ماريا معلوف تكتب لـ(اليوم الثامن):

فيلم "حياة الماعز": الإساءة المتعمدة للسعودية ولعموم الخليج

نيويورك

يقول العرب في المثل: "الأشجار المثمرة دائماً تُرمى بالحجارة"، كما قال أحد الشعراء: "كنْ كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً، يُرمى بصخرٍ فيُلقي أَطيبَ الثمرِ". وهكذا، فإن الشجرة العاقر، التي لا تحمل الثمار، ليست موضع اهتمام الناس، سواء كانوا من المعجبين أو الحاقدين. يمر بها عابرو السبيل ولا يلتفتون إليها، فلا منظر ولا جمال ولا بهاء.

وهكذا هي حال السعودية التي اختتمت قبل أيام بطولة كأس العالم للألعاب الإلكترونية لعام 2024 بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يمضي بالسعودية نحو المستقبل. لكن الحاقدين وصل بهم الحقد إلى حد الإشادة بالفيلم الهندي الذي استغرق صُنّاعه أكثر من خمس سنوات ليصدر بالتزامن مع البطولة التي امتدت فعالياتها على مدى 8 أسابيع، وليقدم صورة تسيء إلى السعودية وشعبها خصوصاً، ولدول الخليج عموماً. إنطلاقاً من كون الفيلم المشبوه - وأقول المشبوه من حيث الإنتاج والتنفيذ - يتناول مسألة الكفيل، ذلك النظام الذي وُضع أساساً لتنظيم العمالة الوافدة إلى دول الخليج، حيث عمد صُنّاع الفيلم إلى تصوير الكفيل بأسوأ صورة. 

وإن كنت لن أخوض في تفاصيل القصة التي تحمل الكثير من المبالغات والمغالطات، إلا أنني سأقول لكم: انظروا إلى قصص النجاح التي حققها الوافدون إلى السعودية خصوصاً، والخليج عموماً. فقد أراد الفيلم التشويش على ما يقوم به سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي أطلق رؤية 2030 الاستراتيجية، والتي حقق من خلالها النقلة النوعية المستمرة والمستدامة للسعودية. ولكن ماذا يقول المرء لتلك العقول الحاقدة التي تروج للفيلم وتدعي أن السعودية تمثل نموذجاً معادياً للقيم الإنسانية، بينما هي النموذج الراقي الذي يجسد القيم الأخلاقية والدينية والإنسانية؟

غير أن المتابع لا يتعب في كشف من يقف خلف تلك الحملة المسيئة للسعودية، والتي تحاول دس فكرة أن الإمارات بالدرجة الأولى تقف خلف إنتاج الفيلم، وسلطنة عمان بالدرجة الثانية كون الفيلم صُوّر فيها. بينما الحقيقة أن من يقف خلف تلك الحملة ليس سوى من اعتاد التغذي على الفتنة وزرع الشقاق بين الأخوة، وهو تنظيم الإخوان المسلمين وذبابه الإلكتروني المأجور وإعلامييه المرتزقة الذين لم يتركوا مناسبة إلا وعملوا على استغلالها للنيل من السعودية وعلاقاتها المتينة مع الإمارات. 

وتجلت هذه العلاقات في دعوة الأمير محمد بن سلمان للشيخ محمد بن زايد لحضور النسخة الثامنة من منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار لعام 2024 في مدينة الرياض نهاية شهر أكتوبر المقبل. كما أن الحملة تأتي في ظل تمسك الرياض الثابت بتطورات الحرب في غزة، حيث عملت وتعمل على وقف الحرب ونيل الشعب الفلسطيني حقه في دولة ذات سيادة. 

وهذا ما يزعج الإخوان ويفسد مخططاتهم التدميرية للمنطقة، والتي تصدت لها السعودية والإمارات وأفشلتهما. وما اللعب على موضوع حقوق الإنسان في السعودية إلا عودة إلى أسطوانة مشروخة، شغلوها في وقت سابق بتشجيع من دول عربية وغربية نتيجة لتعاظم الدور السعودي وتخطيه لحدود الإقليم ليصبح عالمياً، وهو ما تسبب لهم بالقلق، وجعلهم كمن تحتها الرياح الهوجاء. 

وبعض الدول التي تقف خلف التحريض سجلها حافل بانتهاك الحقوق وتزوير الحقائق، وفشلت في إقناع من رعتهما ووظفتهما لسنوات بالقبول بالمبادرات التي أطلقت من أجل وقف نزيف الدم الفلسطيني. 

بعض الأفواه الفارغة المأجورة التي أزعجتنا بالحديث عن الرد الإيراني على قتل إسماعيل هنية، وعن الرد الحوثي على قصف ميناء الحديدة، وجدناها تسيء إلى السعودية وكأن الأنظمة التي تدافع عنها - وتحديداً نظام الملالي - هي النموذج العالمي في انتهاك الإنسان وحقوقه. 

فعلاً، مؤسف ما وصلت إليه بعض العقول الخاوية إلا من الحقد. أختم بالقول: القافلة تسير والكلاب تنبح، والماعز تصدر ثُغاءها - أو بالأحرى تصدر نبيبها (وهو صوت الماعز عندما تهيج). ومهما علت أصوات الحقد والإساءة، لن تنال من السعودية وأهل الخليج.