أنيس الشرفي يكتب لـ(اليوم الثامن):

دلالات تصريح الخبجي

لم يأت تصريح الخبجي ليعبر عن وجهة نظر شخصية أو للحصول على مصالح ذاتية هو في غنى عنها، بل جاء التصريح ليعبر عن مطالب ومرتكزات طالما أكد عليها الشعب الجنوبي، في جميع فعالياته الجماهيرية.

لقد قدم الجنوب قيادة وشعب ممثلاً بالمجلس الانتقالي الذي جاء ليتوج جهود ومساعي على مدى أكثر من عشر سنوات قادتها مختلف فصائل ومكونات الحراك الجنوبي السلمي، ثم سارت على نفس الخطى المقاومة الجنوبية، ليأتي المجلس كنتاج لجهد جمعي تراكمي بذل الجميع جهود كبيرة للوصول إليه.

وإزاء ذلك أثبتت المقاومة الجنوبية خلال الحرب منذ شهر مارس 2015 وحتى اليوم، مدى استماتتها وثباتها في الدفاع عن العقيدة والأرض والعرض أولاً، ثم في رسوخ قناعاتها الداعمة للتحالف العربي من خلال إيفاد أبناء الجنوب لقتال ميليشيات الحوثي إلى جانب قوات التحالف العربي خارج الأراضي الجنوبية، رداً لجمائل التحالف ودوره في تحرير الجنوب، وتأكيداً منهم على أن الجنوب لن يكون إلا في صف جواره ومحيطه العربي، مقدماً في سبيل ذلك الكثير من التضحيات ومحققاً العديد من الإنتصارات على امتداد جبهات الساحل الغربي، وفي البقع وحتى في مأرب ذاتها التي ترزح فيها قوات حزب الإصلاح بأعداد هائلة تتجاوز حاجز المائة وخمسون ألف مقاتل بالاضافة إلى امتلاكها لإمكانيات كبيرة، دون أن تحقق أي إنتصار يذكر، على النقيض مما تحققه المقاومة الجنوبية رغم حداثة نشأتها وشحة إمكانياتها وقلة خبرات أفرادها.

لطالما عمد الجنوبيين لمداراة آلامهم وتجاهل معاناتهم جراء تخاذل الشرعية، وتجاهل التحالف العربي لما يتجرعونه من كأس الحكومة القائمة على تقاسم السلطات بين قوى النفوذ القديم المتجدد، يسقيهم إياه الأحمر وبن دغر سماً زعافاً، دون أن يصار إلى إيجاد معالجة تبتتر الورم وتزيل الألم، وتطبب جراح الجسد الجنوبي الذي تستنزف دمائه على إمتداد جبهات القتال داخل الجنوب وخارجه وصولاً إلى الحدود مع المملكة في جبهة البقع التي قدم فيها الجنوب العشرات من رجاله المغاوير وأبطاله المستبسلين.

على الجانب الآخر لطالما عمدت القوى السياسية الشمالية إلى ابتزاز التحالف العربي للحصول على مزيد من الدعم والتمكين دون العمل بالمقابل على تقديم أي تضحيات أو تحقيق أي إنتصارات على الأرض.

أمام ذلك ولتدارك ما يمكن أن تحدثه تلك القوى المعادية لشعب الجنوب في حاضره ومستقبله، كان لزاماً علينا جميعاً أن نستشعر حجم مخططات العدو، لنقود بموازاتها حملة ضغط لإصلاح مسار العلاقة وإيضاح موقع الجنوب في أي استحقاقات سياسية قادمة، حتى لا يغيب صوت المطالب فيغيب معه حق الجنوب بتقرير مصيره، وايجاد معالجة عادلة للقضية الجنوبية بما يرتضيه ويقره الشعب الجنوبي.