أحمد عبداللاه يكتب:

التحالف والشرعية.. تعقيدات ومفارقات

نجحت "دوائر" في تقديم الرئيس الشرعي على أنه يمثل طرف واحد وحزب واحد وطيف واحد، وأرادوه أن لا يبقى حاكماً على الجميع وأن لا يتفهم التعقيدات الهائلة التي يمر بها اليمن، وخاصة المتغيرات الجوهرية التي أحدثتها الحرب، وأن لا يكون سند للإقليم وللعالم في فهم خارطة الواقع والبحث عن تسوية شاملة في الجنوب والشمال. تلك هي المعضلة الآن، وهي القضية التي خلقت تعقيدات ومفارقات على الأرض

الدول الكبرى تتدخل لحماية مصالحها خلف المحيطات وخلف البحار وكذلك تفعل دول المنطقة، مثل تركيا وإيران، بدافع الطموحات أو درء الأخطار المزعومة أو لأي سبب آخر، دون أن يستنجد بها رئيس أو حكومة شرعية، وهي من تحيك قميص عثمان وتلونه وترفعه في وجه العالم لتبرير حروبها.

دول التحالف كانت بحاجة إلى نداء استغاثة لتحاجج به العالم، لكنها لم تفلح في أن تضع السلطة الشرعية على مسارات المواجهة الفاعلة، وتجعلها تقدم للعالم ما يثبت التفاف الشعب حولها وبأنها تتمتع بعقل ديناميكي يتفاعل بإيقاع متسارع مع المتغيرات.

ربما بعد ثلاث سنوات حرب أدرك التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية بأنه لم يكن بحاجة ماسة إلى ذريعة ليدافع عن بقائه ويواجه إيران بعد أن أسقطت عواصم ودول عربية ووصلت إلى البوابة الخلفية للمملكة وأصبحت الصواريخ البالستية تهدد المدن في جغرافيا الجزيرة العربية؟ فلماذا قد يحتاج الى ذريعة تحصر أهدافه وقد تجرجره نحو الفشل التاريخي؟ وبإمكانه أن يواجه العالم بحقائق أنه يدافع عن وجوده، وأن اليمن بحاجة الى حلول شاملة تنهي سيطرة المجموعات الدينية ذات الولاءات الخارجية بمسميات الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي الذي يهدف في آخر المطاف للسيطرة على المنطقة بأكملها ويلحقها إما بإيران أو بتركيا أو بهما معاً!

مجلس الأمن بقراراته وبنوده وفصوله، يبحث اليوم عن أي حل بعد أن أرهقته التعقيدات الآخذة في التوسع و"التفرع" وهناك تململ واضح جراء انسداد الأفق تجاه الحل العسكري والحلول السياسية، ولم تعد الشرعية بالنسبة له سوى طرف رمزي يتضاءل مع الوقت، فيما الآخرون هم من يحدد ويرسم قواعد الصراع.

 

من جانب آخر يرصد متابعون بطء تفاعل دول التحالف مع تعقيد الأوضاع في المناطق المحررة، لأنها تسكت عن حق الناس، وأمام "ناظريها" يسوء الواقع، بينما تنمو طبقة من مستثمري الدم، تكدس الأموال وتحتكر الوظيفة العامة وتتحول إلى كارتيل استنزاف لمقدرات البلد، وتكاد تحبس الهواء عن صدور المعدمين. ذلك مؤشر ارتباك، سيجعل تدخل التحالف العربي، إذا لم يتدارك الأداء الكارثي للسلطة، سابقة غير محمودة.

 

هناك بالتأكيد دعم مستمر من التحالف في بناء تشكيلات عسكرية للمناطق الجنوبية المحررة، تحتمه ضرورة حماية المجتمع من السقوط في الفوضى أو بيد الإرهاب. لكن أحداً لا ينتبه إلى نضوب الحياة الحقيقية في أرواح البشر وانعدام وسائل العيش وانتشار الفتن تحت رعاية رسمية وحزبية، مع السعي الحثيث لتمكين حزب بعينه من المناطق المحررة. وهذا هو سبب تصاعد الغضب الشعبي، وقد يكون سبب قوي لتدهور الأوضاع، خاصة وأن الإرهاب الذي يضرب حصريا عدن وبعض مناطق الجنوب، مدعوم لوجستياً وسياسياً واعلامياً، وتلك ظاهرة غير مسبوقة.

 

عدن اختبار نهائي لصمود "تحالف دعم الشرعية" فإذا ضعفت وساد فيها البؤس والضياع(لا سمح الله) حتى معنوياً ستضعف معها جبهات ومناطق وإرادات، وتتغير المعادلات على الأرض، ويعود الجميع الى نقطة تحت الصفر، وهذا ما يسعى له البعض لأن يصبح التحالف العربي نكتة العصر.

فهل تستسلم دول التحالف لهذه الرتابة الخطرة وتسير على إيقاع السلطة الشرعية محصورة بأهداف تقيدها طوبوغرافيا المعارك وأمزجة الكراسي وأيديولوجيا الأحزاب، أم تجد سبيلاً لإعداد الأرض لتسويات كبرى تؤسس لاستقرار نهائي في الجنوب وفي الشمال…؟؟

القادم مهم للغاية.