رولا القط تكتب لـ(اليوم الثامن):

الحوثيون في قلب الصراع الإقليمي والدولي

 تحولات غير عاديه  شهدت منطقة الشرق الأوسط كانت بمثابة مفصل تاريخي في مجريات الأحداث السياسية والعسكرية. من أبرز هذه التحولات هو سقوط بشار الأسد في سوريا، الذي كان يمثل جزءًا أساسيًا من المحور الإيراني في المنطقة. هذا السقوط يعد نقطة مفصلية، خاصة أنه يعني بداية مرحلة جديدة في العلاقات الإقليمية والدولية، حيث بدأت إيران تجد نفسها في مأزق، تبحث عن طرق جديدة للتواصل مع الأنظمة المختلفة لتأمين مصالحها.

في الوقت نفسه، ظهرت على الساحة الحركات المسلحة، وفي مقدمتها جماعة الحوثي في اليمن، والتي تعد واحدة من أخطر الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في المنطقة. الحوثي، الذي كان في البداية مجرد جماعة مناهضة للحكومة اليمنية، أصبح اليوم قوة إقليمية تهدد الاستقرار في المنطقة. دعم إيران للحوثيين جعل من هذا الصراع أحد أبرز صراعات الوكلاء في المنطقة، حيث أصبحت جماعة الحوثي جزءًا من استراتيجية إيران للتوسع في المنطقة وخلق “الطوق شيعي” يمتد من العراق مرورًا بسوريا وصولاً إلى اليمن.

إيران تسعى من خلال تحركاتها الدبلوماسية إلى تأمين علاقات قوية مع الحكومات الجديدة في المنطقة، وهي تكثف جهودها لبناء علاقات استراتيجية مع حكومة العراق وسوريا. في هذا السياق، زار رئيس المخابرات العراقي سوريا، في خطوة تعكس الانفتاح بين البلدين، حيث أجرى لقاءً مع أحمد الشرع في محاولة لتوطيد العلاقة بين دمشق وبغداد. هذه التحركات تأتي في إطار التوجه الإيراني لتوسيع نفوذها في المنطقة، لكن هذا التوسع يعمق في الوقت نفسه المخاوف من أن تصبح إيران محورا رئيسيا في تهديد الاستقرار الإقليمي والعالمي.

في المقابل، فإن الحوثي، الذي يعتبر أحد أذرع إيران في اليمن، يشكل تهديدًا ليس فقط للسلم الإقليمي ولكن أيضًا للسلام العالمي. الحوثيون يتبنون أفكارًا متطرفة، ويواصلون شن الهجمات على السعودية وعلى منشآت النفط، مما يعرض الأمن الاقتصادي العالمي للخطر. هذا التهديد الاقتصادي، إلى جانب التهديدات العسكرية، يجعل من الحوثي قوة مسلحة قد يكون لها تأثيرات مدمرة على الأمن والاستقرار في المنطقة.

مستقبل الحوثي: هل سيظل في الساحة أم ستسقط صنعاء؟
الأسئلة التي تثار حول مستقبل الحوثي تبدو معقدة، فبينما يعتقد البعض أن الحوثي قد ينهار إذا تعرض لعملية اغتيال مشابهة لتلك التي تعرض لها حزب الله في لبنان، يرى آخرون أن النهاية قد تكون مرتبطة بسقوط صنعاء. في حال تحقق ذلك، قد ينهار الحوثي بشكل مفاجئ، خصوصًا إذا كانت تلك العملية تواكب اجتياحًا بريًا من قبل التحالف العربي أو القوى الدولية.

على الرغم من أن الحوثي يبدو قادرًا على الصمود في وجه الهجمات، إلا أن الوضع الحالي في اليمن يشير إلى أن نهاية الحوثي قد تكون قريبة جدًا. الوضع الاقتصادي المتدهور، والجوع المستشري بين السكان، فضلاً عن الدعم الدولي المتزايد لحكومة اليمن الشرعية، قد يؤدي إلى انهيار الحوثيين بشكل تدريجي. كما أن معادلة السياسة الحوثية، التي تشبه إلى حد كبير معادلة بشار الأسد في سوريا، تجعل من الصعب على الحوثي الاستمرار في حكم اليمن في ظل الظروف الحالية.

إسرائيل والتهديد الحوثي
إسرائيل، التي تعتبر الحوثيين تهديدًا رئيسيًا لأمنها الإقليمي، أعلنت عن استعدادها لملاحقة قادة الحوثيين في حال حدوث المزيد من الهجمات. قد يؤدي هذا إلى عمليات اغتيال تستهدف القيادة الحوثية، ما قد يكون له تأثير كبير في مستقبل الجماعة.

إسرائيل ترى أن وجود الحوثيين في اليمن يشكل تهديدًا لطرق الملاحة البحرية ولإمدادات النفط، وهو ما يزيد من المخاوف الاقتصادية العالمية. في حال حدوث عملية اجتياح بري من قبل التحالف العربي أو قوة دولية أخرى، فإن الحوثي قد يواجه نهاية شبيهة بما تعرض له جيش بشار الأسد في سوريا. قد يؤدي هذا إلى تدمير الحوثي بشكل كامل، خاصة إذا تحققت هذه العمليات العسكرية بدعم دولي.

التحولات في الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة تشير إلى أن مستقبل الحوثي في اليمن بات على المحك. التحولات السياسية والعسكرية في المنطقة، ودور إيران الداعم للحوثيين، يشكل تهديدًا ليس فقط للأمن الإقليمي، ولكن أيضًا للأمن العالمي. في الوقت الذي تسعى فيه إيران لإعادة ترتيب أوراقها الدبلوماسية، يظل الحوثي يشكل تهديدًا مستمرًا قد يتطلب تحركًا عسكريًا عاجلًا التخلص من مخاطره، سواء من خلال عمليات اغتيال، أو من خلال اجتياح بري يمكن أن يؤدي إلى انهيار الجماعة.