيغيغ: وزير النقل، ويتمتع بمهارات إعلامية ممتازة وقدرة على تقديم رسائل قوية، لكنه يواجه تحديات في جذب الأصوات من الناخبين السود والمجموعات المتنوعة.
4- جوش شابيرو: حاكم بنسلفانيا، ويمثل شابيرو خياراً مثيراً للاهتمام بفضل فوزه الكبير في عام 2022 وشهرته المحلية القوية.
5- جاريد بوليس: حاكم كولورادو، أول حاكم مثلي في البلاد، ويمتلك بوليس سجلاً انتخابياً قوياً وشهرة واسعة، ويمثل وجهاً جديداً يمكن أن يجذب الناخبين.
6- رافائيل وارنوك: عضو مجلس الشيوخ عن جورجيا، فاز وارنوك بولاية جديدة في ولاية تعتبر مفتاحية للديمقراطيين.
7- إيمي كلوبوتشار: عضو مجلس الشيوخ عن ولاية مينيسوتا، وتتمتع بشعبية في الولاية.
8- أندي بيشير: حاكم ولاية كنتاكي، وحقق فوزاً مهماً في ولاية تُعتبر جمهورية.
9- غافين نيوسوم: حاكم ولاية كاليفورنيا، ويتمتع بشعبية واسعة، ولكنه قد يواجه تحديات بسبب الانتقادات الموجهة إليه.
وعليه نخلص الى القول ان التطورات الاخيرة التي شهدتها الساحة السياسية الاميركية، ونتائج المناظرة المنازلة الاولى ان الرئيس ترامب سيعود وبقوة بسبب ما لديه من صلابة ووضح في الرؤية ، وان الحزب الديمقراطي يواجه ازمة مصيرية قد تكون مدمرة للحزب فهل يستدرك الديمقراطيون ذلك ام انهم ماشيين على ما قدر الله.