هيثم الزبيدي يكتب:
"ديب سيك".. أي أعماق تخفي سرّه؟
في لحظة، صارت أيقونة شركة “ديب سيك” شيئا يحتفى به في العالم. لم يحدث هذا للمرة الأولى. فكل مرة تبرز فيها شركة عالمية بشكل لافت، تتحول أيقونة الشبكة إلى شيء يستحق الاهتمام والمتابعة. العالم يحب الأيقونات. الرمزية البصرية ترتبط بالنجاح.
تصميم الأيقونة كان ذكيا. هذا حوت يغوص بالأعماق. لا جدل بأنه حوت وليس سمكة، أي أن عقله لحيوان من اللبائن وليس سمكة. عقل الحوت أكبر من عقل السمكة. ذيله بالعرض وليس بالطول، ورأسه كبير. ولو عدنا إلى زمن الوثائقيات التي كانت محطات التلفزيون تعج بها، كنا سنستعيد كل البرامج التي تقارن بين عقل الحوت وعقل البشر. سبر الأغوار -إذا- من مهام اللبائن، والإنسان أول من يتقدم هذه اللبائن. “ديب سيك”، هذا المسبار الغائر فيما يريد الوصول إليه، هو الأداة الأسهل. لقد حقق ضربة معلم كما يقال عندما تمكن من توجيه صناعة الذكاء الاصطناعي إلى معادلة الأرخص والأكثر كفاءة. وخلال أقل من يوم، خسرت أنفيديا، الشركة التي تصنع معالجات سيرفرات الذكاء الاصطناعي، نسبة هائلة من قيمتها. هذا تقييم أولي فقط، والقادم أخطر وربما أشد فتكا.
قد تظهر الأيقونة ثم تختفي ولا أحد يتذكرها. أذكر يوم ظهرت أيقونة نابستر، الشركة التي تشبك الكمبيوترات ببلاش وتتبادل الموسيقى. لا أذكر كم مرة استبدلت مايكروسوفت أيقونتها لتستمر تقول “إنها شبابيك” قبل أن تستقر، إلى اليوم الراهن، على الأيقونة البسيطة الحالية.
الأيقونات تفرض نفسها منذ ما قبل زمن الكمبيوتر. اليوم نستخدم الكمبيوتر لسهولة التبادل البصري عبر ملفات الكترونية. الأيقونات المعقدة غير مرحب بها عموما. وثمة ميل إلى الحروف البسيطة والجيومتريات. أنا لا أرتاح لكثرة الحروف والكلام عموما. لكن الجيومتريات، مثل أيقونة سيارة مرسيدس أو أيقونة سيارة أودي أو شعار الأولمبياد (الذي يرمز للقارات الخمس المأهولة في حينها كما أفهم)، لافتة للنظر. بينما الحروف البسيطة لسيارة فولكس فاكن تجذبك بطريقتها الخاصة. في بعض الأحيان الجيومتريات والحروف تحس أنها مصممة وفي ذهن مصممها أشكال مستقبلية ممكنة بحيث كلما انتقل موديل السيارة من جيل إلى جيل، فإنه لن يبدو مستغربا أو خارجا عن المألوف. جيومترية مرسيدس هي نفسها من سيارة من الحرب ما قبل الحرب العالمية الثانية وسيارة من اليوم. كل شيء يقال عن الجيومتريات للحروف اللافتة، يمكن أن يقال عن حروف سيارة بي أم دبليو (أو بي أم في كما تلفظ في ألمانيا، بلد التصميم والمنشأ).
بعض الأيقونات قبيحة إلى درجة أن تصبح لافتة لقباحتها. لا أريد أن أضرب أمثلة هنا، لكن مرة صديق عرض عليّ أيقونة لبضاعة من بلد عربي يفترض أن يروّج لها في بريطانيا، فكانت صادمة. استخدم تنويعة من ميكي ماوس من ديزني للترويج لبقلاوة وإنها حلوى وإن الأطفال يحبون الحلويات (لا أذكر أنني رأيت طفلا يأكل بقلاوة باستمتاع). ربط عجيب للفكرة والأيقونة والحلويات انتهينا بسببه إلى رفض المنتوج لأنه ينتهك حقوق الملكية الفكرية لأن آخر ما يريده ميكي ماوس هو أن يروّج لبقلاوة.
الربط مع الزمن مهم. سيسأل شخص استعرناه نظريا من قرن مضى: ما علاقة حوت ببرنامج بحث في الذكاء الاصطناعي. أترك الجواب لمستطرق مار.