توقعات إيجابية بتحسن طفيف
اليمن يتعافى اقتصادياً من الانقلاب
شهد اليمن منذ الانقلاب على الشرعية أزمة اقتصادية غير مسبوقة، في ظل استمرار تدهور العملة المحلية ونهب الميليشيات الحوثية وحليفهم المخلوع صالح للخزانة العامة والاحتياطي النقدي من العملة الصعبة، وتسخيرها لصالح الأعمال العسكرية، فأهدرت الميليشيات خمسة مليارات دولار، وأكثر من تريليوني ريال يمني، كانت جزءاً من الموارد النقدية لليمن، وسخرت تلك الأموال المنهوبة لإدارة المعارك للسيطرة على اليمن، ما أوصل البلاد إلى مستوى من الفقر والجوع لم تعرفه اليمن، كما تذبذبت أسواق الصرافة المحلية في اليمن حتى وصلت أسعار صرف للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية إلى مستوى منخفض للغاية، ما تسبب في تضخم اقتصادي كبير، انعكس على أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية.
ولا تزال بعض المحافظات اليمنية تقبع تحت سيطرة المتمردين الحوثيين، وتعاني أوضاعاً مأساوية، في ظل ارتفاع متواصل لأسعار المواد الأساسية، وشهد اليمن ارتفاعاً في الأسعار خلال عام 2016 بنسبة 35٪ مقارنة بعام 2015، وسجلت محافظة الحديدة أعلى المراتب في قائمة المحافظات، وبدأ شبح المجاعات يلوح في بعض المحافظات اليمنية، على رأسها الحديدة وحجة وبعض مديريات تعز وأب، حيث عجزت آلاف الأسر الفقيرة عن تلبية متطلبات الغذاء الأساسية، في ظل انعدام مصادر الدخل، وتوقف إعانات الرعاية الاجتماعية لهذه الشريحة المحتاجة.
ويؤكد تقرير صادر عن مركز الإعلام الاقتصادي في اليمن أن الوضع في العام الماضي بدأ بالتحسن وفق المؤشرات الاقتصادية مقارنة في بعام 2015، وذلك بسبب عودة الاستقرار للمدن المحررة من سيطرة الميليشيات الحوثية وحليفها المخلوع صالح، حيث تحسنت الخدمات والسلع، وتراجعت حدة أزمة المشتقات النفطية، ومع ذلك فإن نسبة العجز في الناتج المحلي الإجمالي ظلت سالبة بنسبة تتراوح بين 10-15٪ وفقاً لتقديرات المركز، إذ لا تزال كثير من القطاعات الاقتصادية في حالة شلل كلي وجزئي جراء سيطرة الميليشيات على العاصمة صنعاء.
من جانبها، سعت الحكومة الشرعية منذ مطلع 2017 إلى صرف مرتبات موظفي الدولة في جميع المحافظات اليمنية، بما فيها الواقعة تحت سيطرة الانقلابين، في خطوة منها لتعويض المواطنين منذ قرار نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، وهو القرار الذي حاولت قوى الانقلاب عرقلته، بإفشال عملية صرف رواتب موظفي الدولة التي تأخرت لأكثر من 5 أشهر متتالية.
وقال رئيس مركز الإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر لـ «الاتحاد»: إن هناك توقعات إيجابية بتحسن طفيف في أداء الاقتصادي اليمني في عام 2017، مقارنة بالعامين السابقين، مشيراً إلى أن هناك مؤشرات اقتصادية حول تراجع معدل التضخم في أسعار السلع والخدمات، جراء تحسن الحالة الأمنية في بعض المحافظات، وتوافر المشتقات النفطية، وزيادة المعروض من السلع المستوردة من الخارج، لافتاً إلى أن زوال آثار الحرب في المحافظات المحررة، واستئناف إنتاج النفط وتصديره سوف يساهم في تحسن الوضع الاقتصادي.
ويؤكد أن هناك أزمة مفتعلة للريال اليمني في البلد، جراء مضاربة العملة المحلية بالدولار، مشيراً إلى أن توفير كميات من السيولة النقدية المحلية من دون غطاء أدى إلى تراجع سعر الريال مقابل الدولار والعملات الأخرى، وأشار إلى ضرورة قيام البنك المركزي اليمني، بضبط السياسة النقدية، لا سيما أن البنوك المحلية تعاني من تكدس العملات الأجنبية بالدولار والريال السعودي، ولم تتمكن من نقلها منذ بداية الحرب.
وأكد رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني، محمد حلبوب، أن تدهور قيمة العملة المحلية أثرٌ جانبيٌ طبيعيٌ لعملية التمويل بالعجز التي اضطرت الحكومة لتنفيذها مؤخراً، مؤكداً أن اليمن بحاجة إلى وضع وديعة عاجلة تصل إلى 3 مليارات دولار، لتعزيز الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، وقد تقدمت الحكومة الشرعية بطلب لتوفير وديعة للبنك المركزي من دون أن تستجيب أي جهة، في ظل انخفاض أسعار النفط، ولكنّ هناك وعوداً كثيرة والتزامات بتقديم الدعم عقب انتهاء الحرب.
وأوضح أن الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تشهدها البلد جاءت نتيجة سطو الحوثيين على إيرادات الدولة، وتوجيهها لصالح المجهود الحربي، وتآكل الاحتياطي النقدي الأجنبي، مشيراً إلى أن عائدات البلد من النفط والغاز والضرائب والرسوم، وغيرها، توقفت، ويجب الإسراع في إعادتها، من أجل تجنب كارثة اقتصادية، سيتحملها الجميع، فالوضع الاقتصادي في اليمن لم يعد يتحمل، ولابد من إنهاء الانقلاب، واستعادة هيبة الدولة، من أجل استئناف دوران عجلة الاقتصاد.