هيثم الزبيدي يكتب:

بطة الدراما العربية

تعريب المسلسلات الغربية الناجحة فكرة لا بأس بها لدعم صناعة الدراما العربية. علينا أن نعترف بأن النتاج الأدبي الروائي في عالمنا العربي، على وفرته العددية، محدود. معارض الكتب تغص بمطبوعات روائية لكتاب ودعوا الشعر وذهبوا إلى العمل الروائي. الكتابة الروائية أسهل كما يبدو من نظم الشعر. لكن هذه الموجة من الإقبال على الكتابة الروائية لم تقدم، إلى حدّ الآن على الأقل، ما يكفي من الأعمال الروائية التي تستحق أن تتحول إلى أعمال درامية. لست خبيرا في النقد، لكن السرد ليس رواية.

نسخ الأعمال الدرامية بين اللغات وارد وكثير. العديد من الأعمال الدرامية الشهيرة من التي أنتجتها هوليوود، كانت في الأصل بلغات إسبانية أو فرنسية أو عبرية أو كورية أو يابانية. يتم توطين الحكاية بما يتناسب مع صورة حدثية أميركية. ينظر الكاتب الأميركي إلى السيناريو الإسرائيلي عن حادث أمني أو إرهابي بعدسة شبيهة. ينظر إلى السيناريو المكسيكي بعين المافيات والجريمة والمخدرات. تكون النتيجة قريبة من الواقع، إلى درجة أن المشاهد في بعض الأحيان ينسى أن العمل هو في الأصل نسخة تم توطينها أميركيا عن نسخة من بلد آخر ولغة أخرى.

اليوم ثمة شهية عربية مفتوحة للإنتاج الدرامي. كتاب الدراما إما ينطلقون من أعمال روائية عربية أو من تعريب مسلسلات أو حتى روايات عالمية. وطالما أن السرديات التي تزدحم بها أسواق الكتب لا تصلح في كثير من الأحيان لأن تتحول إلى أعمال درامية سينمائية أو تلفزيونية، ولأن الدراما المصرية استنفدت رصيد الروائيين الرواد من الجيلين العربيين الأول والثاني في القرن الماضي، فإن الخيارات التي تبقى هي نسخ/تعريب الأعمال الدرامية عن لغات أخرى.

نشاهد بعضا من هذه الأعمال الدرامية الآن. وبالتأكيد لا يزال من المبكر الحكم عليها، لكن النتيجة نص نص. لا نعرف هل هو الاستعجال أم الاستسهال، لكن نسخ أعمال غربية دون مراعاة الفوارق المجتمعية والاقتصادية والثقافية ينتهي بأعمال درامية من فئة “تبطبط مثل البطة، وتمشي مثل البطة، ولكنها ليست ببطة”. عوالم القضاء والسياسة والعلاقات الاجتماعية والعلاقة بين الرجال والنساء في الغرب مختلفة كثيرا عن عوالمنا. نسخها كما هي، يجعل العمل هجينا بلا روح، وربما كان من الأفضل ترجمة أو دبلجة العمل الأصلي وتقديمه للمشاهد دون تعريب أو نسخ على أنه دراما عربية.

السوق النهمة للأعمال الدرامية، التي تجاوزت عقدتي موسم رمضان وسيطرة النجم/النجمة مع دخول خدمة البث التدفقي، ستبقى تفرض الحاجة إلى المزيد من الإنتاج. وطالما أن الإنتاج الروائي العربي لا يزال بسيطا وشحيحا من ناحية النوع، فإن التعريب الذكي يبقى هو الخيار. حينها يمكن أن يكون ما أمامنا هو بطة تمشي وتبطبط وتقنعنا بأنها بطة.