تقارير وتحليلات
أخرج عدن من مستنقع الفوضى إلى الاستقرار..
تقرير: شلال شائع.. هل من دور مستقبلي لقائد مكافحة الإرهاب
في التاسع والعشرين من يوليو (تموز) الماضي، أعلن عن انتهاء مهمة اللواء شلال علي شائع مدير شرطة عدن، والقائد العسكري البارز الجنوبي في حرب التصدي للمليشيات الحوثي التي شنت حربا واسعة على الجنوب في مارس (آذار) من العام 2015م.
قرار اقالة شلال جاء وفق تفاهمات بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية المؤقتة، في سبيل إنجاح اتفاق الرياض الذي تعثر كثيرا بفعل رفض تنظيم الإخوان المهيمنة على الحكومة والرئاسة اليمنية الالتزام بما وقعت عليه الحكومة.
بدأ السؤال ما هو دور شلال علي شائع المستقبلي، وهل ما حققه من نجاحات في الحرب على الإرهاب، قد تضمن له دور قادم، خاصة وانه يعد من القيادات الجنوبية التي يعول عليها المجلس الانتقالي الجنوبي في إدارة المرحلة القادمة، خاصة وان الجنرال العسكري والأمني كان له دورا كبيرا في تحرير أول مدينة جنوبية من ميليشيات الحوثي في مايو (آيار) 2015م، أي بعد اقل من شهر من القتال الأعنف، بعد ان ظن الحوثيون ان اسقاط محافظة الضالع مسألة وقت، خاصة بعد ان اعتقدوا انهم قطعوا خطوط الامداد عنها بالاقتراب من السيطرة على عدن العاصمة وقاعدة العند الاستراتيجية في الجنوب.
اقرأ المزيد من اليوم الثامن:تقرير: حراك الزبيدي الدبلوماسي.. هل يمهد الطريق لاستعادة الجنوب؟
من هو شلال علي شائع وكيف بدأ؟
1969م، في أحد احياء التواهي العتيق بالعاصمة عدن، ولد شلال نجل الثائر الجنوبي علي شائع هادي، أحد أبرز قادة العمل الوطني في الجنوب، وزير الداخلية الأسبق عقب الاستقلال من بريطانيا.
نشأ شلال في التواهي وتلقى تعليمه في مدارسها، ثم انضم إلى السلك العسكري بعد والده الذي استشهد في العام 1986م، على إثر الصراع بين اقطاب الحزب الاشتراكي حينها.
اقرأ المزيد من اليوم الثامن: تقرير: كيف أحبط "الانتقالي" انقلابا على الرئيس هادي في عدن؟
تخرج شلال علي شائع بدرجة البكالوريوس في العلوم العسكرية، ثم حصل على دورات قادة وأركان، إلى ان حانت الحرب العدوانية الأولى على الجنوب في صيف العام 1994م.
لينخرط شلال في طلائع الجيش الجنوبي في محاولات التصدي للقوات اليمنية الشمالية التي غزت الجنوب حينها بالاستعانة بالأفغان العرب وجحافل القبائل اليمنية.
كان شلال شائع ضمن مئات الآلاف من الضباط والعسكريين الذين سرحهم "نظام علي عبدالله صالح وحلفائه جماعة الإخوان".
بعد الحرب انخرط شلال في حركة تقرير المصير "حتم"، وهي حركة سياسية كانت بمثابة اللبنة الأولى لحركة التحرر الجنوبية من الاحتلال الجديد.
وفي العام 2007م، كان شلال علي شائع من ضمن القيادات العسكرية التي تزعمت ما عرف بالحراك الجنوبي، وتعرض لمحاولات اغتيال واعتقال عشرات المرات، كانت اغلبها في محافظة الضالع مسقط رأس والده، والتي لجأ اليها هربا من ملاحقات أجهزة النظام اليمنية القمعية.
اقرأ المزيد من اليوم الثامن: تقرير: خيمة القذافي واخوان اليمن.. المواقف العدائية ضد السعودية
حرب التحرير والتصدي لمليشيات الحوثي
في مارس (آذار) 2015م، كانت صنعاء بمختلف القوى السياسية والحزبية والقبلية والطائفية، تحضر لمعركة اجتياح جديدة للجنوب، مستغلة ملاحقة الرئيس اليمني المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، الذي فر من صنعاء صوب عدن في الـ21 من فبراير (شباط) 2015م.
كان شلال وقيادات عسكرية أخرى ترابط في ساحة العروض بخور مكسر والتي شهد شلال فيها اقوى عروض الجيش الجنوبي حينها، والتي تحولت بعد 2007م، إلى ساحة لتظاهرات الحراك الجنوبي المطالب بالاستقلال وطرد الاحتلال اليمني.
اقرأ المزيد من اليوم الثامن: تقرير: "الجنوب".. يتصدى لمشاريع إقليمية معادية لقضيته
اقترب الاحتلال الجديد من الجنوب، وظن الجميع ان ميليشيات الحوثي في طريقها للهيمنة على البلد مرة أخرى وبصورة أبشع من الاحتلال السابق.
ذهب الجميع صوب قاعدة العند العسكرية للدفاع عن عدن، لكن القوات العسكرية اليمنية الشمالية التي كانت ترابط في القاعدة، اسقطتها من الداخل، ليتعثر على شلال العودة إلى عدن، ويذهب للانخراط مع رفيق دربه اللواء عيدروس الزبيدي، مؤسس المقاومة الجنوبية، في معركة الدفاع عن الضالع ومقاومة أقوى جيوش صنعاء والتي كانت تعرف بقوات ضبعان، وهو قائد عسكري شمالي متورط في جرائم حرب ضد المدنيين لعل أبرزها جريمة سناح الشهيرة في العام 2013م.
نحو شهر من المقاومة الشرسة، كانت القوات الجنوبية قد نجحت في تأمين كامل محافظة الضالع، بعد تطهيرها من جيوب المليشيات الحوثية والجيش اليمني الانقلابي، لتنتقل المعركة إلى قاعدة العند الاستراتيجية التي نجحت خطة عسكرية في فك الحصار عنها وتحريرها بمشاركة القوات المسلحة الإماراتية التي دخلت على الأرض إلى جانب القوات الجنوبية في تحرير قاعدة العند بعد تحرير عدن العاصمة والحوطة مركز محافظة لحج.
من قيادة المقاومة إلى قيادة شرطة عدن
لم يدم تحرير الجنوب اقل شهرين حتى بدأت جولة عنف جديدة، حيث ضربت هجمات إرهابية العاصمة عدن، خلفت مئات القتلى والجرحى اغلبهم مدنيون وآخرون كانوا في طريقهم للالتحاق بجاهز الشرطة المحلية.
ظن الجنوبيون ان الانتصار الذي تحقق في طريقه إلى الخسران، فالهجمات والاغتيالات بدأت في كل مكان، وتحولت العديد من الاحياء إلى إمارات للتنظيمات التي تدعي انها من تنظيم القاعدة.
اقرأ المزيد من اليوم الثامن: تقرير موثق: إعلام سعودي يمهد تسليم مأرب لميليشيات الحوثي
كان المشهد مأساوي فالاغتيالات والتفجيرات كانت متكرر بشكل يومي وفي أكثر من حي.
وقد تسببت هذه الهجمات باغتيال محافظ عدن الجنرال جعفر محمد سعد قائد معركة تحرير عدن، وهو ما صعب الأمور واثر بشكل سلبي على جهود الحرب ضد الحوثيين الموالين لإيران.
في ديسمبر (كانون الأول)، قرر التحالف العربي بعد التشاور مع الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، تكليف مهمة تأمين عدن إلى اللواء عيدروس الزبيدي وشلال علي شائع، ليس لأنهما صنعا أول انتصار ضد الحوثيين، ولكن لقدرتهما القتالية والعسكرية وحنكتهما الأمنية، في تحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة الجماعات المتطرفة، فالأول عين محافظا للعاصمة والثاني مديرا للشرطة.
ومع اول نزول لهما إلى عدن، كانا هدفا رئيسا للتنظيمات المتطرفة التي حاولت اغتيالهما في أكثر من عملية استهداف وتفجير تسبب بمقتل وجرح العشرات من حراستهما الشخصية.
لم تكن المهمة سهلة، فكان لا بد ان يعزز الأمن بقيادات أخرى برزت خلال الحرب، ومنهم قائد المقاومة ووزير الدولة السابق هاني بن بريك، مؤسس قوات الحزام الأمني، والشهيد منير اليافعي قائد اللواء الأول حزام أمني، والعميد نبيل المشوشي وأخرين.
وفي مارس (آذار) 2016م، بدأت المواجهة المسلحة مع التنظيمات المتطرفة بدعم من طيران التحالف العربي الذي شارك في تطهير حي المنصورة، أحد أكثر الاحياء التي شهدت هجمات إرهابية عديدة.
أعلن شلال شائع ان مهمته تقتضي التضحية وانه على استعداد للتضحية من أجل استقرار عدن، ونجح بحنكة القيادي الأمني في تأمين عدن بعد الاعتماد على قيادات أمنية شابة من بينها العقيد يسران مقطري قائد فرقة مكافحة الإرهاب التابعة لشرطة عدن.
اقالة المحافظ عيدروس الزبيدي
في السابع والعشرين من ابريل (نيسان) 2017م، ومع ذكرى اعلان نظام صنعاء الحرب الأولى على الجنوب، قرر تحالف هادي والأحمر، إقالة اللواء عيدروس الزبيدي، من منصبه كمحافظ للعاصمة عدن، بعد ان اتجهت الأوضاع نحو الاستقرار وتطبيع الحياة وعودة مؤسسات الدولي، وهو الأمر الذي لم يرق لتنظيم الإخوان الحاكم والجنرال العجوز علي محسن الأحمر.
ولم تخف الحكومة اليمنية المؤقتة، خشيتها من استقرار الأوضاع في عدن، واعتبر – على لسان وزير الخارجية الأسبق عبدالملك المخلافي – ان استقرار الأوضاع في عدن قد يشجع على تحقيق ما اسماه مشروع الانفصال، وهو الاستقلال واستعادة دولة الجنوب السابقة.
هذا القرار لم يربك الزبيدي الذي كان يخطط منذ ان كان محافظا لتأسيس كيان سياسي يدافع عن تطلعات الجنوبية، في ظل الانحراف الواضح لحرب حلفاء الحكومة اليمنية المؤقتة، صوب الجنوب بدلا من ان تكون صوب استعادة صنعاء من قبضة الحوثيين الموالين لإيران، وكان المجلس الانتقالي الجنوبي هو الخيار والمشروع الذي حظي بتأييد واسع في الجنوب، وخرجت تظاهرات مليونية لدعم المشروع الذي استطاع إعادة السيطرة على المشهد السياسي في الجنوب، وتوسعت دائرة الحرب على الإرهاب من عدن مرروا بلحج وأبين وشبوة وحضرموت، لتصبح القوات الجنوبية محل اهتمام الصحافة الدولية التي اشارت إلى القدرات العسكرية للقوات الجنوبية في محاربة الإرهاب وشل حركته في العديد من المدن ومنها مدن ظلت معقلا للمتطرفين منذ نحو ثلاثين عاماً، حين اشركهم تحالف صنعاء في الحرب الأولى على الجنوب.
دور مستقبلي لشلال علي شائع
اليوم بعد اقالته من منصبه، وهو المسؤول الأمني الذي استطاع ان يخرج عدن من مستنقع الفوضى إلى رحاب الأمن والاستقرار، أصبح السؤال المطروح اليوم، ما هو الدور المستقبلي لقائد الحرب على الإرهاب في الجنوب، هل يتوارى عن المشهد أم انه هناك دور جديد ينتظره.
مصادر مطلعة على مباحثات اتفاق الرياض التي ترعاها السعودية، قالت لصحيفة اليوم الثامن ان تعيين مديرا لشرطة عدن العميد احمد الحامدي، لم يشر قرار تعيينه إلى شلال علي شائع، فكما جرت العادة ان يعين المسؤول السابق في منصب تشريفي، الا ان ديباجة القرار لم تشر إلى شلال شائع، وهو ما يؤكد انه ينتظره دور مستقبلي.
وتشير المصادر إلى ان اللواء شلال شائع يحظى بدعم إقليمي ودولي، فالنجاحات اليت حققتها شرطة عدن في الحرب على الإرهاب تتطلب وجود الرجل في المشهد وان كان في مهمة أخرى، ربما قائد قوات مكافحة الإرهاب.
مصادر في شرطة عدن تحدثت عن ان شلال شائع أسس قوات أمنية محترفة رغم بعض الأخطاء التي رافقت العمل الأمني خلال السنوات الماضية، الا ان ما تحقق من خلال هذه القوات الحديثة يعد إنجازا كبيرا مقارنة بما كانت عليه شرطة عدن ابان الاحتلال اليمني.
---------------------------------
المصدر| فريق الرصد في صحيفة اليوم الثامن