ماريا هاشم تكتب لـ(اليوم الثامن):
إيران.. غضب شعبي ضد السياسات الاقتصادية المتدهورة
خلال اليومين الماضيين، شهدت عدة مدن إيرانية موجة من الاحتجاجات الحاشدة ضد السياسات الاقتصادية المتعثرة والأوضاع المعيشية المتدهورة. هذه الاحتجاجات تعكس حالة الغضب الشعبي إزاء الفساد الهيكلي وسوء إدارة الحكومة للقضايا الحياتية الأساسية، حيث عبّر المتظاهرون عن إحباطهم المتزايد من الفقر المنتشر وغياب العدالة الاجتماعية.
في 26 و27 أكتوبر، تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في العديد من المدن، حيث تمحورت مطالب المتظاهرين حول تدهور الأوضاع الاقتصادية وفشل المؤسسات الحكومية في تحسين الظروف المعيشية. في أصفهان، نظّم متقاعدو قطاع الصلب احتجاجات غاضبة، ورفعوا شعارات تعبر عن خيبة أملهم من الوعود الحكومية الكاذبة التي لم تتحقق، وسط تراجع مستمر في قدرتهم الشرائية وتأخر دفع رواتبهم ومستحقاتهم المالية.
وفي كرمان، خرج متقاعدو عمال مناجم الفحم في احتجاجات مشابهة، مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية وصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة. أما في زاهدان، فقد تجمع سائقو النقل العام أمام مقر المحافظة محتجين على توقف بطاقات الوقود الخاصة بهم لأكثر من ثلاثة أشهر، مما أدى إلى تفاقم أزمتهم الاقتصادية بسبب البطالة القسرية. وطالب المحتجون الحكومة بالتحرك العاجل لحل هذه المشكلة.
وفي 26 أكتوبر، شهدت عدة مدن أخرى احتجاجات واسعة. في إيلام، احتشد المتقدمون لمشروع "المسكن الوطني" أمام الدوائر الحكومية، مطالبين بتسليم المنازل التي دفعوا لأجلها منذ سنوات، والتي لم يتم استلامها حتى الآن. وفي تبريز، خرج طلاب الجامعة الحرة في مظاهرات غاضبة بسبب الارتفاع الكبير في الرسوم الدراسية، والتي أصبحت تفوق قدرتهم المالية، مطالبين بتخفيض الرسوم أو تقديم تسهيلات عاجلة لتخفيف الأعباء.
تعكس هذه الاحتجاجات غضباً متزايداً من الشعب الإيراني تجاه الفشل الحكومي في معالجة القضايا الاقتصادية. ويشكل الحرس الثوري الإيراني، الذي يُعد من أكبر المؤسسات الاقتصادية في البلاد، عاملاً رئيسياً في تفاقم الأزمة بسبب احتكاره للموارد واستغلاله لمصالح فئة محدودة. الفساد المتجذر في هذه المؤسسات يسهم في تعميق الفقر وتدهور الأوضاع المعيشية.
تواصل الحكومة الإيرانية إنفاق الموارد الوطنية على المغامرات الإقليمية ودعم الميليشيات والنشاطات النووية، بينما تهمل رفاهية الشعب وتحقيق الاستقرار الاجتماعي. هذه السياسات لا تهدد استقرار المنطقة فقط، بل تؤدي إلى تزايد الفقر وترك الخزانة الوطنية فارغة. تأتي الاحتجاجات الأخيرة كرسالة واضحة للنظام الإيراني: الشعب يطالب بالعدالة الاقتصادية وبإنهاء الفساد المؤسسي الذي يهدد مستقبل إيران الاقتصادي.