ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):
عام على طوفان الاقصى.... بين الابادة والخذلان
شعب الجبارين كما قال عنه ابي عمار, إنها المرة الاولى في التاريخ التي تجابه فيها مجموعة صغيرة العدد قليلة العتاد, تقيم على رقعة بسيطة من الارض لا تتعدى 360 كيلومترا مربعا, محاصرة منذ ما يقارب العقدين من الزمن قوة اقليمية مدججة بمختلف انواع الاسلحة,تساعدها في ذلك اعتى القوى الدولية, امريكا والغرب الاستعماري, المجابهة تجاوزت العام ,استخدم فيها الصهاينة مختلف انواع الاسلحة ونفذوا بكل اجزاء القطاع جرائم بشعة بحق المدنيين وقاموا بتدمير كل ما طالته وسائطهم الحربية من "اماكن العبادة والاستشفاء وسيارات الاسعاف واماكن الايواء المخصصة من قبل الامم المتحدة" المحرمة وفق القانون الدولي, واستهداف الاعلاميين الذين ينقلون همجية العدو ومن والاه, الخبر اليقين عن مدى انعدام الانسانية لدى هؤلاء الغجر, الذين لا يعترفون بحقوق المدنيين اثناء الحروب واحترام اماكن العبادة ومقار الخدمات الانسانية, انها الابادة الجماعية لشعب يعيش منذ الاف السنين فوق هذه الرقعة من العالم قبل الوعد(بلفور) المشؤوم, ومنح الارض لشعب ضربت عليه الذلة والمسكنة والتيه.
تكشف لنا خلال العام الماضي مدى زيف الشعارات التي يرفعها الغرب الاستعماري وزعيمته امريكا,على مدى عقود من الزمن, المتمثلة في حق الانسان في العيش فوق ارضه بعزة وكرامة وتقرير مصيره واختيار معتقده الذي يريد ونهجه السياسي الذي يحقق له سبل العيش الكريم, لقد اصيب الشعب الفلسطيني بالخذلان من قبل المجتمع الدولي وبالأخص من بني جلدته من عرب ومسلمين ولم يقدم هؤلاء أي نوع من المساعدات الانسانية, فما يسمى بدول الطوق, تتجاهل عن قصد ما يحدث في القطاع والضفة وكأني بحكامها يباركون افعال الصهاينة الاجرامية, فلم يبادروا الى ما عهدناهم عليه من شجب واستنكار وتنديد(التي لا تسمن ولا تغني من جوع), بينما سارعت بعض الدول الحرة الى رفع قضايا ضد الاعمال الاجرامية واعتبارها جرائم ابادة ونخص منها جنوب افريقيا التي ذاق ابناءها ويلات الاستعمار.
ان قيام العدو على مدى سبعة عقود بتكوين مستوطنات بالضفة وتهويد القدس, يعتبر خرقا سافرا للقانون الدولي(قرار التقسيم), لكن ذاك الخرق كان يمهد للاستيلاء على الضفة واعتبارها جزءا لا يتجزأ من ارض الصهاينة, وأن شعار الارض مقابل السلام لم يكن سوى لربح الوقت او بالأحرى اعطاء الصهاينة الوقت الكافي لإنشاء المستوطنات وتجهيز العدة للانقضاض على المقاومة الفلسطينية ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية.
ان ما يقوم به الفلسطينيون رغم قلة الامكانيات, من اعمال بطولية (المسافة صفر) التي ابهرت العالم, يدل على يقين المقاومين التام بان ما اخذ بالقوة لن يسترد بغير القوة, وتقديمهم لآلاف الشهداء, حيث تجاوز عددهم الاربعون الفا, بينما الجرحى تخطى عددهم المائة الف, تدل على ايمانهم المطلق بحتمية النصر وان الدماء الطاهرة ستعبد الطريق لاسترجاع ارضهم السليبة من ايدي الصهاينة شذاذ الافاق واقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة.
عما قريب سيسقط زيف حق الكيان في الدفاع عن نفسه, لان الارض التي يقف عليها ليست له بل مغصوبة, سيذهب الصهاينة الى اماكنهم الاصلية التي اتوا منها, غزاة قتلة مجرمين.
أيا تكن التضحيات البشرية والمادية فان السابع من اكتوبر 2023م اعاد الروح للقضية الفلسطينية بعد ان حاول الغرب والمتصهيون العرب وادها وشاهدنا التحركات العفوية لشعوب اوروبا والبلدان الاخرى من خلال التجمهرات الضخمة تندد بجرائم الابادة الجماعية في القطاع والضفة, كما انه يمثل نقطة تحول رئيسية لإعادة هيكلة العالم عالم متعدد الاقطاب وسقوط البعبع الأميركي الذي تربع على عرش الكرة الارضية لما يقرب من الاربعة عقود.