جهاد البطاينة يكتب لـ(اليوم الثامن):

الأردن والعرب في مواجهة إسرائيل الكبرى.. لحظة الحقيقة؟

تصريحات المسخ نتنياهو، رئيس دولة العصابة، حول ما يسميه بـ“إسرائيل الكبرى” لم تكن مجرد كلمات عابرة أو جمع شعبويات غوغائية كما هو الحال عند بعضنا. هذه التصريحات صفعة وتوبيخ سياسي على وجوه العرب جميعًا، وخصوصًا عمان التي تدرك أن أي حديث عن توسع إسرائيلي جغرافي أو سياسي هو تهديد مباشر لوجودها وأمنها.
 

نتنياهو لم يتحدث عن حدود على الورق، بل عن مشروع يُنفذ على نار هادئة منذ عقود، يراه تتويجًا لهيمنته على المنطقة، بعد إضعاف قوى مثل حزب الله وإيران، وعلى حساب الشعوب المجاورة.
 

عمان أمام خيار مصيري: هل تكتفي ببيانات الشجب والهتافات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، أم تصعد وتعلن أن اتفاقية السلام مع إسرائيل لم تعد قائمة؟ الحروب اليوم ليست فقط عسكرية، والمحتل يمتلك تفوقًا عسكريًا ودعمًا دوليًا هائلًا، لكن الأردن يملك شرعية شعبية وتاريخية، خصوصًا في وصايته على المقدسات بالقدس. المشكلة أن أي تصعيد سيعني مواجهة غير مباشرة مع واشنطن، فهل نحن مستعدون للتخلي عن الحضن الأمريكي والبحث عن بديل “إن وُجد”، مقابل كرامة سياسية وشعبية؟

الأردنيون بمختلف أطيافهم، يرون تصريحات نتنياهو استفزازًا مباشرًا المزاج العام يميل إلى أن الدبلوماسية وحدها لم تعد تكفي، وأن التعويل على الوسيط الأمريكي عبث. لغة القوة وحدها يمكنها ردع مشروع توسعي بهذه الخطورة خاصة أن الكيان يسير بخطى ثابتة، ويقر كل يوم قرارات لضم الضفة الغربية، والتدخل في سوريا، والسيطرة على ما يعرف بـ“ممر داوود” كجزء من خطته الكبرى.
 

حتى الآن، الموقف العربي باهت وكأن ما يجري شأن ثانوي، رغم أن المشروع الإسرائيلي يمس خرائط دول عديدة. بعض العواصم غارقة في أزماتها الداخلية، من بطالة وفقر ومخدرات ونتيجة اعتمادها على واشنطن وجدت نفسها عالقة في الوحل. والبعض الآخر يمسك العصا من المنتصف، متحالفًا مع أمريكا خوفًا من “الهلال الشيعي” كما يزعمون. لكن إذا تصاعدت الأمور، قد يغير البعض موقفه حين يدرك أن الدور عليه لاحقًا.

مشروع “إسرائيل الكبرى” ليس بعيدًا عن بنود “صفقة القرن” التي طرحها كوشنير قبل سنوات. ربما تغيرت الأسماء والوجوه لكن الجوهر واحد تطبيع عربي واسع، تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، وتغيير الخرائط لصالح الكيان، بعد أن صُوّرت إيران والمقاومة كعدو، وإسرائيل كصديق وحامٍ.

السؤال الذي يتردد شعبيًا: لماذا لا تعلن الأردن، ومعها الدول المستهدفة، عن إطلاق التجنيد الإلزامي ورفع الجاهزية العسكرية؟ التجنيد ليس فقط تدريبًا على السلاح، بل رسالة سياسية ونفسية أن الشعوب جاهزة للدفاع عن أرضها وعرضها، وأن أي تغيير في الحدود لن يمر مرور الكرام.

هذا ليس وقت الحسابات الضيقة، بل وقت رص الصفوف الداخلية في الأردن خلف الملك، دعمًا لجهوده للحفاظ على الأردن وفلسطين. ما قاله نتنياهو ليس رأيًا سياسيًا عابرًا، بل إعلان نوايا صريحة. وإذا كان الأردن ومعه العرب يريدون البقاء كدول ذات سيادة، فالتاريخ لا يرحم المتأخرين في الرد.