ماريا هاشم يكتب لـ(اليوم الثامن):

الرهانات الإيرانية على البقاء: استراتيجية النظام في مواجهة الخطر المتصاعد

أعلنت لجنة الأبحاث الدفاعية والاستراتيجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في بيان صدر بتاريخ 14 اكتوبر، بشأن “أمر خامنئي باستكمال وتسريع إنتاج السلاح النووي لضمان بقاء النظام”، قائلة:  مع تولي بزشكيان السلطة، أصدر خامنئي أوامر للحرس باستكمال وتسريع مشروع صناعة القنبلة الذرية. التمهيدات في مجلس الشورى الإسلامي والعروض التي تُقام في منابر الجمعة وتصريحات الخبراء ومسؤولي الجناح المهيمن على النظام، كلها تأتي في هذا السياق”.
ومن بين “التمهيدات” التي أشارت إليها لجنة الأبحاث الدفاعية والاستراتيجية:
– تصريحات حسن خميني التي شدد فيها على أن “قدرتنا العسكرية الرادعة يجب أن ترتقي إلى مستوى أعلى” (5 اكتوبر).
– رسالة 39 نائباً في مجلس شورى النظام بتاريخ 9 اكتوبر، التي طلبت من المجلس الأعلى للأمن القومي للنظام “تغيير العقيدة الدفاعية” للنظام وإدراج السلاح النووي فيها.
– مقابلة خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية للنظام، مع قناة الجزيرة حيث قال: “في حال تعرضت المنشآت النووية الإيرانية لضرر من قبل الكيان الصهيوني… سنضطر إلى تغيير عقيدتنا النووية” (11 أكتوبر).
– بالإضافة إلى عشرات التصريحات والمواقف المماثلة الأخرى التي جاءت في فترة زمنية محددة، مما يظهر أنها ليست عشوائية أو فردية، بل هي توجيهات صادرة من أعلى هرم القيادة.
المقاومة الإيرانية كانت أول من كشف برنامج خامنئي لتصنيع القنبلة النووية قبل ثلاثة عقود. في ذلك الوقت، أقر جورج بوش، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق، قائلاً: “بسبب كشف جماعة المقاومة الإيرانية، بدأ العالم يشتبه في البرنامج النووي للنظام الإيراني”.
وبحسب تقرير بي بي سي في 6ديسمبر 2003: “قال المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران كانت تجري العديد من التجارب. على سبيل المثال، تمكنت من الحصول على أقل من غرام واحد من البلوتونيوم، واستخدمت عدة أجهزة طرد مركزي. بالنسبة للمفتشين، لم يكن من السهل اكتشاف هذه التجارب بدون معلومات سابقة، حيث إن إيران بلد كبير جداً، ومهما كانت عمليات التفتيش دقيقة، لم يكن من الممكن بالضرورة اكتشاف هذه الأنشطة. كنا بحاجة إلى معلومات، وفي النهاية حصلنا على هذه المعلومات من مجموعة معارضة إيرانية، زودتنا على سبيل المثال بمعلومات عن منشآت نطنز وأراك. منذ أغسطس، تابعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذه المعلومات خطوة بخطوة، وطلبت من إيران تفسيرات عن نتائجها، واكتشفت جزءًا جزءًا من هذا اللغز”.
لاحقاً، قال هاينونن، نائب المدير العام السابق للوكالة: “كشْف المقاومة الإيرانية عن البرنامج النووي فجأة غيّر كل شيء وصدمنا جميعاً” فيما يتعلق بنيات النظام الإيراني (ديسمبر 2023).
عندما كان أحمدي نجاد رئيساً للنظام، كان يقول: “نشر مجاهدو خلق تقارير (عن البرنامج النووي) وأثاروا حساسية، ومن ثم صدرت القرارات (ضد النظام) الواحدة تلو الأخرى!”
ان كشف “أمر خامنئي” من قبل المقاومة الإيرانية والتمهيدات المرتبطة بذلك يظهر إلى أي مدى يرى الخليفة المتخبط أن وضع النظام بات حرجاً ويخشى من الهزيمة الاستراتيجية القادمة.
إنه نفس الوضع الخطير الذي اعترف به مستشار قالیباف في التلفزيون الحكومي، معبراً عن “القلق”، حيث قال: “لقد دخلنا فترة مليئة بالتوتر، ودخلنا فترة من المحتمل أن تشهد فيها المزيد من الأحداث المفاجئة في المستقبل” (مهدي محمدي – 12 اكتوبر).
السؤال المطروح الآن هو: هل محاولات ضمان البقاء والتهديدات العلنية بشأن “العقيدة النووية” تفيد نظاماً يتخبط في مستنقع الهزيمة؟ الجواب يأتي من داخل النظام نفسه. من بين هؤلاء زيد آبادي، أحد الإصلاحيين التابعين لنظام ولاية الفقيه، الذي كتب في حسابه على منصة إكس، بقلق وخوف شديدين، مخاطباً 39 نائباً في مجلس شورى النظام الذين طالبوا بتغيير العقيدة الدفاعية وصناعة سلاح نووي:
“الحديث عن تغيير العقيدة النووية لا يجلب أدنى مستوى من الردع، بل مجرد طرح هذه القضية في هذا الوضع هو نوع من الدعوة لشن هجوم عسكري على البلاد من قبل تحالف عسكري قوي ومجهز. هل هذا ما يريدونه؟” (10 اكتوبر).