رولا القط تكتب لـ(اليوم الثامن):

تشريع أميركي جديد يعيد رسم خريطة التحالفات في الشرق الأوسط

في خطوة تُجسّد تصعيدًا تشريعيًا غير مسبوق ضد شبكة النفوذ الإيراني الإقليمي، قدّم النائب الجمهوري غريغ ستيوب، برفقة عدد من زملائه المحافظين في مجلس النواب الأميركي، مشروع قانون إلى الكونغرس في الأول من أبريل 2025، تحت عنوان “قانون منع الإرهاب الإيراني” (Iranian Terror Prevention Act).

يهدف المشروع إلى تصنيف أكثر من ثلاثين كيانًا وفصيلًا مسلحًا تابعًا أو مدعومًا من إيران ضمن لائحة “المنظمات الإرهابية الأجنبية” (FTO)، وهو تصنيف يُرتّب عقوبات قاسية ويفرض حظرًا شاملاً على التعامل مع تلك الجهات، سواء ماليًا أو سياسيًا أو لوجستيًا.

قانون برؤية أمنية عابرة للحدود
ينص مشروع القانون، المدرج تحت رقم H.R. 2581، على إلزام وزارة الخارجية الأميركية باتخاذ إجراءات تصنيف الكيانات خلال 90 يومًا من صدور القانون، ثم منح الرئيس الأميركي 60 يومًا إضافيًا لفرض العقوبات المطلوبة، بالاستناد إلى الأمر التنفيذي 13224، المختص بمكافحة تمويل الإرهاب.

بهذا، تتحول الإدارة الأميركية – حال إقرار القانون – من صيغة “المتابعة الاستخباراتية” إلى المواجهة القانونية، في ما يُعدّ تغييرًا جذريًا في طريقة تعاطي واشنطن مع الحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن، وغيرهما من الوكلاء الإقليميين لطهران.

بين الرمزية والردع تحمل هذه الخطوة بُعدين: الأول رمزي – يعكس موقف الكونغرس المتشدد من سياسات طهران – والثاني عملي – يسعى لإغلاق الهامش المتاح أمام إيران لاستخدام جماعات غير رسمية كأدوات تفاوض أو نفوذ.

ويبدو أن مشروع القانون يقطع مع مرحلة “الغموض البنّاء” التي ميّزت تعامل واشنطن مع فصائل مثل بدر أو سرايا السلام، والتي لطالما تنقلت بين كونها حليفًا أمنيًا في مواجهة داعش، وأداة ضغط سياسي تتبع الأجندة الإيرانية.

أما الحوثيون، الذين أُزيلوا من قائمة الإرهاب في مطلع ولاية بايدن بدافع “الاعتبارات الإنسانية”، فإعادة طرحهم ضمن هذا المشروع يُبرز تصاعد نفوذ “صقور الكونغرس” الرافضين لفكرة فصل العمل الإنساني عن التهديدات الأمنية العابرة للحدود.

فصائل مستهدفة… وأبعاد إقليمية تشمل اللائحة التي يقترحها القانون فصائل معروفة في العراق مثل: منظمة بدر، حركة النجباء، كتائب الإمام علي، جند الإمام، سرايا الخراساني، كتائب سيد الشهداء، سرايا السلام، بالإضافة إلى ألوية مقاتلة من جنسيات أفغانية وباكستانية كـالزينبيون والفاطميون، التي قاتلت إلى جانب النظام السوري بدعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني.

ورغم أن بعضها يتمتع بشرعية سياسية أو قانونية داخل بلاده، فإن مشروع القانون الأميركي لا يعترف بهذه الفوارق، بل يضع الجميع تحت مظلة واحدة عنوانها “الارتهان لطهران”.

توقيت حرج واستراتيجية أميركية مضادة يأتي المشروع في توقيت يشهد تغيرًا دقيقًا في موازين القوى الإقليمية: تقارب خليجي–إيراني حذر، تصعيد بحري في مضيق باب المندب، وحرب ظلّ في العراق وسوريا ولبنان. ووسط هذه التحولات، يبدو أن القانون يرمي إلى إحباط أي محاولة لتطبيع التعامل مع الوكلاء المسلحين لطهران.

كما يحمل رسالة مشفّرة إلى بغداد مفادها: إمّا إعادة هيكلة الحشد الشعبي بما ينسجم مع مفهوم الدولة، أو تحمّل تبعات العقوبات التي قد تشمل مسؤولين حاليين في الحكومة أو البرلمان.

مصير القانون… وما بعده رغم دعم نواب نافذين للمشروع، من المبكر الجزم بمروره في مجلس الشيوخ أو توقيعه من قبل الرئيس. فوزارة الخارجية قد تُبدي تحفظًا على إدراج فصائل تمثل قوى انتخابية داخلية في دول “حليفة”، مثل العراق.

ومع ذلك، فإن مجرّد طرح المشروع وإحالته إلى لجان الكونغرس يرسل إشارة واضحة: واشنطن تتجه نحو استراتيجية أكثر حسمًا في التعامل مع “الدولة العميقة” التي صنعتها إيران في المنطقة .