مصطفى منيغ يكتب لـ(اليوم الثامن):
أحزاب محطات بغير ركاب
أحزابٌ تَهاوَى شأنها كما حسبناها في عزِّ انتصارها كما حسبَتْه ، منها ما تقود الحكومة الحالية لفشلٍ عن نقصٍ في فعاليةٍ التَّدبيرِ خطَّطَتْه ، كتلك السابقة التي لوِزْرِ التَّطبيع مع الصهاينة لحسابها خلَّدَتْه ، وأخريات رصيدها في ماضٍ مشرِّفٍ نور تاريخه بمواقفها المتخاذلة لاحِقاً أطفأَتْه ، والباقيات مجزَّأ نصفها كمتسوِّلات على باب وزارة الداخلية أياديها ممدودة عن حياء نضالي أَنْكَرَتْه ، سبيل الملايين الداعمة لسرابٍ سياسي الدولة اعتمدَتْه ، ليُقال عنها حتَّى وقتٍ قريبٍ أنها أمّ الديمقراطية كشعارِ أمِّ الدنيا عن مصر سمعَنْه ، أحزاب لها كراسي وثيرة داخل اجتماعات حتى لا يتعب أمناؤها العامون من الجلوس الطويل لا يتحركون مهما بينهم كرهَتْه ، لكن احتمال مثل اللحظات يقابلها ما أخذَتْه ، من شرف التواجد هنا لو صرفَت انتظارَ العُمرِ كلّه بلا حِراكٍ ما لحقَتْـه ، لذا هي الآن بزعمائها الكُهْلاَن حيال كل لفتة عدسة تصوِّر ما في خيالها النضالي توهَّمَتْه ، وما يزن حتى كمية الهواء الذي تنفَّسَتْه ، والويل لمن منها تضايقت بطنه من احتضان تلك الحاجة المحتاجة للخروج فوراً ولو صاحبها أسلاك التيار العالي ليعدل عما فيه أوثقَتْه ، صائحة مِن ورائه مسبوق صوتها برائحة تُلزم إعادة تلطيف الجو بالرغم من شديد مجهود أيادي عبيد صرفَتْه . أحزاب بعضها شاخ ما حصنت به وجودها كرّرَتْه ، بائعة "التأطير" على الورق لتشتري برنامجاً من سنين احتكرَتْه ، مصدره مفكر مَضْحُوكٌ عليه نِتاجُه لنفسها أنسبَتْه ، ولو سُئِلَ أمين عام بعضها تَهرَّب مُدَّعياً أنَّ الحُمَّى أصابَتْه ، فيتوارى عن الأنظار لغاية موسم الانتخابات حيث رائحة الأوراق الزرق أيقظَتْه ، فلمنحِ "التزكيات" أسرار روادها كل واحد ما الحيطة بضميره صنعَتْه .
... هناك أحزاب مغربية أصلها النضال النظيف لتكريس الحقوق الإنسانية بالجدية والصدق ونقاء البصيرة على كل اعتبار قدّمته ، تُشرِّف الوطن متى تعرضت الديمقراطية الحقة لمُستغلٍ مستبدٍ بحكمتها غيُّه منعَتْه ، إذ السياسة الحزبية تربية وتحضُّر وأخلاق وهيبة بالحق تزرعها في عقل من ترفّعَ عن تطبيق القانون بالحسنى للقويم ردَّته ، أحزاب أمناؤها العامون طليعة النخبة المثقفة الواعية المدركة بخبايا السياسات العمومية ما اصطدمت بفساد أو اعوجاج عالجَتْه ، بمواقف ثابتة عن أصول قيم ما وقفت على حدث مزعج أو حديث خارج عن السياق المنطقي النافع للإجماع الوطني قياما بما يفرضه الواجب طَهّرَتْه ، دون خشيتها في الصواب لومة منافقٍ ولا مستغل مناسبات لظروف مصطنعة ولا خادم لمحرمات بالتصورات القائمة على الافتراءات بإرادتها ونواياها الحسنة أنقدَتْه.
... هناك نماذج تعطر مثل الأجواء الحزبية بشذى مستقبل كل البوادر الحاضرة لواقع ملموس قَرَّبته ، انتقينا منها المناضلة سلمى التي عيَّنها الأمين العام محمد باني منسِّقة إقليمية لحزب الأمل على إقليم (محافظة) العرائش ، الذي يضم لنفوذه الترابي العديد من الجماعات القروية ، ومجلسان حضريان أحدهما للعرائش والأخر لمدينة القصر الكبير ، التي أردنا الغوص ما استطعنا داخل ما احتضنه فكرها من خبايا تجربة سياسية أقدمت عليها عن طيب خاطر ، لاستعدادها الأكيد في المشاركة ولو بجزء مهما كان حجمه سيساهم في نقل
عقلية جديدة بدل المتهالكة ، المرتبطة غدا بتحمل مسؤولية التدبير الجماعي بعد اجتياز كل المراحل و منها الانتخابات . سألناها : لما حزب الأمل بالذات ؟ . أجابت : ما عهدتُ فيه الخروج عن مصداقية الواقع المُعاش ، ولا أرادَ حرقَ المراحلِ بنفاق الغشاش ، ولا نثر الوعود للتخلص من الأعشاش ، وتعويضها بمنازل زاخرة بأرقى أنواع الفراش ، توَزَّع على النّكساء دون كثرة نقاش ، بل ذاك الحزب العاكس للحالة إن وَجَدَ القُدرة على التغيير بتنسيق مع الدولة فَعَل ، وإن طُلِبُ منه الدفاع عن الوحدة الوطنية بالتضحية الجسيمة ما بخل ، مع الثوابت والمقدسات أينما حلَّ وارتحل ، بوضوح أوضح هو مع النظام مُشبَع بالتفاؤل والأمل . علما أن للحزب أعمدة تساهم في تطوير رؤاه من حسن إلى أحسن ، ويتعلق الأمر بالأساتذة الأفاضل كمال من القصر الكبير والسي البشير من الداخلة ومراد البوعناني من قلعة السراغنة والسيد المنسق الجهوي لسطات .
... لا يفوتني بالمناسبة أن أشكر لكم هذه الالتفاتة المباركة التي أعتبرها بمثابة تشجيع المرأة المشتغلة في الحقل السياسي بواسطة انتمائها لحزب ، تأمل أن يكون هو الآخر في مستوى طموحات المغربيات والمغاربة ، قصد المشاركة الايجابية الفعالة في تسير الشأن المحلي داخل الجماعات المحلية الحضرية منها أو القروية المحسوبة كنواة أولى للتنمية المتطورة ، أو وسط المؤسسة التشريعية الوطنية البرلمان بغرفتيه ، المشاركة الفعلية القائمة على الفوز المُستحق لانتخابات نزيهة لا مجال للتشكيك في نتائجها تحت أي علة من العلل ، وهذا يتطلب من الحزب على مستوى أمانته العامة ، أن يكون مؤهلا للقيام بدوره المنصوص عليه في قانون الأحزاب السياسية ، متفتحاً على القاعدة منسجماً مع متطلباتها في التدريب المباشر المساعد على اكتساب المعرفة السياسية المرتبطة بما ذُكر ، حزب الأمل لا يتوفر على الإمكانات المادية حسب ما يؤكد أمينه العام ممَّا يقلص من إقبال المواطنين على طلب الانضمام إليه كأعضاء بالأحرى تمويل مهرجانات على درجة كبيرة من الأهمية كما تقتضيه بعض المناسبات الدينية أو الوطنية ، بل ليس بإمكانه أداء كراء مقرات تضطلع بالمهام الإقليمية أو الجهوية مما يضعنا في أعين البعض دون المستوى المطلوب ، لا يعنى هذا الكلام أن المسألة عامة في جميع الأحزاب إذ أغلبيتها قائمة يما يمكن أعضاءها ومسؤوليها الإقليميين كالجهويين بما يسمح لهم بابتكار أنشطة على امتداد السنة مع تحمل تلك الأحزاب مصاريف ذلك ، مصدرها دعم وزارة الداخلية ، أحزاب مؤتمراتها عبارة عن ساحة ديمقراطية تتنافس فيها الكفاءات للحصول على مناصب قيادية ومنها منصب الأمين العام ، وأشياء أخرى لا داعي للخوض فيها آنيا .
سألناها : بما يتميز حزب الأمل بالنسبة إليك ؟ . أجابتنا : حزب الأمل رؤاه واضحة كالثوابت لا تتغير ، مؤيدا على الدوام السياسة العامة للدولة ، مسالما مع الحكومة ، صامتا يظل ما استطاع حفاظا على الاستقرار ، المهم عنده يومه وغدا مسألة الوحدة الترابية ، فإذا علمنا أن أمينه العام من العيون أدركنا تشبثه بما سبق كأولوية الأولويات . هادئ التصرف كحزب ، أبوابه مفتوحة لمن أراد الانضمام شريطة عدم المطالبة بأي نوع من المصاريف ولو الموجهة لتغطية أنشطة تعود لفائدة الحزب كما كرر السيد محمد باني ذلك عشرات المرات .
سألناها: هل تتخذين أية امرأة قدوة لك : أجابت : أنا معجبة بالمرأة المصرية أتتبع باستمرار وجودها المشرف وسط الحقل السياسي في محافل الأحزاب المتباينة الاتجاهات الموحَّدة كلها دون استثناء علي حبها للعظيمة مصر ، وأيضا أراها نائبة ناجحة فارضة وجودها تحت قبة مجلس الشعب ، مُعجبة بقدرتها على التعبير الدقيق لإبلاغ ما تراه مفيداً إبلاغه بعزيمة لا تُقهر وإرادة لها الوزن المثالي المحمود على جميع الأصعدة .
على بالتنويه أن ما صرحت به لكم لا يعبر عن أي موقف رسمي لحزب الأمل ، بل هي ملاحظات أدليت بها كأجوبة على استفساراتكم الغرض منها التأكيد على حريتي في التعبير عن رأيي بكل وضوح وبصراحة من يتضايق منها لا يعي ما معنى الحرية في التعبير عن الرأي.