ضياء قدور يكتب لـ(اليوم الثامن):

الرؤية غير الواقعية: خطة التنمية الإيرانية العشرين وأوجه القصور فيها

مع تولي الرئيس الإيراني الجديد مسعود بيزشكيان منصبه، أعلن عن وثيقة رؤية العشرين عاماً باعتبارها أحد الأهداف الاقتصادية الرئيسية والمبادئ التوجيهية لحكومته. وقد قوبل هذا الادعاء بانتقادات واسعة النطاق، حيث من المقرر أن تنتهي صلاحية الوثيقة في غضون عام واحد فقط. كيف يمكن لخطة عفا عليها الزمن تقريبا أن تكون بمثابة الأساس للتقدم الاقتصادي والنمو؟

واعترف محمد رضا عارف، النائب الأول لبيزيشكيان، بهذه الانتقادات، لكنه قال إن الحكومة لا تستطيع المضي قدمًا حتى يتم تحقيق الأهداف المبينة في هذه الوثيقة. ومع ذلك، حتى بين مسؤولي النظام وخبراءه، هناك شك جدي في أن أربع سنوات ستكون كافية لتحقيق الأهداف المعلنة، بالنظر إلى أداء المؤسسات الحاكمة على مدى السنوات التسعة عشر الماضية. وواجهت الوثيقة منذ بدايتها اعتراضات بسبب نظرتها الطموحة وغير الواقعية.

وكانت وثيقة رؤية العشرين عاماً، التي بدأت في عام 2004، مصممة لرسم مسار التنمية في إيران عبر مختلف القطاعات، بما في ذلك المجالات الثقافية والعلمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. تم تجميع الوثيقة من قبل مجمع تشخيص مصلحة النظام بناء على اقتراح من جمعيته، وقد تم تنظيم تنفيذ الوثيقة حول أربعة برامج تنمية مدتها 5 سنوات، مع حلول عام 2025 على نهايتها.

كان المشروع في الأصل من تصميم أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي حصل على موافقة المرشد الأعلى علي خامنئي لصياغة خطة استراتيجية شاملة. وقد نظر خامنئي إلى ذلك باعتباره "الحلقة الاستراتيجية المفقودة" في البلاد، والتي تهدف إلى معالجة التناقضات بين المؤسسات الحاكمة في تحقيق الأهداف الكلية للنظام. ورغم أن الوثيقة لم تؤت ثمارها خلال رئاسة رفسنجاني، إلا أن تنفيذها بدأ خلال الولاية الأولى لمحمد خاتمي.

ومن وجهة نظر المنفذ، واجهت الوثيقة تحديين أساسيين. أولاً، عانت من التفاؤل المفرط وتحديد الأهداف غير الواقعية. ثانياً، التزمت بمعايير النظام وقيمه التي غالباً ما تتعارض مع القيم الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. وتجاهلت الوثيقة أشكال الحكم الشعبية لصالح سلطة المرشد الأعلى، وروجت لنهج ثابت وتوجيهي بدلاً من النهج التفاعلي والتعاوني بين المجتمع والنظام.

علاوة على ذلك، فإن القيم الثقافية المبينة في الوثيقة كانت تتعارض مع آراء غالبية المجتمع الإيراني. ومن الناحية السياسية، دعت إلى استمرار الاستبداد والتوجه الأيديولوجي المنغلق في ظل توجيهات “الديمقراطية الدينية”. وينطبق هذا المفهوم، الذي يدمج القيم الدينية في الحكم، على البلدان التي يؤثر فيها الدين بشكل كبير على القوانين واللوائح.

إن التعريف الافتتاحي للوثيقة للمجتمع المستهدف في إيران يكشف بشكل خاص:

«إيران دولة متقدمة ذات موقع اقتصادي وعلمي وتكنولوجي الأول في المنطقة، ولها هوية إسلامية وثورية، وملهمة في العالم الإسلامي، وتشارك في التفاعل البناء في العلاقات الدولية».

لكن هذه الرؤية تتعارض مع هدف معلن آخر وهو "التضامن بين الشعب والحكومة"، مما يسلط الضوء على افتقار النظام إلى النية لمعالجة الأزمات الاجتماعية والسياسية المتنامية في البلاد.

وتؤكد الوثيقة كذلك على دور إيران في العالم الإسلامي، مؤكدة أنه: “ملهم ونشط وفعال في العالم الإسلامي من خلال تعزيز نموذج المتدينين الإسلاميين، وتطوير مجتمع فعال وأخلاقي، وديناميكية فكرية واجتماعية تؤثر على المنطقة الإسلامية والإقليمية”.