ماريا هاشم يكتب لـ(اليوم الثامن):
خامنئي على حافة الهاوية: حربٌ خارجية لإخماد انتفاضة داخلية؟
مع وصول نيران الحرب إلى عباءة خامنئي، وفي محاولة لتدارك الموقف، يقوم عراقجي بجولة في دول المنطقة. وفي هذا السياق، كتبت صحيفة “هم ميهن” في عددها الصادر بتاريخ 21 أكتوبر: “الحرب سُم… من السهل جدًا الجلوس في غرفة مغلقة وتخيل أننا نسير نحو خطة كبرى وحرب شاملة، ويمكننا تسمية ذلك بنظرية المقاومة. لكن في الواقع، الضحايا هم الناس العاديون الذين يُقتلون في الحرب…”.
هذا الإعلام الرسمي تجاهل أن إمامهم الملعون، خميني، اعتبر الحرب اللاإنسانية “نعمة” ووصف السلام بأنه “دفن للإسلام”. وعندما أجبرته المقاومة الإيرانية على قبول “وقف إطلاق النار” بفضل سياسة السلام التي انتهجتها، وصف ذلك بأنه “كأس سم” أشد وطأة من الموت.
والأمر الأكثر لفتًا للنظر هو ما جاء في صحيفة “جمهوري إسلامي” الرسمية في عددها الصادر بتاريخ 20 أكتوبر، حيث كتبت: “أحد أخطر المفاهيم التي تُروج في بلادنا هو أن الترحيب بالحرب يمثل الشجاعة، بينما يُنظر إلى محاولات تجنبها على أنها نوع من الخوف. لا ينبغي أن يكون هناك شك في أن الحرب شر، ويجب على الجميع السعي لتجنبها. في هذا المناخ العاطفي، حيث يدق البعض طبول الحرب، فإن السعي لتحقيق السلام ومحاولة منع الحرب هو بحد ذاته شجاعة”.
في الأسبوع الماضي، ظهرت عشرات السرديات على شاشة التلفزيون الحكومي ووسائل الإعلام الرسمية، تعكس اليأس والخوف من عواقب إشعال الحرب. أئمة الجمعة المكلفون من قبل خامنئي، والذين اعتادوا رفع معنويات الناس الخائفين، أظهروا في الواقع جوًا من الخوف واليأس. على سبيل المثال، قال الملا مختاري في بيرجند: “يقولون: سيدي، إسرائيل وفلسطين في قتال، فما علاقتنا بهما؟ ما علاقتنا بفلسطين؟ وما علاقتنا باليمن وسوريا والعراق؟ دعونا نهتم بأنفسنا! يجب أن ننفق الأموال التي نصرفها هناك على أنفسنا. لو أنفقنا هذه الأموال هنا، لحدث كذا وكذا. ما علاقتنا بصراعاتهم؟!”
أما علي لاريجاني، رئيس البرلمان ورئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التابعة لخامنئي السابقين والمستشار الحالي، فقد حاول الرد على أسئلة المتخوفين، قائلاً: “يتساءل البعض لماذا دعمت إيران المقاومة، مما أدى إلى هذا العداء مع إسرائيل… وكما ذكرتُ، فإن الأمر يتعلق بأمننا القومي ومصالحنا الوطنية” (تلفزيون النظام، 20 أكتوبر).
كلمات لاريجاني تكررت بنفس المنطق على لسان حسين شريعتمداري، نائب خامنئي في صحيفة كيهان، حيث قال رداً على السؤال: “كثير من الناس يتساءلون لماذا نقود البلاد إلى حافة الحرب؟” فأجاب: “نحن ندفع ثمن أمننا” (تلفزيون النظام، 20 أكتوبر).
الحقيقة أن إشعال الحرب هو ثمن “أمن” النظام، وأن الخليفة المتعطش للدماء يستخدم قضية فلسطين كذريعة لمنع الانتفاضة داخل إيران، وهذا الأمر واضح منذ أكثر من عام. خامنئي كرر مراراً أنه إذا توقف عن إشعال الحروب خارج حدود إيران، فسيتعين عليه مواجهة الانتفاضات الشعبية ومحاربة شباب الانتفاضة ووحدات المقاومة في طهران والمدن الإيرانية الأخرى.
الجديد في الأمر هو موجة الخوف والذعر التي تسود “قوى النظام الأساسية” لولاية خامنئي مع تزايد احتمال الهزيمة الاستراتيجية. في هذا السياق، كتب خبير حكومي في مقال بعنوان “تراجع القوة الوطنية”: “في خضم حرب معقدة، يجب أن نتساءل: هل عززت السياسة الإقليمية المثالية مكانتنا الوطنية أم أضعفتها؟… في أكتوبر الماضي، وبعد هجوم حماس على إسرائيل، ذكرتُ مراراً أن إسرائيل تسعى لتدمير غزة، ثم تتوجه نحو حزب الله في لبنان، وأخيراً إلى إيران. ومع الاغتيالات والتفجيرات التي شهدتها غزة ولبنان، بدأت هذه التوقعات تتحقق، والقلق الآن هو أن نطاق الحرب قد يمتد إلى إيران كما تخطط له إسرائيل” (صحيفة ستاره صبح، 19 أكتوبر).