تفاوت حاد في الأسعار بين الشمال والجنوب..

الحرب الاقتصادية في اليمن: عملتان وقدرة شرائية متدهورة في شهر رمضان المبارك

يفاقم الانقسام الاقتصادي بين مناطق سيطرة الحوثيين في شمال اليمن والحكومة المعترف بها دوليًا في جنوبه معاناة المواطنين خلال رمضان، حيث أدى إلى نظام نقدي موازٍ يزيد من تدهور القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار وسط أزمة إنسانية متفاقمة.

الانقسام الاقتصادي يهدد بتقويض القطاع المصرفي ويزيد معاناة السكان

عدن

يواصل الانقسام الاقتصادي في اليمن بين مناطق سيطرة الحوثيين في الشمال والحكومة المعترف بها دوليًا في الجنوب إلقاء بظلاله على حياة المواطنين، خاصة في شهر رمضان. أدى هذا الانقسام إلى نظام نقدي موازٍ، مع تفاوت حاد في أسعار الصرف والقدرة الشرائية، مما يفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من معاناة السكان في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع الدخل.

الانقسام الاقتصادي وتداعياته

منذ اندلاع الصراع في 2014، تفاقم الوضع الاقتصادي في اليمن بانقسام البنك المركزي إلى فرعين: أحدهما في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين، والآخر في عدن مع الحكومة المعترف بها دوليًا. حظرت جماعة الحوثي تداول الأوراق النقدية الجديدة التي أصدرتها الحكومة في عدن، مما أوجد عملتين فعليًا بقيمتين مختلفتين. في الشمال، يُستخدم الريال القديم، بينما تعتمد المناطق الجنوبية الطبعة الجديدة، ما أدى إلى فروقات كبيرة في أسعار الصرف. هذا الانقسام تسبب في تفاوت حاد يؤثر على حياة المواطنين اليومية، حيث أصبحت القدرة على شراء السلع الأساسية شبه مستحيلة للكثيرين، خاصة في رمضان الذي تتطلب تقاليده الكرم والعزائم موارد مالية غير متوفرة.

تأثير الانقسام على المواطنين

أبوبكر السيد، أحد سكان عدن، أشار إلى أن 60-70% من قدرته الشرائية تلاشت بسبب تدهور العملة والانقسام النقدي، موضحًا أن الوضع المعيشي أصبح "سيئًا جدًا". من جانبه، لفت الصحافي علي الغرباني من صنعاء إلى أن إرسال 100 ألف ريال من عدن إلى صنعاء يصل 20 ألفًا فقط، بينما يواجه الصرافون في عدن صعوبات في قبول الدولار أو الريال السعودي، مما يرفع الأسعار ويعمق الفقر ويؤدي إلى انهيار العملة الوطنية. الصحافي ماجد الداعري أكد نجاح الحوثيين في فرض واقع مصرفي مختل، معتبرًا ذلك نتيجة استخدام العملة كسلاح في الحرب، حيث منعوا تداول الطبعة الجديدة وأوجدوا قيمة مصرفية مختلفة عن تلك الموجودة في عدن.

مواقف الأطراف

الحوثيون، المتحالفون مع إيران، يدافعون عن حظر الطبعة الجديدة كوسيلة لمكافحة التضخم و"إفراط الحكومة في طباعة النقود"، معتمدين الأوراق القديمة فقط في مناطقهم. في المقابل، تبرر الحكومة في عدن طباعة النقود الجديدة منذ 2017 كمحاولة لمواجهة الأزمة النقدية ودفع رواتب موظفي القطاع العام، وتصف حظر الحوثيين بـ"التخريب الاقتصادي". السكان، كالعادة، هم من يدفعون الثمن وسط هذه الخلافات، حيث تتفاقم معاناتهم يومًا بعد يوم.

تحديات القطاع المصرفي

محمود قائد، رئيس جمعية البنوك اليمنية، أوضح أن انقسام السلطة النقدية والضغوط لنقل مقرات البنوك إلى عدن تشكل تحديات كبيرة. دعا إلى تحييد القطاع المصرفي عن الصراع السياسي، مشيرًا إلى مناشدات سابقة للسلطات في صنعاء وعدن والمجتمع الدولي للسماح للبنوك بتقديم خدماتها بمهنية لجميع المواطنين، سواء في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب. أضاف أن البنوك والمواطنين ليسوا في وضع يسمح بتقبل قرارات مثل نقل المقرات في ظل الظروف الحالية.

واقع الأسعار في رمضان

في رمضان، تتعارض تقاليد الكرم مع الواقع الاقتصادي القاسي. بلغ سعر الريال يوم الثلاثاء 11 مارس 2025 نحو 535 ريالًا مقابل الدولار في مناطق الحوثيين، بينما انخفض إلى 2330 ريالًا في الجنوب. هذا التفاوت يحد من إمكانية حصول المواطنين على السلع الأساسية، مما يفاقم معاناتهم في ظل تراجع الدخل وارتفاع الأسعار، ويجعل من الصعب على الكثيرين تلبية احتياجاتهم الأساسية، ناهيك عن العادات الرمضانية.

الانقسام الاقتصادي في اليمن، الناتج عن الصراع المستمر منذ 2014، أدى إلى نظام نقدي موازٍ يعمق الأزمة الإنسانية، خاصة خلال رمضان. بينما يتبادل الحوثيون والحكومة الاتهامات، يظل المواطنون الضحية الأبرز، محاصرين بين تدهور العملة وانعدام القدرة الشرائية. يبقى تحييد القطاع المصرفي وإيجاد حلول اقتصادية موحدة مطلبًا عاجلاً لتخفيف معاناة اليمنيين في ظل هذا الواقع المرير.