يتداركون غيابهم عن المنتدى..
سياسيون: مشاركة قياسية في منتدى الاستثمار السعودي

مشاركة قياسية في منتدى الاستثمار السعودي
انطلقت الثلاثاء في العاصمة السعودية الرياض أشغال منتدى الاستثمار الذي شارك في فعالياته مدراء تنفيذيون ورجال أعمال من أصحاب الأوزان الثقيلة وقادة سياسيون من مختلف دول العالم. وقال المنظمون للمنتدى إنّ نحو 300 متحدث من 30 دولة، بينهم مسؤولون أميركيون ورؤساء مصارف وصناديق مالية سيادية، حضروا هذا الحدث السنوي الذي يهدف إلى إبراز المملكة كوجهة استثمار ديناميكية.
وأسهم الإقبال اللافت على مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار”، ويعرف أيضا باسم “دافوس الصحراء”، والذي يستمر حتى الخميس، في دعم جهود السعودية لتكون الرياض منبرا اقتصاديا هاما لدول العالم بصفة عامة ولدول منطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة. ووفق ما أكده بيان صادر عن الهيئة العامة للاستثمار السعودية، نجحت الرياض خلال فعاليات اليوم الأول من المنتدى في إبرام 23 اتفاقا بقيمة 15 مليار دولار.
وتشمل الاتفاقات اتفاقا استثماريا بقيمة 120 مليون دولار بين الهيئة العامة للاستثمار وبي.آر.إف البرازيلية للصناعات الغذائية واستثمارا بقيمة 700 مليون دولار بين الهيئة ومودلر ميدل إيست. وتسعى الشركتان لتطوير عملياتهما في السعودية.
ويرى خبراء اقتصاد دوليون أن الرهانات الاقتصادية للسعودية يمكن أن تقود قاطرة بقية دول المنطقة، حيث تشهد الرياض منذ إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن رؤية 2030 تحولا لافتا وفريدا في مختلف جوانب الاقتصاد.
وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشي ومستشار الرئيس الأميركي يترأسان وفدا أميركيا يشكل حوالي 40 بالمئة من المشاركين في مؤتمر داوفس الصحراء، أي ضعف عدد الأوروبيين والآسيويين
وأشاد في هذا الصدد الملياردير الهندي موكيش أمباني، المشارك في المؤتمر، بالقيادة السعودية بقوله “منذ عشرين عاما، وأنا آتي إلى المملكة، ولكن ما أراه خاصة في العامين أو الثلاثة الماضية هو تحول اقتصادي”. وأكد أمباني “كرجل أعمال وكمستثمر، أنا مهتم تماما”. وقال رئيس مجلس إدارة أرامكو ياسر الرميان في افتتاح المؤتمر إنّ “عدد المشاركين تضاعف منذ الجلسة الأولى”. وأضاف الرميان “نحن هنا لبناء صداقات وممارسة الأعمال”.
ويؤكّد نجاح السعودية في جلب هذا العدد الهام من الفاعلين الاقتصاديين إلى مؤتمر الرياض على أن المملكة طوت تلك الصفحة التي تريد بعض القوى المزعزعة لاستقرار المنطقة إثارتها لتشويه سمعة السعودية.
ونجحت في تجاوز القلاقل التي أثيرت عشية انعقاد المؤتمر عبر فتح قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وتوظيفها من جديد للتأثير على المؤتمر كما حصل السنة الماضية، حيث قاطعت بعض الشركات المؤتمر على خلفية حملة الضغط التي مارستها تركيا ضد السعودية.
وأكد الرميان أن “أكثر من ستة آلاف تنفيذي ومشارك يحضرون المؤتمر هذه السنة”، موضحا أن العدد أكثر من ضعف مؤتمر الاستثمار الأول. وقال خبراء إن عددا من الحاضرين هذه السنة يحاولون تدارك غيابهم السنة الماضية، والذي فتح المجال أمام شركات منافسة، خاصة من الصين.
ساسة ورجال أعمال
شارك في النسخة الحالية من منتدى الاستثمار بالرياض رؤساء أكبر المصارف العالمية وشركات إدارة الأصول وصناديق استثمار عالمية.
ومن أبرز المشاركين في المنتدى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس البرازيل جايير بولسونارو. كما ألقى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خطابا في المؤتمر الذي حضره أيضا قادة أربع دول أفريقية: نيجيريا وكينيا والكونغو والنيجر.
وبعد أن غاب السنة الماضية عن المؤتمر، يقود وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشي وفدا أميركيا بارزا يضم جاريد كوشنير، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووريك بيري، وزير الطاقة. ويمثل المشاركون الأميركيون حوالي 40 بالمئة من المتحدثين، أي ضعف عدد الأوروبيين والآسيويين. وجاء أيضا على قائمة الحضور ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق، إلى جانب إرني إلس لاعب الغولف الجنوب أفريقي، وتيري فيرتس جونيور رائد فضاء سابق في وكالة ناسا يناقش مستقبل استكشاف الفضاء.
ومن بين الحاضرين أيضا الرؤساء التنفيذيون لكل من مؤسستي “بلاك ستون” و”سويفت بنك”. كما يشارك مسؤولون كبار من مصارف أميركية عملاقة، بينها “جي.بي مورغن” و”بنك أوف أميركا”. ويعمل المصرفان على مشروع طرح نسبة من أسهم عملاق النفط السعودي أرامكو للاكتتاب العام.
وورد أيضا ضمن قائمة الوافدين حضور رؤساء الصناديق السيادية لكل من الكويت والإمارات وسنغافورة وروسيا. وقال راين بول، الباحث في مؤسسة ستراتفور الأميركية، إن نسخة العام الحالي “مغايرة جدا عن السنة الماضية”. وأضاف أن “التهديد بمعاقبة السعودية جراء سجلها في مجال حقوق الإنسان والذي قاد إلى مقاطعة العام الماضي، توقّف. ليس لدى العديد من الحاضرين أي مانع في التقرّب من السعودية”.
محطة اقتصادية وسياسية
يحمل هذا الحضور والمشاركات والصيت الذي يتمتع به المؤتمر فرصا هامة للسعودية للمضي قدما في تحقيق مشروع التحول الوطني والانتقال من اقتصاد يعتمد على النفط فقط، إلى اقتصاد متنوع ومتطور.
وعبّر عن هذه الفرصة أحد كبار المصرفيين بقوله “يُظهر المؤتمر استعداد المملكة للانفتاح على الأعمال والتزامها بمرحلة جديدة في تنميتها الاقتصادية”. وإلى جانب أبعاده الاقتصادية، ينظر إلى منتدى الرياض باعتباره محطة هامة لمناقشة التطورات السياسية بمنطقة الشرق الأوسط والعالم عموما، من حيث الأحاديث واللقاءات الجانبية بين الحاضرين، كما النقاشات الدائرة ضمن فعاليات المؤتمر والصورة المستقبلية التي يمكن أن ترسمها الاتفاقات الموقعة والاستثمارات الإستراتيجية.
وتترجم هذا البعد السياسي مشاركة قادة دول في الملتقى الذي شهد في يومه الأول لقاء جمع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مع نظيره الأردني الملك عبدالله الثاني، تم خلاله التطرق إلى العلاقات بين البلدين والمستجدات الإقليمية الراهنة.
وجاء هذا اللقاء الذي جمعهما بالعاصمة الرياض، على هامش مشاركة العاهل الأردني بمنتدى استثماري في السعودية، وفق بيان للديوان الملكي الأردني.
وتناول اللقاء مجمل قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث تم التأكيد على “أهمية دعم الفلسطينيين في نيل حقوقهم العادلة والمشروعة في قيام دولتهم المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين”.