مسار الإصلاح ودور المجلس العلمي..
المغرب يكشف عن مقترحات جديدة لتعديل مدونة الأسرة لتعزيز حقوق النساء
مقترح لرفع سن الاستثناء المتاح أمام القضاة لتزويج قاصرات من 15 إلى 17 عاما، وتقييد تعدد الزوجات من خلال إجبارية استطلاع رأْي الزوجة.
أعلن المغرب عن مجموعة من التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة، تهدف إلى تعزيز حقوق النساء ومعالجة الإشكاليات المرتبطة بقضايا الأسرة، وذلك بعد مشاورات استغرقت عامين وشملت مختلف الهيئات ومكونات المجتمع المدني. وجاء الإعلان خلال مؤتمر صحافي عقده وزير العدل عبداللطيف وهبي ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، حيث أكدوا أن التعديلات تتماشى مع مقاصد الشريعة وتستلهم فضائل الاجتهاد والاعتدال.
- رفع سن تزويج القاصرات: تضمنت المقترحات رفع السن الأدنى للاستثناء المسموح به لتزويج القاصرات من 15 إلى 17 عامًا، مع وضع شروط صارمة لضمان بقاء هذا الخيار في نطاق الاستثناء فقط.
- شروط جديدة لتعدد الزوجات: أصبح التعدد مشروطًا بإجبارية أخذ رأي الزوجة وتوثيقه في عقد الزواج، مع قصر المبررات الموضوعية للتعدد على حالات محددة، مثل العقم أو مرض مانع للمعاشرة الزوجية، على أن يقدر القاضي ذلك وفق معايير قانونية دقيقة.
- قضايا الإرث: اقترح المجلس العلمي الأعلى حلولاً بديلة لقضية المساواة في الإرث، من بينها منح البنات نصيبًا غير محدد بواسطة "هبات" توافق الشرع، وهي خطوة تسعى لتحقيق التوازن بين المطالب الحقوقية وأحكام الشريعة الإسلامية.
أشرف الملك محمد السادس على الإطار العام لهذه التعديلات، مشددًا على ضرورة فتح باب الاجتهاد لمعالجة القضايا المستجدة المرتبطة بأحوال الأسرة المغربية. وأحال العاهل المغربي المقترحات ذات الطبيعة الدينية إلى المجلس العلمي الأعلى، لضمان توافقها مع مقاصد الشريعة وفضائل الوسطية والاعتدال.
من المقرر أن تدرج الحكومة هذه التعديلات في مشروع قانون يُعرض لاحقًا على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه. وأكد الملك محمد السادس أهمية اعتماد الاجتهاد البنّاء في موضوع الأسرة بما يراعي الواقع الاجتماعي والثقافي للمملكة.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن المرأة المغربية أصبحت تحتل مكانة بارزة في مسيرة التنمية، حيث تعيل النساء حوالي 20% من الأسر المغربية. وتُعد هذه التعديلات خطوة جديدة في تعزيز حقوق النساء، استكمالًا لما حققته المملكة منذ اعتماد مدونة الأسرة في 2004، والتي وُصفت حينها بالتقدمية.
وتلقى التعديلات ترحيبًا من المنظمات الحقوقية، التي طالبت بمزيد من الخطوات لتصحيح ما تعتبره "اختلالات" في القانون الحالي. في المقابل، تواجه بعض المقترحات، مثل تعديل قوانين الإرث، معارضة من الأحزاب الإسلامية والتيارات المحافظة التي تؤكد ضرورة الالتزام التام بأحكام الشريعة.
يُنتظر أن تشهد الأشهر القادمة نقاشات موسعة داخل البرلمان والمجتمع المغربي حول هذه التعديلات، التي تمثل نقطة تحول جديدة في مسار تعزيز حقوق النساء وتحقيق التوازن بين الشريعة والواقع الاجتماعي المتغير.