ضياء قدور يكتب لـ(اليوم الثامن):
أزمة الغاز الوشيكة في إيران وتأثيراتها على البتروكيماويات
مع اقتراب الأشهر الباردة، تنتقل إيران من أزمة الكهرباء في الصيف إلى أزمة الغاز الشتوية التي تلوح في الأفق. أصدرت غرفة التجارة الإيرانية تحذيراً صارخاً بشأن التأثير الشديد الذي قد يحدثه نقص الغاز على صناعة البتروكيماويات في البلاد.
القدرة غير المستخدمة والخسائر الاقتصادية
ووفقاً لتقرير صادر عن مركز الأبحاث التابع لغرفة التجارة الإيرانية، لا يزال جزء كبير من قدرة إيران على البتروكيماويات غير مستخدم، حيث لا يزال ما يقرب من 20% منها خاملاً. ومن المثير للقلق أن ما يزيد عن 62% من هذه القدرة غير المستخدمة يُعزى بشكل مباشر إلى نقص إمدادات الغاز.
وسلطت الغرفة التجارية الضوء على الخسائر الاقتصادية الكبيرة الناجمة عن هذا النقص. في كل عام، يتم ترك ما يقرب من 15 مليون طن من المنتجات البتروكيماوية دون إنتاج بسبب عدم كفاية إمدادات الغاز. ويقدر التقرير أن هذا يؤدي إلى خسارة ما يقرب من 500 مليون دولار من الإيرادات المحتملة من بيع الغاز لشركات البتروكيماويات بأسعار أعلى. بالإضافة إلى ذلك، تقدر الأرباح المفقودة لوحدات البتروكيماويات بنحو 200 مليون دولار، في حين يصل الانخفاض في صادرات البتروكيماويات إلى حوالي مليار دولار، وهي نتيجة مثيرة للقلق للعجز المستمر في الغاز.
وضع متدهور
تعكس الإحصائيات المقدمة من غرفة التجارة في المقام الأول أداء العامين 2021 و2022. إلا أن الأرقام الرسمية الصادرة عن الجمارك الإيرانية تشير إلى أن الوضع تفاقم في عام 2023. ففي العام الماضي، صدرت إيران ما يقرب من 49 مليون طن من السلع البتروكيماوية بقيمة 19.4 مليار دولار. ويمثل هذا انخفاضًا بنسبة 11% في الحجم و29% في القيمة مقارنة بالسنوات السابقة.
الإمكانات المهدرة لموارد الغاز الإيرانية
كما لفتت الغرفة التجارية الانتباه إلى الكمية الكبيرة من الغاز المهدر أثناء الإنتاج. وتقول إنه لو اتخذت الحكومة إجراءات لمنع هذا الهدر، لكان من الممكن إعادة توجيه الغاز لتلبية احتياجات صناعة البتروكيماويات.
وبحسب آخر إحصائيات البنك الدولي، فقد أحرقت إيران وأهدرت أكثر من 21 مليار متر مكعب من الغاز العام الماضي بسبب نقص المعدات اللازمة لالتقاط الغاز المنتج من حقول النفط. وتقدر قيمة هذا الغاز المهدور بأكثر من 6 مليارات دولار.
علاوة على ذلك، تكشف بيانات وكالة الطاقة الدولية أن ما يقرب من 8 مليارات متر مكعب من الغاز المنتج في إيران يتم فقدانه سنويًا خلال مراحل التكرير والنقل. ولوضع ذلك في الاعتبار، فإن هذه الخسائر تتجاوز إجمالي استهلاك الغاز لقطاع البتروكيماويات بأكمله. كما تعادل خسائر الغاز الإيرانية ضعف استهلاك الغاز في قطاع الصلب، وأربعة أضعاف استهلاك قطاع الأسمنت، وثلاثة أضعاف استهلاك قطاع النقل.
أزمة متنامية
وتعاني الصناعات الإيرانية بالفعل من نقص حاد في الطاقة. خلال فصل الصيف، تعاني البلاد من عجز كبير في الكهرباء، مما أجبر الحكومة على خفض إمدادات الكهرباء للصناعات بمقدار النصف. وفي فصل الشتاء، يكون الوضع سيئًا بنفس القدر، حيث يؤدي النقص الحاد في الغاز إلى فرض قيود على توصيل الغاز إلى القطاعات الصناعية.
إن الأزمة الحالية ليست سوى مقدمة لمشكلة أكبر بكثير. وتتوقع تقديرات غرفة التجارة الإيرانية، وصندوق التنمية الوطنية، ومركز أبحاث البرلمان زيادة حادة في العجز في الغاز في البلاد في السنوات المقبلة. وبحلول عام 2041، من المتوقع أن يكون النظام غير قادر على تلبية ثلثي الطلب على الغاز في البلاد، مما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة بشكل أكبر.