"أول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية"..

الدور الوطني للرئيس قحطان الشعبي للفترة من 1951- 1969م

تهدف الدراسة إلى إجراء دراسة تاريخية معمقة حول معرفة  الدور الوطني الذي قام به الرئيس قحطان الشعبي في تأسيس دعائم الدولة، وإبراز فكره وتوجهه السياسي بعد أن تولي رئاسة الدولة مباشرة  بعد الاستقلال، واظهار مهارته وحنكته الإدارية للأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية خلال فترة حكمه من1967م/1969م

الرئيس الراحل نجيب قحطان الشعبي أول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية - أرشيف

د. اشجان الفضلي
باحثة اجتماعية ومعدة ومقدمة برنامج بودكاست في مؤسسة اليوم الثامن للاعلام والدراسات
تقديم وعرض د. اشجان الفضلي

هذا العرض لأطروحة دكتوراة الموسومة بالدور الوطني للرئيس قحطان الشعبي للفترة من 1951-1969 والمقدمة من الطالبة حنان احمد ابو بكرالمرقشي والتي نوقشت في رحاب كلية الاداب جامعة عدن عام 2023م، وتسعى مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات إلى توثيق الدراسات المختصة بالشأن الجنوبي لاسيما ذلك التاريخ السياسي الذي تعرض للإقصاء والتهميش والطمس الممنهج من قبل القوى اليمنية في مراحل متعددة من تاريخ التكوين السياسي في الجنوب العربي؛ خدمة لسياسة اليمننة الذي أصبح واقعا مفروضا على الهوية السياسية والثقافية والاجتماعية. 

ومن خلال تتبع أحدث الدراسات فيما يخص البدايات الأولى لتلك المؤامرة كانت هذه الاطروحة هي ضالتنا المنشودة في سبيل تتبع تلك الاحداث وبطريقة علمية محكمة، ومن هنا فقد سعينا لعرض وتقديم هذه الدراسة لما لها من أهمية في موضوعها وزمانها ومكانها.

مشكلة الدراسة:  

تكمن مشكلة البحث في أن الرئيس قحطان الشعبي له آثر ملحوظ في مرحلة الكفاح المسلح ومفاوضات الاستقلال وتأسيس جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، ومع ذلك نفتقر إلى دراسة تشمل كافة جوانب حياة هذه الشخصية الوطنية وتفاصيلها. بالتالي تتجلى أهمية البحث ومدى الحاجة إلى دراسته وضرورة ابراز الدور النضالي الهام للرئيس قحطان الشعبي في مرحلة الثورة وارساء دعائم الدولة الحديثة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية. وتكمن ايضاً اهمية الدارسة في إبراز اسباب الصراعات التي وجدت بعد الاستقلال وأثرها على الدولة الفتية.

أهمية الدراسة:

  كما تهدف الدراسة إلى إجراء دراسة تاريخية معمقة حول معرفة  الدور الوطني الذي قام به الرئيس قحطان الشعبي في تأسيس دعائم الدولة، وإبراز فكره وتوجهه السياسي بعد أن تولي رئاسة الدولة مباشرة  بعد الاستقلال، واظهار مهارته وحنكته الإدارية للأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية خلال فترة حكمه من1967م/1969م. واظهار بعض الحقائق التي كانت مخفية في فترة حكمه وكيف حاول الحرص على عدم جر البلاد إلى صراعات داخلية، وابرازها من خلال الوثائق.

  اما بالنسبة للصعوبات فقد بذلت الباحثة جهدها في جمع المعلومات من الوثائق حول الشخصية الوطنية الرئيس قحطان الشعبي، والتي تحصلت عليها على الرغم من التعمد في اخفاء البعض منها لأهداف معروفة، وذلك منذ بداية نشاطه السياسي الى توليه رئاسة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية. كما لم تجد الباحثة التعاون من قبل بعض الشخصيات التي عاصرت المرحلة بحكم حساسية المرحلة، أضف الى اتلاف الكثير من الوثائق التي تخص فترة حكمه وشحة الصحف والدوريات التي عاصرت فترة الحكم. بالتالي كل ما جرى تدوينه حول الشخصية في المرحلة السابقة ما هو إلا غيض من فيض لا يعطي هذه الشخصية حقه من الرصيد النضالي الطويل

  وعلى الرغم من وفرة الدراسات حول مرحلة مسار الحركة الوطنية والكفاح المسلح لجنوب اليمن المحتل، إلا أننا نفتقر إلى دراسة معمقة حول الدور الوطني للرئيس قحطان الشعبي ونشاطه السياسي وتأسيسه لدولة جنوب اليمن بشكل دقيق ومفصل، بالتالي لم يتطرق احداً لهذا الدراسة، ومن ضمن الدراسات التي وردت فيها اشارت إلى بعض الجوانب في هذه المرحلة فهي كالتالي: (الحركة العمالية ودورها في مسار الحركة الوطنية في عدن"1945-1963"م) (التنظيمات والاحزاب السياسية في مستعمرة عدن"1937-1967م") (التجربة السياسية لفرع حركة القومين العرب في اليمن1955/1990م) (حركة القومين العرب فرع اليمن1959/1978م رؤية متجددة).

منهج الدراسة :

  واعتمدت هذه الدراسة اتباع المنهج التاريخي في الدراسة، والمنهج الوصفي في تحليل المواضيع، ثم اخضاعها للتحليل ووصولاً الى مرحلة الاستنتاج والاستنباط.

 المصادر الرئيسة للدراسة:

لقد واجهت الباحثة شحة في المصادر والمراجع ذات الصلة بالدراسة بسبب حساسية المرحلة، وأن وجد بعض منها فهي قلة, ومع هذا فقد وفقت بمجموعة من المصادر والمراجع التي ساعدت على تغطية الدراسة واعتمدت عليها في اكثر الفصول وابرزها:

كتاب الاستعمار البريطاني ومعركتنا العربية في جنوب اليمن"عدن والأمارات" للمؤلف قحطان محمد الشعبي يعد من أهم المصادر التي اعتمدت عليها الباحثة، وذلك لأن المؤلف كان معاصراً لتلك الاحداث بل مشاركاً فاعلاً فيها ولعب دوراً بارزاً في هذه المرحلة.

-  كتاب مذكرات ثورة 14اكتوبر الموءودة للمؤلف عبدالحميد عبدالعزيز الشعبي عضو المكتب العسكري للجبهة القومية، تناول أهم الاحداث في فترة الموضوع، ويعد من أهم المصادر التي اعتمدت عليه الباحثة وفي معظم الفصول وذلك لأن المؤلف احد افراد قيادات الجبهة القومية. 

كتاب الأهداف السامية والاحداث الدامية مذكرات اللواء المتقاعد محمد قاسم بن عليو اليافعي، يعد من أهم المصادر التي اعتمدت عليه الباحثة وتناول فيها اهم وأبرز الأحداث منذ تأسيس الجبهة القومية حتى انقلاب22 يونيو، ويعد المؤلف أحد الشاهدين على تلك الأحداث.

-  كتاب ذاكرة وطن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية1967-1990م، للمؤلف علي ناصر محمد، ويعد هذا الكتاب المصدر الذي اعتمدت عليه الباحثة في الفصل الرابع والخامس وذلك لوفرة المعلومات فيه، اضافة إلى أن المؤلف يعد مشاركاً فاعلاً في الأحداث.

-  وقد اعتمدت الباحثة على مجموعة لا بأس بها من الوثائق والصحف والنشرات والبيانات الصادرة في تلك الفترة من المصادر الأساسية التي اعتمدت الباحثة عليها في معظم الفصول وذلك لمواكبتها للأحداث، فمن خلالها رصدت الباحثة تطورات الأحداث المتعلقة بالموضوع وعملت على تحليلها ثم استخلاص النتائج منها.  

-     أقسام الدراسة:    

   قسمت الباحثة الدراسة إلى تمهيد وخمسة فصول ومقدمة وخاتمة وقائمة من المصادر والمراجع والملاحق التي ضمت صور توضيحية ووثائق وأوجز هذا الفصول فيما يلي:

  التمهيد استعرضت الباحثة عرضاً موجزاً حول الظروف والأسباب التي أدّت إلى ظهور وتطور الحركة الوطنية خلال فترة الاستعمار البريطاني في عدن وأثر نهوض حركات التحرر العربية عليها.

  وقد كرّست الباحثة في الفصل الأول: بروز قحطان محمد الشعبي في حقل العمل السياسي. وقسم الفصل: إلى ثلاثة مباحث تناول المبحث: الأوّل إلى نشأته وخلفيته الفكرية، وفي المبحث الثاني: فصلت الباحثة نشاطه السياسي ودوره في تأسيس الأحزاب، وخصصت الباحثة المبحث الثالث: علاقته بالأحزاب والقوى السياسية الوطنية.

   كما خصصت الباحثة الفصل الثاني: لدراسة قحطان الشعبي والكفاح المسلح1963م-1966م. وقسمت الباحثة الفصل إلى ثلاثة مباحث وتناول المبحث الأول علاقته بثورة 26سبتمبر1962م، وأفردت الباحثة في المبحث الثاني دور قحطان الشعبي في تأسيس الجبهة القومية1963م، وكرست الباحثة المبحث الثالث: الدور النضالي ضد المحتل البريطاني حتى عام 1966م. 

  وبينت الباحثة في الفصل الثالث: الخلافات السياسية بين قوى الثورة المسلحة وموقف قحطان الشعبي منها. وقسم الفصل إلى ثلاثة، مباحث واستعرضت الباحثة في المبحث الأول: جذور الخلافات السياسية، كما رصدت الباحثة في المبحث الثاني: نتائج الخلافات السياسية، ثم تطرقت الباحثة في المبحث الثالث: موقف قحطان الشعبي من الخلافات السياسية وقوى الثورة المسلحة.

  وقد كرست الباحثة الفصل الرابع: لدراسة الاستقلال الوطني 30نوفمبر1967م وانتخاب قحطان الشعبي رئيساً، وقسم الفصل إلى ثلاث مباحث وخصصت الباحثة المبحث الأول: لمفاوضات الاستقلال ودور قحطان الشعبي، وفي المبحث الثاني: أفردت الباحثة لدراسة تحقيق الاستقلال وانتخاب قحطان الشعبي رئيسا للبلاد. كما تناولت الباحثة في المبحث الثالث: الرئيس قحطان الشعبي وبرنامج العمل الوطني.

  واستعرضت الباحثة الفصل الخامس: لدراسة الرئيس قحطان الشعبي وعقبات بعد الاستقلال 1969-1967م، وقسمت الفصل إلى ثلاث مباحث وضم المبحث الأول: الخلافات السياسية. كما خصصت الباحثة المبحث الثاني: لدراسة الأوضاع الاقتصادية الصعبة. وبينت الباحثة المبحث الثالث: لدراسة الإطاحة بالرئيس في انقلاب 22يونيو1969م.

النتائج والتوصيات

   واختتمت الباحثة هذه الدراسة بخاتمة تضمنت أهم النتائج والمستخلصات والتوصيات التي توصلت اليه، ثم الحاقها بملاحق توضيحية.

-     النتائج "

أوجزها في الآتي:

-   لقد كان للرئيس قحطان أثر في نمو الوعي والحس الثقافي الذي انعكس على شخصيته النضالية وبروز نشاطه ودوره في تأسيس الأحزاب، إذ يعد أحد مؤسسي حزب رابطة أبناء الجنوب العربي في1951م.

-   أدّى الرئيس قحطان الشعبي دورًا اساسيًّا في تأسيس حزب الرابطة وهي وعاء الحركة الوطنية في الجنوب التي قاومت الاستعمار البريطاني وخروجه منها لاختلاف وجهات النظر السياسية.

-   جاهد الرئيس قحطان الشعبي في جمع التيارات الوطنية في الجنوب في جبهة وطنية واحدة ونسق لاجتماع حضره كثير من الفئات المختلفة في24 فبراير 1963. وإظهار الصعوبات التي واجهته في توحيد جميع المنظمات من السطلة في حكومة الشمال والأجهزة المصرية. وعلى الرغم من الصعوبات أعلن رسميًّا عن وجود الجبهة القومية في 28يوليو1963م. ودعي لإعداد ميثاق وطني يكون بمنزلة الدليل النظري لها.

-   أدى الرئيس قحطان الشعبي دورًا كبيرًا في تدريب المقاتلين وإعدادهم وتهيئتهم لانطلاق الكفاح المسلح في 14أكتوبر 1963م، ودوره في تكوين الجبهة القومية وإعلانها الكفاح المسلح.

-   يسجل التاريخ الدور الرائع إلى رئيس الوفد المفاوض في جنيف قحطان الشعبي وصلابة موقفه في أهم قضايا الخلاف لعل أهمها المساعدات المالية وقرار تسليم جزر كوريا موريا إلى مسقط، ورفض الوفد المفاوض للقرار.

-   لا يمكن إغفال دور الرئيس قحطان الشعبي في تأسيس الجمهورية الفتية وإعلان بيان الاستقلال، حدد فيه بوضوح سياسة الجمهورية الجديدة في المجالين الداخلي والخارجي، ووقوفه أمام أول المهام على الصعيد الداخلي قضية الأمن، والثانية مواجهة الوضع الاقتصادي المتأزم، والثالثة وحدة الأجهزة الإدارية 23سلطنة ومشيخة وإمارة. ووضع برنامج وطني لاستكمال مرحلة التحرر الوطني على المستوى السياسة العربية والدولية.

-   موقف الجمهورية الفتية المتمثل في رئيس الجمهورية، وتحديها لكثير من المشكلات كالتوجه الأيديولوجي داخل الجبهة القومية والنزعة السلطوية من بعض عناصر القيادة العامة، من ثم برز تياران متنافسان على السلطة عرف باليسار واليمين، واشتداد الخلاف بينهما.

-   كان لدى الرئيس قحطان الشعبي خطة عمل معتدلة على المستوى الاقتصادي الداخلي، وانتهاج سياسة عربية معتدلة واتباع سياسة خارجية مرنة نوعًا ما، والأهم من هذا وذاك أن عهده كان ابيض، لم ترق فيه قطرة دم بشرية، باستثناء بعض المعارك العسكرية وظروفها المعتادة التي تخلو من الغدر والقتل غير المتوقع فكل فريق محارب يعرف نتيجة الحرب.

-   لقد أضاع الرئيس قحطان الشعبي الفرصة من التخلص من التيار الماركسي، ومنحه العفو لمن لم يستحقه أو يقدره، بعدها بدأ المسلسل الدامي الذي لم يتوقف إلا بتصفية القيادات تحت مسمى حماية السلطة، وظلت آثار هذه الحقبة وعواقبها وتبعياتها وانعكاساتها إلى وقتنا الحاضر، وما نراه الآن من تصدع وانقسامات في الصف الجنوبي ما هو إلا انعكاس لهذه الحقبة بكل تفاصيلها.

-   يعدُّ الرئيس قحطان الشعبي حالة خاصة في حركات التحرر من الاستعمار فهو الوحيد الذي قاد حركة استقلالية بنجاح وأوصل بلاده الى الاستقلال الناجز.

وبالأخير اختممت بأبرز التوصيات التي خرجت بها الباحثة وهي كالتالي:

-   توصي الباحثة استحقاقًا تكريم الرئيس قحطان محمد الشعبي وفاء وعرفانًا كونه صانع الثورة وقائدها ومنجز استقلالها.

-   توصي الباحثة بتدريس سيرته النضالية في صناعة الثورة المسلحة ثورة 14أكتوبر المجيدة وقيادته لها وردًا لاعتباره، وأيضًا كي تتعرف الأجيال القادمة على الشخصية الوطنية التي لم ينصفه التاريخ. 

-   حصر أعمال الرئيس قحطان الشعبي من كتابات ومنشورات ومقالات وخطابات وبيانات وضعها في أرشيف خاص باسم الرئيس قحطان الشعبي.

-   توصي الباحثة احياء ذكرى وفاته من قبل الجهات المسؤولة للاستفادة من التجربة.

-   توصي الباحثة تكريمًا لدوره النضالي في هزيمة الاستعمار البريطاني إطلاق تسمية إحدى الجامعات أو الكليات باسمه من باب الاعتراف بالذنب بحقه كبطل ومناضلًا أولًا، والرئيس القائد ثانيًّا، ثم السجين المظلوم ثالثًا.