د. عاصم عبد الرحمن يكتب لـ(اليوم الثامن):

تداعيات تفعيل آلية الزناد على إيران: بين الأزمة الداخلية والمقاومة الشعبية

تشهد إيران اليوم مرحلة استثنائية، إذ تتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في وقت تواجه فيه ضغوطاً دولية غير مسبوقة. إعادة تفعيل آلية الزناد الأوروبية وعودة ستة قرارات أممية للعقوبات المعلقة تعني منع أي نقل للمواد النووية أو الصاروخية إلى إيران، ما يضع النظام أمام تحديات اقتصادية وسياسية جسيمة: "أكثر من 80% من الشعب الإيراني يعيش تحت خط الفقر، وهو ما يهدد استقرار المجتمع ويدفع شرائح واسعة إلى الاحتجاج في الشارع".

إيران على شفا أزمة تاريخية

خبراء النظام يحذرون من انعكاسات هذه العقوبات، حيث توقّع نائب سابق لغرفة تجارة النظام ارتفاع سعر الدولار بنسبة تصل إلى مرة ونصف، وزيادة التضخم إلى نحو 90%، الأمر الذي يهدد ركوداً اقتصادياً وارتفاع معدلات البطالة والفقر، ويجعل انفجار الانتفاضات الشعبية أقرب من أي وقت مضى.

خامنئي ومفترق طرق الانحدار أو التراجع

الانقسامات الداخلية العميقة بين أجنحة النظام بشأن التعامل مع الأزمات، بما في ذلك الملف النووي والمواجهة مع المجتمع الدولي، تتفاقم يوماً بعد يوم. الاحتجاجات ضد الفقر وانقطاع الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء تتسع، ما يضع إيران على شفا انفجار اجتماعي. "خامنئي يقف عند مفترق طرق حاسم: التراجع عن السياسات الحالية يعني انهيار النظام، والمضي قدماً بنفس النهج يعني استمرار الأزمة وتصاعد الاحتجاجات"

 

تظاهرة بروكسل: صدى المقاومة الإيرانية

في هذا السياق، تأتي التظاهرة المخطط لها في بروكسل بتاريخ 30 سبتمبر 2025، بمشاركة عشرات الآلاف من الإيرانيين في المهجر، لتكون امتداداً لغضب الشعب داخل إيران. وتنظم التظاهرة بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق، التي لعبت دوراً محورياً في النضال ضد دكتاتوريتي الشاه والملالي، وتواصل اليوم قيادة جهود المقاومة الشعبية داخل البلاد. "فالتظاهرة ليست مجرد حدث رمزي، بل تعكس صرخة عوائل 120 ألف شهيد سقطوا على يد النظام الإيراني"

 

رسائل التظاهرة للعالم والداخل الإيراني

التظاهرة تحمل رسائل سياسية هامة:

الحل الحقيقي لإيران: الحل الثالث، أي لا للحرب ولا للمساومة مع النظام، بل إسقاط النظام عبر انتفاضة الشعب والمقاومة المنظمة.

وجود بديل ديمقراطي: بديل حقيقي يمتلك تاريخاً نضالياً دام ستين عاماً، وبرنامجاً واضحاً لنقل السيادة للشعب وبناء دولة ديمقراطية متقدمة.

دور المجتمع الدولي: على العالم أن يقف إلى جانب الشعب الإيراني ومقاومته إذا أراد الخلاص من شر النظام.

التظاهرة تمثل أيضاً شبكة متكاملة للمقاومة داخل إيران، تشمل مختلف فئات الشعب من المدارس والجامعات والمصانع إلى وحدات في الجيش وقوات النظام، ما يعطيها القدرة على التأثير المباشر في أي تحولات مستقبلية.

إذاً، إيران اليوم تمر بمنعطف تاريخي يجمع بين أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة وضغوط دولية متصاعدة، وفي قلب هذا الواقع يقف الشعب الإيراني ومقاومته كقوة حقيقية للتغيير. تظاهرة بروكسل، بفعاليتها الرمزية والعملية، ترسل رسائل واضحة للداخل الإيراني والمجتمع الدولي: "البديل موجود، الشعب قادر على التغيير، والمستقبل الديمقراطي لإيران ممكن".