ماريا هاشم يكتب لـ(اليوم الثامن):

عواقب وخيمة: كيف تؤثر تصريحات بزشکیان على استقرار النظام الإيراني؟

 أدت زيارة بزشکیان إلى نيويورك وتصريحاته خلال هذه الزيارة إلى حدوث اضطراب كبير في النظام، وأثارت موجة ثقيلة من الهجمات الإعلامية والسياسية ضده وضد المرافقين له. كتب الحرسي شريعتمداري، ممثل خامنئي في صحيفة “كيهان” (23 سبتمبر)، تحت عنوان “السيد بزشکیان، احذر من هذه المؤامرة!” حيث هاجم بزشکیان نفسه في إطار الهجوم على محيطه، قائلاً: “في زيارته إلى أمريكا، ما هي المؤامرة الخبيثة التي يخطط لها الطيف السيئ السمعة ضد الدكتور بزشکیان، والذي يدعوه إلى العداء لإيران والإسلام والخضوع للذل أمام أمريكا؟”

وفي العدد التالي من الصحيفة الصادر يوم (24 سبتمبر)، هاجم شريعتمداري تصريحات بزشکیان خلال زيارته إلى نيويورك تحت عنوان “تصريحات غير مدروسة”. وقد طرح احتمالات مختلفة حول أسباب تلك التصريحات، مشيراً إلى “عجزه عن التعبير عن رأيه وما يقصده”، مضيفاً: “يمكن اعتبار هذا الضعف نتيجة قلة معرفة السيد بزشکیان بمجال السياسة ومتطلباتها.”

وأخيراً، اعتبر شريعتمداري أن “وجود المستشارين المنبهرين بالغرب وأحياناً ذوي السجل السيئ والممنوعين أمنياً بجانب الرئيس” هو السبب الرئيسي، وطالب بزشکیان باستبعاد هؤلاء المستشارين و”الفاعلين في الفتنة 2009″ و”الداعمين للاحتجاجات في خريف 2022″ من المناصب الحساسة.

موقع “مشرق” (24 سبتمبر) التابع لجهاز استخبارات الحرس، اتخذ خطوة أبعد من إقالة المحيطين ببزشکیان، ووجه رسائل تهديدية له تحت عنوان “كشف النقاب عن ثلاث طبقات من العمليات الاستخباراتية لخلق الفوضى في طهران!”، مهدداً بزشکیان تحت غطاء مؤامرات الأعداء. ثم ذكر مصير أول رئيس جمهورية خميني، حيث كتب: “بدأ مشروع تحويل بزشکیان إلى بني صدر بخط غامض في قناة تلجرام بعد فوزه في الانتخابات، وقد تقدمت تلك التيارات المتصلة بالجانب السيبراني للمنافقين. في هذه الخطوة، من المقرر أن تشتعل الأجواء ضد الحكومة بحيث لا يستطيع بزشکیان رؤية الثلوج الشتوية في المكتب الرئاسي (باستور). إن مصير بني صدر هو درس يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار.”

يعتبر موقع استخبارات الحرس أن طريق العودة أمام بزشکیان مغلق، ويضيف: “يبدو أنه تم نصب فخ لرئيس الجمهورية مسبقًا، وتم تصميم عملية نفسية تعتمد على احتمال الأخطاء اللفظية لمسعود بزشکیان، والتي سقط فيها الرئيس بسهولة، وتم غلق طريق الهروب منه بواسطة أخطاء متكررة.”

جريدة “جوان” الناطقة باسم الحرس، التي كانت تدعم بزشکیان حتى الآن، استهدفته في مقال (في 24 سبتمبر) تحت عنوان “زيارة ضعيفة”، حيث سخرت منه بعبارة “إنه يفتقر بوضوح إلى المهارات الخاصة في الخطابة السياسية”. ثم وجهت حملتها الرئيسية نحو محيطه وعراقجي، وكتبت: “لقد عمل فريق الاتفاق النووي في نيويورك بشكل ضعيف للغاية… أولئك الذين يقفون لسنوات خلف جدار الغرب ومخلوقة تُدعى ‘الاتفاق النووي’، والذين يقولون الآن ‘سنبقى بضعة أيام أخرى في نيويورك’ لإيحاء أن هناك شيئًا ما؛ يجب عليهم تحمل مسؤولية هذا الضعف الواضح.”

يختتم المقال بالتذكير لبزشکیان وللذين علقوا آمالهم عليه: “إن المبادئ الكبرى للسياسة الخارجية للبلاد تتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية.”

على الرغم من اعتراف أصحاب القرار في النظام بهذه الحقيقة أن بزشکیان لا يملك أي صلاحيات خاصة في السياسة الخارجية وأن الأطراف الخارجية لا تأخذ كلماته على محمل الجد، إلا أن وضع النظام في حالة أزمة يجعل حتى هذه الكلمات الفارغة وغير القيمة لبزشکیان تخل بتوازن المتخوفين من النظام، وتوجه إليهم تهديدات بأنه قد “لا يستطيع البقاء في رئاسة الجمهورية حتى الشتاء”!