د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):
يرفعون شعار الإسلام ويبيضون وجه الجاهلية
هؤلاء هم ملالي إيران ومن تبعهم مؤمناً بهم أو منتفعاً منهم أو مغرراً به، وقد بُنيَ العنوان على نهجهم وسياساتهم وممارساتهم ، ولسنا هنا ضد أن يكونوا قوميين بعباءة قومية خالصة على أن يكونوا ممثلين حقيقيين للقومية التي يمثلونهم وينتمون إليها بصدق وليكونوا شجعان أمام من أتى بهم إلى السلطة وليفرشوا أوراقهم بوضوح على طاولة المشهد السياسي وتعرف الناس مواقعها من الإعراب وكيف تتجه، كذلك لسنا ضد أن يكونوا إسلاميين شرط أن يكونوا مسلميين حقيقيين ويحترموا نبي الإسلام وآل بيته الطيبين الطاهرين، وأن يحترموا قدسية الإسلام وتاريخه ويكفوا عن المساس بعقيدة المسلمين مع اختلاف مذاهبهم معترفين ببغيهم، وهذا يعني التوبة والعودة إلى الإسلام من جديد.
إننا لا نُنكِر على أحدٍ تراثه وملكيته التاريخية فتلك ملكية شعوب وحقوق غير قابلة بالتصرف.. لكننا نود هنا إبراز الحقائق وجلد وتقبيح نهج الكذب والإستخفاف بعقول ومشاعر الناس سواء في داخل إيران أو خارجها، ونتساءل إلى أي هوية ينتمون وأي راية يحملون ويمثلون ملالي إيران؟ هل الإسلام رايتهم كما يدعون أم أنهم يمثلون راية الإمبراطورية الفارسية القديمة، وأياً من الرايتين يمثلون؟ إنهم لا يمثلون أياً من الرايتين بل شوهوا كلا الرايتين، ويعلم الجميع أنهم أكبر جحيم نزل بالإسلام لما ألحقوه به من فتنة وتشويه، وأما التاريخ فلا يمثله إلا صفوة الصفوة ولا نحسبهم منهم، ولا يُمثل التاريخ ولا يُعبر عنه بهذه الأنماط البربرية التي تثير الإشمئزاز وما يرفعونه بالباطل من شعارات بإسم الإسلام ورسوله(ص) وآل بيته (ص) وقد أسقطتهم شعاراتهم من خلال نهجهم وممارساتهم التي لا علاقة لها بالدين ولا بآل البيت على الإطلاق.
إننا إن صدقنا في قيمنا وانتماءاتنا فإنه من الصعب السكوت عن حديث قادة ملالي إيران المدعين بـ الإسلام عن أمجاد تاريخية لوجودهم على سواحل البحر المتوسط قبيل حقبة الإسكندر المقدوني..، واليوم يعيدون الأمجاد ويتواجدون على سواحل بحر العرب والبحر الأحمر والبحر المتوسط بفضل جنودهم في اليمن ولبنان وغزة والمنطقة برمتها.. والحقيقة هي أنهم شوهوا التاريخين والقديم والحديث فلا مثلوا الشعب الإيراني وتاريخه.. ولا مثلوا الإسلام المحمدي الحنيف...
بعد أربعة عقود ونصف يتوالى سقوط شعارات وادعاءات الملالي بإسم الإسلام الذي يُقبح وجه الجاهلية ويسعون هم إلى تبييض وجهها؛ يُقبح الإسلام الجاهلية التي أما الملالي فلم يتخلوا عنها بدليل أن غلبت عليهم جاهليتهم وفضحتهم سلوكياتهم وتصريحاتهم الدالة على قربهم من الجاهلية أكثر من علاقتهم بالإسلام المحمدي الحقيقي الذي يصعب عليهم تمثيله، وتتناغم سياساتهم هذه مع حقيقة مخططات ونوايا الغرب بشأن المنطقة العربية طوال قرابة مائة عام وقد سبقتهم دكتاتورية الشاه في ذلك واتبعوها ونهجها صادقين مخلصين نظير اعتلاء عرش السلطة في إيران، ولا تمثل أياً من الحقبتين الشعب الإيراني ولم تحقق تطلعاته.
من المؤكد أن هكذا تصريحات فجة متوالية لا تصدر إلا عن نهج عدواني توسعي مغرور؛ يتباهى باستخدام أبناء المنطقة كأدوات لتحقيق أمجاده وتطلعاته، وبالنتيجة لمساعيهم باتت قدسية القدس أكذوبة فها هي تتلاشى ويمكنون الأعداء منها، وها هي كربلاء والنجف بلا قدسية تسودهما المثلية والفسق والفجور والباطل وفق نهجٍ إن كان مخططٌ له فذلك وباء سيفتك بالقاصي والداني على حد سواء، لسنا بحاجة لإثبات ذلك فنظرة بسيطة على نهجهم وجنودهم بالمنطقة منذ عام 2003 ليس كفيل بإثبات ذلك بل كفيل بفضح نواياهم والدفع نحو بناء استراتيجية مواجهة لإنقاذ المنطقة إن رغب العرب في ذلك، وأما إن كان هذا النهج الذي يتبعه ملالي طهران وجنودهم من المسكوت عليه فهو قبح وعار تحت مظلة ما يسمونها بـ المارجوعية وأنا أعني التصرف بالمفردة"فسروها كما شئتم" والتفسير بين سطور المقال؛ نعم هو قبحٌ وعارٌ تموله سلطة الصعاليك في العراق الجديد.
وعلى الرغم من أن قيصر طهران لا يرى فيمن حوله ممن يتبعه إلا كقطعان مُخدرةً تسبح بمجده ووجوده الهلامي، وتسير خلف إيماءته المستخفة بهم وبكل وجودهم على غير هدىً يفتدي نفسه بها وبمصيرها ومصير بلدانها دون أدنى حرج أو أدنى شعور بالمسؤولية أو إنتماءٍ للإنسانية، ويعلم بعضهم ذلك لكنه محببٌ إلى قلوبهم وينطبق عليهم المثل الشعبي العراقي القائل "القط يحب خانقه" ولا يعنيهم الأمر تحت خيمة القيصر إن كان ذلك يليق بمن كرمه الله ونعمه أم لا يبتغون رضاه ومنافعهم حتى وإن وطأ رؤوسهم وكرامتهم.
واقع الحال اليوم ليس كما الأمس يمكنهم إخفاء نواياهم فقد فضحت وسائل التواصل الاجتماعي ما خفي من أفعالهم في إمبراطوريتهم الظلامية وسجونهم وشوارعهم وبيوتهم وتحت أقدامهم وفي حدائقهم الخلفية بالعراق ولبنان وسوريا وفلسطين واليمن، وعلى الرغم من هذه النظرة الدونية من القيصر لقطعانه إلا أنها تعشق العبودية تحت أقدامه.. وليتها كانت عبودية لله تصون الكرامة وتضمن حق الدنيا والآخرة.
ما يجب أن يُقال لتلك القطعان البائسة، وتلك الأسماك التي تعول على طحالب وأدران ماء الحياة القادم من طهران هو أن تستيقظ من غيبوبتها وتصحو من غفوته من غفلتها وتستعيد كرامتها المسلوبة فقيصرها لم يعد يُخفي نواياه وبات يقولها علنا (صنائعنا هم امتدادنا وأذرعنا وقد أنفقنا عليهم بما يكفي أن يفدوننا بأنفسهم) ، ورسالتنا إليهم إن لم يتقوا الله فليكونوا أحراراً في دنياهم فماء الحياة الذي تتلقاه هو مال مسلوب من قوت الفقراء والجياع هذا إن كان لهم دين، وليعلموا أن مئات المليارات من الدولارات قد سُلِبت من أموال الإيرانيين والعراقيين لتغذي مخططات ومشاريع القيصر ورجاله، وأن ما أنفقه وينفقه قيصر طهران في سوريا فهو ديون مُسجلة بمعنى أنها واجبة السداد أي لا تستغربوا غدا إن وجدتم سوريا ضيعة يمتلكها قيصر طهران والفيلة والنمور والأسود وكل وحوش هذه الغابة، أما ما يتعلق بالعراق فبعض الأموال التي يدفعها العراق هي أتاوات يدفعونها للقيصر كجزية "وهم صاغرين" والبعض الآخر لا يُدفع وإنما يُسلب من خلال مسميات مختلفة كـ باب المال السائب وباب التمويل الرسمي للميليشيات، وتمويل المارجوعيات الدينية والتي هي أشبه بالأفاعي الجياع التي تتستر على الفساد وتحميه.. وكلمة مار باللغة الفارسية تعني أفعى، وجوعيات نسبة للجوع، ويمكن درج ذلك كمصطلح يليق بهم.
تتمة الرسالة نقول لا ينفع في هؤلاء علياً ولا حسيناً إذ لا واعظ لهم، وإنما هي مرحلة يرتدون فيها قميص عليٍ والحسين وآل البيت الأطهار كوسيلة لبلوغ غاياتهم غير المشروعة.. ولن تنتهي هذه المرحلة إلا وقد أحطوا من قداسة الدين ونكلوا بالإسلام والمسلمين ودمروا أمة العرب، لذا لن نرجو منهم ولا من كبارهم في إمبراطورية ولاية الفقيه خيراً، ولا من جميع من استظل بعباءة الجاهلية هذه فهم ليسوا سوى أفاعي سوء لا نجاة من سمومها إلا بسحق رؤوسها بقباقيب النساء ورصاص ثوار الحق.
سيأتي اليوم على شعوب المنطقة الذي سترى فيه بعدما طفح الكيل بها من مشاريع الكذب والإدعاء والقتل والتشريد والسلب والنهب والإفساد على يد أفاعي وعناكب وعقارب الخراب في إيران أو العراق أو لبنان أو سوريا أو فلسطين أو فلسطين والباقين أيضاً أنه لم يعد هناك حلا سوى سحق رؤوس تلك الأفاعي والعقارب، و ( العقرب دواها: النعال) كما يقول المثل الشعبي العراقي.
كفى نرهن تاريخنا ومصائرنا ومقدساتنا وأخلاقياتنا بيد هؤلاء المدعين ومشاريعهم التوسعية ودماهم الهزيلة، وليكن ما حدث في العراق ولبنان وسوريا واليمن وغزة وما يحدث الآن في هذه اللحظات في الضفة الغربية وعموم فلسطين عبرة ودافعا لنا لننتهج خطى سياسية استراتيجية لإنقاذ بلداننا وشعوبنا وتاريخنا وعقيدتنا.. والكل مسؤول ومُساءل في هذه المرحلة.
د. محمد الموسوي/ كاتب عراقي