منى أحمد تكتب لـ(اليوم الثامن):

الإرهاب مكوّن سياسي وتحديات الأمن والسلام في الألفية الثالثة

باريس

في السياق الدولي الحالي، تلتزم الدول بالقوانين والمعاهدات التي تمنع دعم أو الاعتراف بأي جماعات تتبنى العنف والإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافها السياسية. هذه القوانين تهدف إلى حماية السيادة الوطنية وضمان استقرار الدول وأمن مواطنيها. وبالتالي، لا يمكن للدول أن تتعامل مع كيانات إرهابية أو مسلحة خارج إطار الشرعية القانونية، حيث إن هذه الجماعات تخرق مبدأ الدولة الحديثة القائمة على حكم القانون والمساواة بين الأفراد.

من هذا المنطلق، يتعين على الدولة تعزيز خطاب وطني جامع يشكل المرجعية الوحيدة التي توحد كافة أطياف المجتمع تحت مظلة واحدة. يجب أن يكون هذا الخطاب مبنيًا على قيم المواطنة والمساواة والولاء للوطن، بعيدًا عن التطرف أو الأيديولوجيات التي تهدف إلى تقسيم المجتمع. التصدي لأي تحركات إرهابية أو محاولات لزعزعة الأمن، بغض النظر عن المسميات أو المبررات التي تروجها هذه الجماعات، يُعد ضرورة ملحة لضمان أمن المجتمع وسلامته.

إن الجماعات التي تدعي أنها تعمل من أجل قضايا عادلة بينما تستخدم العنف والإرهاب كوسيلة لتحقيق مصالح ضيقة، غالبًا ما تعتمد على تضليل الشعوب بخطاب ديني مشوه، يفتقر إلى الأسس الحقيقية للدين ويسعى فقط لتبرير العنف والكراهية. في العديد من الدول، ساهمت المناهج التعليمية التي روجت لأفكار متطرفة تحت مسمى الدين في دعم هذه الجماعات ومنحها غطاءً شرعيًا زائفًا.

لهذا، على الدولة أن تتخذ موقفًا صارمًا ضد هذه الجماعات وتكون قدوة لشعبها في ترسيخ القيم الوطنية وتعزيز التسامح والتعايش. كما يجب مراجعة المناهج التعليمية لضمان أنها لا تساهم في نشر الأفكار المتطرفة أو تعزيز خطاب الكراهية وتعزيز مفهوم الجهاد في سبيل سلامة الوطن بعيداً عن الأفكار المتطرفة إللا دينية و من منطلق ديني و عقائدي صحيح يفسره الكتاب مباشرةً وليس إرث إسلام سياسي مغلوط و منقول . الدولة التي تعتمد على خطاب وطني جامع، يمكنها توجيه بوصلة شعبها نحو مجتمع مستقر وآمن يقف ضد الإرهاب ويعزز التعايش السلمي.

في الوقت ذاته، يجب أن تكون كل جماعة أو حركة سياسية خاضعة للقانون، وتعمل ضمن إطار شرعي. إذا رغبت أي جماعة في المشاركة في الحياة السياسية، يجب عليها التخلي عن العنف والتحول إلى حزب سياسي مشروع يعلن عن أهدافه بوضوح. غالبًا ما تحاول الجماعات المتطرفة استغلال الدين لتبرير أفعالها، لكن هذا لا يبرر وجودها خارج إطار القانون. الدين، الذي يمثل قاسمًا مشتركًا لمعظم البشر، يجب أن يكون جزءًا من الحوار السياسي المدني السلمي الذي يقبل بالتعددية، لا أداة لتبرير الإرهاب.

تتجلى هذه الإشكالية في دول مثل فلسطين مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة وترفض الاعتراف بالسلطة الفلسطينية، أو الحوثيين في اليمن الذين انقلبوا على الحكومة الشرعية، مما أدى إلى حرب مدمرة. حزب الله في لبنان يمتلك نفوذًا يتجاوز سلطة الدولة نفسها، مما يصعّب فرض سيادة الدولة بشكل كامل. وفي العراق، هناك جماعات مسلحة مثل الحشد الشعبي ومقتدى الصدر التي تعمل خارج إطار الحكومة المركزية، وتفرض أجنداتها بالقوة.

تحت مظلة القانون الدولي، التعامل مع هذه الجماعات يجب أن يكون صارمًا. على المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فرض قوانين تمنع شرعنة الإرهاب وتجريمه. لا يمكن السماح لجماعات مسلحة بأن تشارك في الحياة السياسية كأحزاب شرعية، لأن ذلك يفتح الباب أمام العنف والفوضى ويعطل بناء الدولة القائمة على سيادة القانون وحقوق الإنسان.

إن مهمة المجتمع الدولي لا تقتصر على فرض العقوبات على هذه الجماعات فقط، بل يجب أن تشمل أيضًا تفعيل القوانين والقرارات التي تمنع تمويل الإرهاب وتجرّمه. هل يمكن بناء سلام واستقرار حقيقيين في أي دولة إذا تم السماح لجماعات (صنفت بجماعات ارهابية) بالمشاركة في سياسة الدولة ؟!!

الطريق إلى التعايش السلمي يمر عبر احترام الدولة والقانون ويكون فيها الولاء للوطن ، وفرض المساواة بين الجميع، دون السماح لأي طرف بفرض إرادته بالقوة .

منى احمد