سمير داود حنوش يكتب:

من لبنان إلى العراق.. لماذا حروبهم بالنيابة؟

كل المؤشرات والوقائع تقودنا إلى حقيقة مفادها أن إسرائيل ستظل شهيتها للحرب مفتوحة طالما ظلت المساحة الزمنية متاحة إلى حين أداء الرئيس الأميركي الجديد اليمين رسميًا في كانون الثاني – يناير في حفل يُعرف باسم حفل التنصيب، يقام على درجات مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن. وسواء فاز الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب أو نائبة الرئيس الحالية الديمقراطية كامالا هاريس، وربما شخصية ثالثة تدخل على خط الترشيح، فإن متعلقات الحرب والسلم في المنطقة ستظل مُشرّعة الأبواب، خصوصًا بعد أن أثبتت الإدارة الأميركية الحالية أنها أضعف إدارة جلست في البيت الأبيض. والغريب أن تلك الإدارة تمنح إسرائيل المال والسلاح من جهة، وتحاول أن تقف على رأي يقضي بعدم توسع الحرب من جهة أخرى. لذلك يدرك بنيامين نتنياهو أن توحش الحرب والمغامرة بات يغري سلطة الاحتلال دون توقف حتى بداية 2025، وتوقعات أن تقوم إسرائيل بفتح جبهة جديدة على الجولان قريبًا حسب ما يراه حسين مؤنس، عضو كتائب حزب الله في البرلمان العراقي.

إسرائيل وصل بها الجموح والاستهتار إلى أن صواريخها ونيرانها طالت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) لإخراج هذه القوات من جنوب لبنان. ويقال إن إسرائيل تسعى لتغيير، أو استبدال، جنسية هذه القوات إلى صديقة وحليفة لها كالهند مثلًا.

ما يهمّنا هو المأزق الذي يُراد للعراق توريطه في حرب غير متكافئة لن يستطيع تحمل تكاليفها بعد أن انعكس عليه الانقسام في دائرة صُنّاع القرار في إيران نفسها، بين من يرغب في ألّا يُجرّ العراق إلى النار، وأن يبقى الحديقة الخلفية للاقتصاد الإيراني المنهار، وبابًا خلفيًا للتفاوض السري مع الأطراف الأخرى، وبين من يرى الاستفادة من الساحة العراقية، خصوصًا وأن إيران أمام لحظة مصيرية بعد أن فقدت خطوطها الدفاعية في مواجهة إسرائيل مثل حماس وحزب الله وتحتاج إلى من يشاغل الإسرائيليين لبعض الوقت ريثما تنتهي من برنامجها النووي.

أحداث المنطقة بدأت تقترب من الحدود العراقية، قد يصعب تخيل السيناريو القادم لهذا البلد الذي ليس عليه إلا الانتظار ولا غيره

صورة للموقف العراقي قد تفقده حتى العصا التي كان يمسكها من الوسط. إيران التي بدأت تستخدم كل أوراق الضغط حتى لو كان من بينها التفاوض سرًا “لتحجيم أو تخفيف” الضربة الإسرائيلية المتوقعة على منشآتها ومواقعها، من خلال زيارة وزير خارجيتها عباس عراقجي إلى دول المنطقة.

هل هناك سيناريو يجري الإعداد له بتغاض أميركي يهدف إلى مآرب أخرى ويفضي إلى افتتاح مكاتب لحماس والحوثيين وحزب العمال الكردستاني PKK في العراق، وربما السماح لحزب الله اللبناني بالتواجد على الأراضي العراقية لتكون بديلاً بعيدًا عن حدود المواجهة مع إسرائيل؟ حقيقةً الأمر معقّد ويحتاج الدخول إلى غُرف السياسة المظلمة لتبيان الحقيقة التي بالتأكيد ستنجلي وتنكشف في الأيام الأولى لحاكم البيت الأبيض الجديد.

العراق هو الحلقة الأضعف في المواجهة بين إسرائيل وطهران التي حاولت أن ترسل رسالة تحذيرية للعراقيين بأن الردّ الإيراني قد يشمل الأراضي العراقية فيما إذا استُخدمت القواعد الأميركية منطلقًا للردّ الإسرائيلي الذي تجوب طائراته الأجواء العراقية دون رادع.

ما يبدو عليه المشهد العراقي هو الترقب والانتظار وتأهب أميركي مساند لإسرائيل، خصوصًا بعد حديث عن تشغيل أميركا منظومة “سي – رام” في قاعدة عين الأسد الواقعة في الأنبار. تحاول الحكومة العراقية التبرؤ من تصريحات الفصائل المسلحة أو حتى أفعالها عن طريق مستشاريها الذين يؤكدون أن قرار الحرب والسلم هو قرار حكومي، وأن من يريد الحرب عليه ألّا يجازف بمصير الوطن والمواطن. لكن هل ذلك التبرؤ يكفي للحيلولة دون وقوع العراق في شِراك الحرب؟

أحداث المنطقة بدأت تقترب من الحدود العراقية، قد يصعب تخيل السيناريو القادم لهذا البلد الذي ليس عليه إلا الانتظار ولا غيره.