ماريا هاشم يكتب لـ(اليوم الثامن):
من الجامعات إلى الشوارع: كيف قاد الطلاب الاحتجاجات في إيران؟
لعب الطلاب في الجامعات والمدارس الثانوية دورًا محوريًا في انتفاضة إيران عام 2022، حيث أثبتوا شجاعة استثنائية في مواجهة النظام القمعي. لم تكن هذه المرة الأولى التي يتصدر فيها الطلاب مشهد الاحتجاجات، إذ كانت الجامعات مرارًا وتكرارًا مراكز لمقاومة النظام منذ تأسيسه. لكن في 2022، برز جيل جديد من الشباب بطموحات واضحة وصمود فريد، مما جعلهم يشكلون رافعة قوية للانتفاضة.
كان النظام الإيراني قد أبدى عداءً قديمًا تجاه الفكر الأكاديمي والمثقفين، حيث عبر قادة مثل الخميني منذ السنوات الأولى للثورة عن ازدرائهم للجامعات والمفكرين. في خطابات تعود لعام 1980، صرح الخميني بأن "المعاناة التي نمر بها سببها المثقفون والقانونيون"، معربًا عن عدم حاجته للعلماء الذين درسوا في الغرب. هذه النظرة العدائية ساهمت في تأجيج الصراع بين الأوساط الأكاديمية والنظام، حيث اعتبرت الجامعات دائمًا تهديدًا للتفكير الحر وحكم الملالي.
رغم هذا العداء، أظهرت الحركة الطلابية مقاومة قوية على مر العقود. من احتجاجات يوليو 1999، إلى الحركة الخضراء عام 2009، واحتجاجات ديسمبر 2017، وصولًا إلى انتفاضة 2022، ظل الطلاب في طليعة الكفاح من أجل الحرية. في تلك الانتفاضة، تحولت الجامعات مثل طهران وشريف إلى مراكز للاحتجاجات والإضرابات، بينما حوّلت الطالبات في المدارس الثانوية الفصول الدراسية إلى ساحات للاحتجاج، في تحدٍ واضح للنظام.
كان رد فعل النظام عنيفًا، حيث استهدفت السلطات الطلاب بالاعتقالات والفصل من الجامعات، إضافة إلى استخدام وسائل قمعية أخرى مثل الهجمات بالسموم التي استهدفت المدارس. وبحلول أبريل 2023، انتشرت هذه الهجمات لتشمل مئات المدارس، ما أثار قلقًا واسعًا بشأن تورط النظام. علاوة على ذلك، تم تنفيذ حملة تطهير شملت فصل عشرات الأساتذة والأكاديميين، في محاولة للحد من نفوذ الحركة الطلابية.
رغم كل هذه التحديات، أثبت الطلاب أن روح المقاومة لا تزال حيّة، كما تجلت في أمثلة مثل آيلار حقي ومهرشاد شهيدي ونيكا شاكرمي، الذين فقدوا حياتهم في سبيل تحقيق الحرية. الجيل الجديد من الشباب الإيراني بات أكثر تصميمًا على تحقيق التغيير، وهو ما يبشر بمستقبل مليء بالتحديات للنظام، في ظل تمسكهم بحلم الحرية والعدالة.