د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):

لا يخفي النظام الإيراني نواياه والعرب يعرضون عنها

عندما تكون الضحايا مستكينة وتعين الملالي المستخفين على مخططاتهم التوسعية بمباركة الغرب  فلا أهمية لمظلومية الشعب الفلسطيني ولا قداسة لـ القدس ومليون كربلاء ومليار نجف معها ولا حاجة لهما إلا بقدر شعار الوسيلة من أجل بلوغ الغايات، وماذا إن مات هنية ومليون من أمثاله؛ فقد سمحوا بتفجير أحد الذين كانوا من رجالهم المخلصين لعقود عندما حاول أن يكون ذا رأي وفكر أن بالإمكان الخروج من القفص.. هكذا يجب أن نفهم الأمور ونعلن لأنفسنا أن هؤلاء هم ملالي إيران ومن تحت عباءتهم..، فما جدوى إبقاء الحقائق حبيسة في الصدور؟

   لم ترى الشعوب العربية خيرا من كلا الحقبتين اللتان خلفتا الدولة القاجارية في إيران الشاهنشاهية المخلوعة أو نظام الملالي الجاثم اليوم على صدور الشعب الإيراني وشعوب المنطقة، وقد كان الملالي على الخطى مخلصين بئس الخلف لبئس السلف، ولا عجب في ذلك فقد كانوا أنفسهم أي الملالي من حاشية السلاطين الساعين لنيل رضاهم والفوز بهباتهم وما يجودون، هكذا كانوا وهكذا فعلوا على مر التاريخ وهكذا يفعلون، وهكذا كانوا مع شاهنشاهية إيران يدعمون بغيها ويعظمون شرها ويحمونها، وينهبون مما تنهب من خيرات البلاد المسروقة من قوت الفقراء والكادحين والمعدومين.

في زمانه تآمر نظام الشاه في إيران على العراق على نحو خبيث مثيراً للقلائل عابثاً بالسيادة العراقية لولا حكمة وشجاعة الرئيس عبدالرحمن عارف وتدخل الزعيم الجزائري الراحل هواري بومدين رحمة الله عليهما لينهيا مؤامرة الشاه على العراق وينتهي الأمر بإتفاقية الجزائر عام 1975 التي أنقذت الدولة العراقية من جحيم عبث الشاه، وأما ما يتعلق بموقف الشاه وتطاوله ونواياه الشريرة فقد شملت بلدان المنطقة التي سعى بتفويض من الغرب إلى فرض نفسه كإمبراطور عليها وقبلت بذلك وقبلت بمن هم أشد بؤساً.

بعد سرقة ثورة شباط/ فبراير 1979 الوطنية الإيرانية وتمكن ملالي الإدعاء من اقتناص السلطة في إيران فعلوا ما فعله سيدهم الشاه واستخدموا أدواته وأساليبه ذاتها، وتنكروا لإتفاقية الجزائر وأعلنوا حرباً على العراق بنية أن يفعلوا ما لم يفعله الشاه وهو التوسع والتمدد بشعار الإسلام وضم العراق ومنه بعد احتلاله إلى باقي البلدان العربية المستهدفة في آسيا كمرحلة أولى، وما في جعبتهم من الشعارات كثيرة تكفيهم الوصول إلى شمال أفريقيا  بإدعاءات تاريخية تتعلق بالدولة الفاطمية والعبيدية لا علاقة لملالي إيران بها إلا من باب الإدعاء.

 لإضفاء الشرعية على نواياهم ونهجهم كانت الحرب على العراق تحت شعار تحرير القدس ولأجلها يتطلب المسير إليها احتلال العراق ودول عربية أخرى، وبالطبع لن يتجرأوا على احتلال تركيا والدخول منها إلى أراضي سوريا ثم الدخول دخول الفاتحين إلى فلسطين حسب رواية الملالي وتطبيل جنودهم الذين لا يزالون يطبلون بتلك الرواية الرائجة بفضل أجيال القطيع المتعاقبة على نفس الأكاذيب.

يأتي احتلال العراق عام 2003 ليكشف سوءاتهم ويفضح نواياهم بشأن المنطقة والإسلام والقدس وفلسطين بعد أن احتل الملالي العراق وتمكنوا من سوريا ولبنان ولا زالت القدس محتلة ولا زالت فلسطين أسيرة، واليوم يدمرون الضفة على غرار ما حدث في غزة، ولن تتحرر فلسطين ولا القدس اليوم إلا باحتلال جميع الدول العربية، ومع ذلك لن يقدم الملالي على تحرير القدس أو شبر واحد من فلسطين بعد احتلالها؛ ذلك لأنهم دعاة توسع، ومن أتى بهم إلى سلطة الحكم في إيران لم يكلفهم بذلك، لكنه كلفهم بإبقاء المنطقة على كف عفريت لتبقى تحت طائلة الابتزاز والمساومة.

 عدوهم اللدود منظمة التحرير، وبالأمس البعيد خططوا لضرب منظمة التحرير وما حققته في مقتلٍ، وكذلك لإنهاء وتدمير القضية الفلسطينية فدعموا حماس وأخواتها، وخططوا لـ طوفان الأقصى وحربٌ يؤججونها حتى أخر فلسطينيٍ في غزة واليوم الضفة الغربية.

 رفضوا أي دعوةٍ لوقف إطلاق النار على اعتبارها خيانة، وكيل بألف مكيال، واليوم خريطة طريقٍ جديدة بعد مقتل إسماعيل هنية، وإمكانية القبول بوقف إطلاق نار دائم في غزة؛ مطلبٌ جديدٌ لملالي إيران يتناقض مع تصعيد الأمس، وكذلك يتناقض مع جلبة حق الرد على سيادة وكرامة الملالي المهانة.

تم احتلال العراق وسوريا واليمن ولبنان بدلا من تحرير القدس، ويتطلب الأمر احتلال دول عربية أخرى، ومن أجل بلوغ غاياتهم الشيطانية فإن كل الوسائل مشروعة ومباحة بما في ذلك صناعة وتجارة وتهريب المخدرات والسلاح وضرب وتفتيت المجتمعات العربية على وجه التحديد، أما ردود الأفعال وقواعد الاشتباك لديهم فتختلف من مكان إلى آخر، ترونها رادعة فتاكة ومدمرة إن تعلق الأمر بالرد في العراق أو سوريا، ورحيمة حذرة ومُنسقة مسبقاً بعد انبطاح طويلٍ ومُحبب إن تعلق الأمر بالرد على سلطات الاحتلال في فلسطين المحتلة.

أخطر ما يكون اليوم هو القبول بضرب منظمة التحرير والغدر بالقضية الفلسطينية وإبادة غزة والضفة الغربية، وكم هو موجع الإصرار العربي على تجاهل حقيقة ملالي إيران وخطورة نواياهم في الوقت الذي لم تعد هناك حقيقةٌ غائبة عن العرب ولم ينكرها الملالي قبل وبعد طوفان الأقصى وما نتج "عنها" من كوارث ومستجدات سياسية بالمنطقة انتهت اليوم بدمار غزة والدخول في إبادة الضفة وإعادة السيطرة عليها لإضاعة الحق الفلسطيني وإعادة هيكلة قيادة حماس بالشكل الملبي لمصالح نظام الملالي وواجباتهم تجاه من وضعهم على سدة الحكم في إيران، وما يدريكم فقد تصبح حماس غدا هي السلطة الفلسطينية لترث ما حققه أبوعمار رحمة الله عليه، وأياً كان الرئيس في إيران فالكل سواء والكل يخرج من عباءة خامنئي وحرسه بما في ذلك هذا الجديد الذي جاء ليداعب المنطقة والعالم من جديد عله يأتي بشيءٍ مما أتى به خاتمي في زمانه.

لم يخفي نظام الملالي نواياه تجاه المنطقة العربية، وعليه فلا خير يُرجى من هذا النظام، وجميع أفراده فراخ  تفقس تحت عباءة واحدة، ودُمى تُدار من لدن مهرج واحد، وفي حالٍ كحال العرب هذا يجب أن يوجبوا المواجهة على الصمت والبكاء، وألا يتفرجوا على معاناة الآخر، ويقفوا دون أدنى مبالاة أمام نضال الشعب الإيراني الذي يريد التحرر من الملالي الطغاة علماً بأننا وتاريخنا ومصائرنا ومقدساتنا اليوم رهائن بيد الملالي ومشاريعهم التوسعية، وفي سقوط الملالي خلاصاً ونجاةً للعرب.

د. محمد الموسوي/ كاتب عراقي