مصطفى النعيمي يكتب لـ(اليوم الثامن):

استقالة رئيس البورصة الإيرانية: كشف الستار عن فضيحة القروض المثيرة للجدل

برز جدل مالي كبير في قطاع سوق الأوراق المالية الإيراني، بعد الكشف عن قروض منخفضة الفائدة بملايين الدولارات مُنحت لكبار المسؤولين في هيئة بورصة طهران. وفقًا للتقارير، بما في ذلك من موقع انتخاب الإخباري التابع للدولة، تم توزيع قروض يبلغ مجموعها أكثر من 10.5 مليار تومان (حوالي 177 ألف دولار) على خمسة أعضاء من مجلس إدارة المنظمة بمعدل فائدة منخفض للغاية يبلغ 4٪، مع تمديد فترة السداد لأكثر من عشر سنوات. وقد تم سحب هذه القروض من الموارد الداخلية للمنظمة، مما أثار غضب الجمهور، خاصة في ظل الصراعات الاقتصادية الأوسع التي تعيشها البلاد.

وتم الإعلان عن القروض في البداية في رسالة وجهتها هيئة التفتيش الوطني التابعة للنظام إلى وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي. وكشف أن قرار الموافقة على هذه القروض اتخذ في يوليو الماضي، بعد وقت قصير من وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر. وأثارت موافقة المجلس الأعلى للبورصة والأوراق المالية الدهشة لأنها جاءت خلال فترة انتقالية في القيادة السياسية الإيرانية، التي كان يديرها رئيس مؤقت.

ومن بين المستفيدين من القروض، حصل ماجد عشقي، رئيس هيئة البورصة، على أكبر مبلغ – 2.7 مليار تومان – بينما حصل أربعة أعضاء آخرين في مجلس الإدارة، بمن فيهم نائب رئيس مجلس الإدارة علي رضا ناصر بور، على 1.9 مليار تومان لكل منهم. وتعرض عشقي منذ ذلك الحين لانتقادات لاذعة، خاصة بعد تصريحاته التي دافع فيها عن القروض، ووصفها بأنها قانونية وتتماشى مع السياسات التنظيمية.

وفي مواجهة انتقادات واسعة النطاق، نفى عشقي في البداية هذه الاتهامات خلال مقابلة متلفزة، ووصف التقارير بأنها كاذبة. ومع ذلك، بعد تزايد الضغوط، اعترف بالمدفوعات لكنه بررها بالإشارة إلى "الشروط والقيود الفريدة" التي يواجهها الموظفون ومديرو المنظمة. وأكد أن القروض تمت الموافقة عليها من قبل المجلس الأعلى بناء على ضوابط موحدة.

وقد تفاقم الإحباط بين عامة الناس بسبب السياق الاقتصادي الأوسع، حيث يناضل المواطنون العاديون من أجل تأمين قروض أصغر كثيراً وبأسعار فائدة تتجاوز 20%. وقد أدى هذا التناقض إلى اتهامات بالمحسوبية والفساد، حيث أشار المنتقدون إلى التناقض الصارخ بين الشروط السخية المقدمة لكبار المسؤولين والمتطلبات الصارمة التي يواجهها الإيرانيون العاديون.

وقد أثار هذا الكشف إدانة واسعة النطاق من مختلف الجهات، مما زاد من الخلاف بين الفصائل داخل نظام الملالي. وانتقد الناشط الإعلامي التابع للدولة محمد مهاجري عشقي بشدة، واتهمه بعدم الكفاءة، مدعيًا أن حصوله على مثل هذا القرض كان بمثابة مكافأة على إخفاقاته. وعلق مهاجري قائلاً: "إن القرض والجرأة هما أمران فلكيان"، في حين ردد آخرون هذه الانتقادات، وشبهوا الأمر بـ"البحث عن الريع" و"الاستيلاء على الامتيازات" بشكل صارخ.

وردا على الاستنكار الشعبي، أعلن وزير الاقتصاد همتي أنه أحال الأمر إلى مركز التفتيش التابع للوزارة لمزيد من التحقيق. وتعهد بمعالجة الموضوع، زاعما على منصة التواصل الاجتماعي X (تويتر سابقا)، “لقد جئنا لإلغاء الامتيازات في الحكومة الرابعة عشرة، ولن نسمح لأي شخص بالاستفادة من مثل هذه المزايا الخاصة”.

وواجهت سوق الأسهم، التي تتعرض بالفعل لضغوط بسبب تراجع الأداء بعد وفاة رئيسي، المزيد من عدم الاستقرار حيث هزت هذه الكشوفات ثقة المستثمرين. وانخفض مؤشر سوق الأوراق المالية في طهران مؤخرًا إلى أقل من مليوني وحدة، مما يعكس تزايد حالة عدم اليقين بين المستثمرين.

إن الكشف الأخير عن قروض منخفضة الفائدة لكبار المسؤولين في بورصة طهران ليس حادثاً منعزلاً، بل إنه جزء من نمط أوسع حيث استغل نظام رجال الدين في إيران سوق الأوراق المالية لإثراء قِلة مختارة على حساب المواطنين العاديين. لسنوات، كان النظام ينسق مخططات ضخ وتفريغ نظامية، ويتلاعب بالقيم السوقية لامتصاص الثروة بينما يرى ملايين الإيرانيين مدخراتهم واستثماراتهم تتبخر.

ومع تصور المزيد من الإيرانيين لسوق الأوراق المالية كأداة لنهب الثروة العامة، فإن السخط المتزايد يهدد بالتصاعد، مما يؤدي إلى تضخيم الصدع بين الشعب والدولة التي يقودها الجشع.